الإيموجي حمّال أوجه ومعضلة تواصلية

ترجمة عدنان أحمد الحاجي
أصبحت الصور الرمزية (الـ إيموجي) (1)، بالإضافة إلى الميمات (2) وغيرها من أشكال المحتوى القصير، أساسية في أساليب تعبيرنا عن أنفسنا وتواصلنا على منصات التواصل الاجتماعي أو غيرها من المنصات الرقمية مع غيرنا. ومع ذلك، ومع انزياح المعاني في جميع السياقات المختلفة، احتمالية أن يؤدي استخدامها إلى سوء الفهم الآخذة في الازدياد.
زميلي من كبار السن صادف مؤخرًا بعض التعليقات تتعلق بـ إيموجي الوجه “المبتسم قليلًا (أو المبتسم بشكل بسيط)”: 🙂
اتصل بي، وسألني عما إذا كان هذا الإيموجي يمثل فرحًا، كما افتُرض لأول وهلة، وأنه يرمز إلى معنىً مشؤوم ينذر بالسوء.
بصفتي من جيل الألفية (3) الذي يستخدم منصات التواصل الاجتماعي بشكل مزمن، ويُعرّف نفسه بجد بأنه من جيل Z (وهو الجيل الدي يلي جيل الألفية) (4)، فقد تحمّلتّ على مضض خبر أنني، مثل معظم الشباب أو الشابات من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لا نستخدمه إلا للتهكم أو عدم الجدية.
“فهو لا يدل في الواقع على السعادة – بل على سعادة زائفة، أو دعابة جافة (التي لا يبدو على وجه صاحبها أي انفعال)”، كما أوضحتُ لهذا الزميل.
أخبرته أيضًا أن رمز الإبهام المرفوع 👍 غالبًا ما يُفسَّر على أنه نمط من التعبير غير المباشر عن مشاعر سلبية مضمرة تجاه الأخر، أنا شخصيًا لا أستخدم إيموجي الضاحك الباكي (وجهٌ تظهر عليه دموع الفرح 😂) إلا إذا كنتْ مضطرة لذلك.
بالرغم من أن الصور الرمزية (إيموجي) تبدو لغة عالمية – وهي أحيانًا تؤدي وظيفتها بهذا الأسلوب – إلا أنها قد تحمل معاني أكثر غموضًا وفي نفس الوقت أكثر خصوصية مما تحمله الكلمات (الأبجدية). ذلك لأنه لا يمكن للمرء أن يميز بين معنى إيموجي الوجه المبتسم من الشخص الذي أرسله، ولا من الشخص المستقبل له.
علامات تتعلق بالسن وبالهوية
بالرغم من أن الإموجيات قد ظهرت في أواخر التسعينيات من القرن الماضي على يد الفنان الياباني شيجيتاكا كوريتا Shigetaka Kurita لإضفاء لمسة انفعالية على الرسائل النصية (5)، إلا أن وظيفتها استمرت في التطور منذ ذلك الحين.
اليوم، لم تعد الإموجيات مجرد صور أو علامات أو إشارات انفعالية، بل أصبحت أيضًا رموزًا ثقافية (6) وعلامات هُوية [علامات الهوية هي سمات تدل على انتماء الفرد، وتُعطيه شعورًا بهذا الانتماء وتُميّزه عن الآخرين. وقد تكون هذه العلامات ظاهرة أو غير ظاهرة].
الدراسة المنشورة العام الماضي تُسلّط الضوء على كيف ساهمت الإموجيات في خلق حواجز ضمنية (غير ظاهرة، ومنها تلك المتعلقة بالانحيازات الضمنية) تعيق التواصل بين الفئات العمرية. على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت على مستخدمي تطبيق ويتشات WeChat للناطقين بالصينية (7) أن الشباب وكبار السن يختلفون ليس فقط في وتيرة استخدامهم للايموجيات، بل في كيف يفسرونها ومدى تفضيلهم لها من الناحية الجمالية. ومن الايموجيات التي أصبحت علامة مميزة على السن إيموجي الوجه الضاحك الباكي المذكور سابقًا (😂). بالرغم من اختياره من قبل قاموس أكسفورد كلمة العام لعام 2015، وتصدُّره قوائم الإيموجيات الأكثر استخدامًا (8)، إلا أن استخدام هذا الإيموجي آخذ في الانحسار (9) بين أفراد جيل Z- الذين قرروا في عام 2020 أن هذا الإيموجي لم يعد جذابًا (10).
بدلاً من ايموجي الوجه الضاحك الباكي، بدأ جيل Z في تفضيل إيموجي الجمجمة (💀)، وهو اختصار لعبارة “أنا ميت” الشائعة بين جيل Z. هذا يعني أن هناك شيئًا مضحكًا أو مفرحًا (ولا يعني حرفيًا أنا ميت).
قد تُربك هذه الانزياحات في المعاني جيل كبار السن غير المُلِم بهذه المعايير والمصطلحات العامية الجديدة.
