يا حامل العمامة.. اعرف تحدياتك
حبيب محمود |
حسناً؛ فلننتبه إلى فارق هائل يفرز بين ظاهرتين، في زمنين مختلفين، متباعدين. ظاهرة سؤال رجل الدين عن كل شيء، وظاهرة تجاهل سؤاله عن أكثر الأشياء أهمية. انتقال الناس من الظاهرة الأولى إلى الثانية؛ لا علاقة له بتدين الناس، بل بتعدد مصادر المعرفة.
الناس لم يخرجوا من الدين. إنهم يصلون ويصومون ويحجون، ويدفنون موتاهم على طريقة دينية. الناس باتوا يعرفون أكثر من مصادر غير رجل الدين. وكثيرٌ منهم يعرف ما لا يعرفه رجل الدين نفسه. كثيرٌ منهم يشغل تخصّصاً لا يقل خطورة وأهمية عن تخصص رجل الدين، ولديه تأثيرٌ يفوق تأثير رجل الدين.
في سابقٍ بعيد من الزمن؛ قدّم رجل الدين إجاباته لطالبي المعرفة، في بيئةٍ لا طريق فيها إلى المعرفة؛ إلا إمام الجماعة، أو واعظ المتربعين في المجلس أو الحسينية. إجابات لا تنحصر في تخصص الفقه والعقيدة، بل تتسع لتشمل كل شيء، بما في ذلك الطب والصحة العامة، في تفاصيل “فنية”، لا فقهية.
وقف رجل الدين في مكانه؛ فيما تقدّم المجتمع منفتحاً على فضاءات معرفية لا حدّ لها. خرج المجتمع من الصندوق؛ فيما بقي رجل الدين في الصندوق القديم. أسئلة الناس التي كانت باحثة عن المعرفة؛ تحولت إلى أسئلة إشكالية مركّبة. كلام المعمم الذي كان حاسماً؛ بات محلّ مساءلة اجتماعية وثقافية وعلمية أيضاً.
الخطبة المؤثرة في جماهير الناس تأثيراً مباشراً؛ تواجه خطر مقاومة داخل بيئتها نفسها، ومن قِبل الفئة المستهدفة منها. الفتوى التي كان لها مفعول السحر وسرعة انتشار النار في البنزين؛ تواجهها فتوى مضادّة؛ تحدث ارتباكاً متموجاً حتى في دائرة المحافظين المتعبّدين.
الهيبة التي كانت تحرك وجدان الناس لمجرد مرور “شيخ” في الطريق؛ لم تعد تظهر إلا عند دخول إمام الجماعة مسجده وقت الصلاة.
ثمة مكتسبات حصل عليها رجل الدين في التاريخ الاجتماعي؛ باتت في حكم الفلكلور المحفوظ في صناديق الذاكرة الجمعية، فيما العقلية الجمعية، نفسها، تجهد في الهروب من الماضوية بكل تبعات زمنها وتعقيداته. تحاول التحرر من سطوة المعرفة التي تجعل من التخصص “الفقهي” حاكماً لكل شيء، وعلى نحو لا تجوز معه حتى المناقشة المنطقية..!
لم يخرج الناس عن دينهم، ولم ينسحبوا من ضوابطه في تنظيم حياتهم، ولا يفكرون في غيره بديلاً. لكنهم لم يعودوا يقتنعون بإنسانٍ مثلهم يتحدث في كل شيء، ويعرف كل شيء، ويتلقّى الأسئلة حتى من خارج تخصصه.
الناس خرجوا من الصندوق، ولم يعودوا يفكرون من داخله. ومن تحديات رجل الدين الراهنة؛ هو بقاؤه في الصندوق نفسه الذي كان فيه قبل نصف قرن..!
لا اقول الا اشتباه من الكاتب الاستاذ حبيب محمود حفظه الله بحث لم يوفق فيه والبحث ينمو عن عدم معرفة واطلاع على دراسة و عمل طالب العلم ومسؤولياته وما هذا الا نتيجة القراءات القشرية من هنا وهناك وايضا التنوع وعدم التخصص لاننا نرى الاستاذ حبيب حفظه الله انه يكتب في كل شيء وهذا ما اضعفه ككاتب او باحث الافضل ان يتخصص في مجال هو يميل اليه كمحلل رياضي مثلا او اقتصادي او غير ذلك
موضوع صحيح وجميل ان نقرأه من هذه الجهة.. لكل مهنة مفتاح نجاحها الذي يرتكز على قوة وبراعة وادراك صاحبها في ادائها. ولكن مهمّة (مهنة) رجل الدين، فليست الخبرة او المعرفة هي التي تصنع له مكانته في المجتمع بقدر ما تساعد في ذلك قلة معرفة الجمهور وجهلهم، حيث يكونوا بحاجة الى دليل يرشدهم ويهديهم الى ما لا يعرفونه. وفي ما سبق كانت الناس لا تمل من الاستماع الى كل ما يقال على منبر رجل الدين ولا تتردد في تنفيذ نصائحه دون التفكير حتى في صحتها ومنطقها. في يومنا هذا بات على رجل الدين ان يكون ملمّا ومدركا لكل ما تختلجه الناس من اسئلة وعليه ان يبحث ويدرس ليكوّن له موقعه بين المجتمع.
للاسف نجد بعض من هم مستجدّون في مهنة رجل الدين، يحاولون اللجوء الى بعض (التخريفات) لشد الجمهور، وهنا تكون المشكلة اذا كان المتلقي قابلا لتصديق كل ما يقال.