لغة الجسد الرقمية
قد يكون للإيموجيات معانٍ مُتباينة على منصات محلية مُختلفة. فهي مُدمجة في “لغة المنصة”: أساليب التواصل المُتطورة باستمرار والتي تنفرد بها فضاءات رقمية مُعينة.
على سبيل المثال، إيموجي الإبهام المرفوع إلى الأعلى (👍) من رئيسك في العمل قد يكون أكثر قبولًا وأقل إثارة للقلق من نفس الرمز الذي جاء ردًا على رسالة نصية خاطر بإرسالها شخص إلى شخص آخر تنطوي على نوع من الإعجاب الرومانسي به.
بينت نتائج استبانة، أجرتها شركة YouGov وشركة Atlassian للبرمجيات على 10,000 موظف في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا والهند وأستراليا، أن 65% من العمال يستخدمون الإيموجيات للتعبير عن مشاعرهم في أماكن عملهم. بينما رأى 88% من الموظفين من جيل Z أن الإيموجيات مفيدة، لكن هذه النسبة انخفضت إلى 49% لدى جيل طفرة المواليد (11) وجيل إكس (12).
وخلصت نتائج الاستبانة إلى أن بعض الإيموجيات يمكن تفسيرها بطرق متعددة (مما يعني أنها حمالة أوجه من ناحية المعنى)، وأن هذه المعاني المزدوجة ليست آمنة الاستخدام دائمًا بين الموظفين في أماكن العمل.
ومن الأمثلة الأخرى على استخدام الإيموجيات الخاصة بمنصات التواصل الاجتماعي، نجد صانعي المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي يستخدمونها لإضفاء لمسة جمالية معينة على ذلك المحتوى.
إذن، الإيموجيات ليست مجرد أدوات للتعبير، بل هي شارات هوية تُشير إلى مكانة المستخدم في التراتبية الهرمية الثقافية الرقمية [التراتبية الهرمية الثقافية الرقمية هي تراتبية متصوَّرة مستدلة من الأنشطة أو المحتوى التي يشاركها الأفراد على المنصات الرقمية، والتي بدورها تؤثر في المكانة الاجتماعية أو البرستيج الاجتماعي الناتج عنها، مما يعكس ويعزز غالبًا التراتبية الهرمية الاجتماعية في الحياة الواقعية. هذه التراتبية الهرمية ليست موضوعية بالضرورة، بل هي نتيجة لتصورات وافتراضات مشتركة حول ما يُعتبر “ذا مكانة اجتماعية رفيعة ” أو “ذا مكانة اجتماعية وضيعة ” في السياقات الرقمية].
هناك تشظي في كيف نتواصل.
قد يكون أحد الإيموجيات معبرًا عن السخرية أو عن الصدق أو الإخلاص أو عن التهكم، وذلك بحسب نية من استخدمه (أرسله)، والمنصة التي يستخدمها، والجيل الذي ينتمي إليه.
هذه الفجوة تشير إلى تساؤلات عميقة حول القدرة على استخدام الإنترنت والانخراط والمشاركة والتفاعل على شبكات التواصل الاجتماعية، والأنظمة التي تُشكّل ثقافات الإنترنت (13).
وعندما يصبح معنى الإيموجي مرتبطًا بمنصة التواصل الاجتماعي وبحسب التراتبية الهرمية الاجتماعية، فقد يُصبح مُرتبطًا بالتوافق والاندماج مع المجموعة الثقافية المُحددة التي ينتمي إليها المستخدم أكثر من ارتباطها بالتعبير عن الانفعالات الشخصية.
ــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/إيموجي
2- “الميم هو مصطلح يقصد به فكرة أو تصرف أو أسلوب والذي ينتشر من شخص إلى آخر داخل ثقافة ما غالبا بهدف نقل ظاهرة معينة، أو معنى متمثلًا في الميم. يعمل الميم كوحدة لحمل الأفكار الثقافية أو الرموز أو الممارسات، والتي يمكن أن تنتقل من شخص إلى آخر من خلال الكتابة، أو الحديث، أو الإيماءات، أو الطقوس، أو أي ظاهرة أخرى قابلة للتقليد يربط بينها صورة عامة.” مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/ميم_(وحدة)
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/جيل_الألفية
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/الجيل_زد
5- https://firstmonday.org/ojs/index.php/fm/article/view/9401
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/أيقونة_ثقافية
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/وي_تشات
8- https://languages.oup.com/word-of-the-year/2015/
9- https://www.buzzfeed.com/shelbyheinrich/gen-z-millennial-laughing-crying-emoji
10- https://www.stylist.co.uk/news/laugh-cry-emoji-tiktok/487161
11- https://ar.wikipedia.org/wiki/طفرة_المواليد
12- https://ar.wikipedia.org/wiki/الجيل_إكس
13- https://ar.wikipedia.org/wiki/ثقافة_الإنترنت
المصدر الرئيس
https://theconversation.com/thumbs-up-good-or-passive-aggressive-how-emojis-became-the-most-confusing-kind-of-online-language-259151