سماهر الضامن تبحث عن ذكريات نساء القطيف في آثار القلعة سياسة الجدران في العمارة القديمة.. و "حجاب المكان" في "البيت العود"
القطيف: صُبرة
بعيون تستنطق الجدران وتبحثُ عن ذاكرة النساء في الأمكنة؛ بدأت الأستاذ المساعد في كلية الآداب بجامعة الملك سعود الدكتورة سماهر الضامن، صباح اليوم، جولة ميدانية شملت منازل تاريخية في المنطقة المتبقية من آثار قلعة القطيف.
فكرة الجولة ـ حسب الضامن ـ ممتدّة من مشروع بحث في الوظيفة الأيديولوجية والجندرية للعمارة بدأته، قبل أشهر، لدراسة وضع المرأة والأدوار الاجتماعية في المجتمع القديم، من خلال طرق العمارة وأساليبها الإنشائية التي تعكس تصور المجتمع القديم لأدوار جندرية معينة في المسكن، والعلاقات بين من يتشاركون فيه من المحارم وغير المحارم، وكيف كانت المرأة تعيش حياتها اليومية، ضمن إطار ما لدى المجتمع من عادات وتقاليد وثقافة سائدة.
مدني وريفي وبحري
البحث الذي تعمل عليه الضامن يحمل عنواناً مبدئياً هو “الوظيفة الأيديولوجية للعمارة في المملكة”، المرحلة الأولى التي انطلقت منها هي محافظة القطيف، ومناطق استهدافها هي منازل السكان القديمة والحديثة، وهدف الضامن هو مقارنة أشكال العمارة بعضها ببعض، والفروق “الوظيفية” في المجتمع المدني والريفي والبحري ما قبل النفط وما بعده.
وجولة اليوم؛ تركّزت على نمط العمارة في مجتمع قلعة القطيف القديمة، بوصفه ممثلاً للطبقة الميسورة، وكيف كان الناس يبنون منازلهم، ويوزعون غرفها وخدماتها تبعاً للاحتياج الفعلي، وبمراعاة البيئة والطقس، وبالعمل بمحاذير “حرمة” المنزل، وموقع المرأة من هذه الحرمة.
حرمة المنزل.. والمرأة
الضامن؛ خرجت بملاحظات أولية، حسب تعبيرها، بأن هناك مستويات من التعامل مع مفهوم “حرمة” المنزل القديم، مقارنة بوضعنا الراهن.
المنزل القديم كان قابلاً لأن يؤوي أسرة ممتدة، مكونة من جدّ وجدة وأبناءً وزوجات أبناء وأحفاد. وهذا ما كان يُعرف بـ “البيت العَوْد”، أو “البيت الكبير”. وهذا الوضع فرض “حجاباً مكانياً” على المرأة، وتمثّل هذا الحجاب في قصر “خصوصية” المرأة (زوجة الابن) في غرفتها الخاصة، بحيث لا يمكنها مغادرة هذه الغرفة إلا باستعمال “حجاب” آخر هو الثوب الساتر والخمار”.
مناطق مشتركة
بالطبع ـ ترى الضامن ـ أن المنزل “الكبير” له صفاتٌ كثيرة دالّة على موقع مالكه من المجتمع، وقدرته المادية. فهناك مناطق في المنزل خاصة بالرجل، مثل “المجلس” و “الخلوة”. وهناك مناطق مشتركة في المبنى الواحد الذي قد يتكون من غرف من جهاتٍ أربع ووسطها فناء. إضافة إلى مناطق خاصة بالخدمات، مثل درة المياه والمطبخ ومخزن التمر “الكندوج”، وما أشبه.
وهذا يُشير إلى وجود سياسات عائلية يُمكن فهمها من خلال المكان، وهي تفسّر العلاقات بين الأفراد، وبين العائلات، وكيف يتعاملون مع الخصوصية.. حرمة البيوت.. وماذا تعني الحرمة، وكيف يتحول مفهوم هذه الكلمة إلى جدران وزوايا.. إلى شكل معماري يضع السلّم في مكان قريب من المدخل مثلاً، ويضع المجلس في موقع بعيد عن المنطقة المشتركة.
محارم وغير محارم
تضيف الضامن “المناطق الخاصة تطل على مناطق مشتركة.. أبواباً ونوافذ، وكلّ ذلك مصمم عبر قوانين غير مكتوبة، بل هي أمور متعارفة وقائمة على مفاهيم دينية مثل “غض البصر”، و “خفض الصوت”. وهي لا تقتصر على الضيوف فحسب، بل تشمل حتى سكان المنزل من غير المحارم، مثل أخ الزوج، وأبناء أخ الزوج، والأقارب الآخرين الذين يحصلون على ميزة دخول المنزل”.
نطاق محدود
الملاحظات الأولية التي خرجت بها الضامن الجولة الأولى تقول إن “المنطقة المشتركة ليست كبيرة.. ليست واسعة.. وهي تجعل من التقارب أكثر، ولذلك ينعكس هذا التقارب على الملابس والحجاب، خاصة في “البيت الكبير”. فتضطر المرأة إلى ألا تجد “خصوصية” كافية لحركتها داخل المنزل إلا في نطاق محدود. وهذا يختلف عن وضعنا الراهن، حيث لم يعد هناك “بيت كبير”، بل اصبح لكلّ زوجة “شقتها” الخاصة في الحدّ الأدنى، وبالتالي؛ فإن حركاتها أوسع بكثير مما كانت عليه من قبل..
اشكر الاستاذة على هذا الجهد الطيب
في توثيق حقبة زمنية من حقب وطننا الغالي
وبالخصوص من مجتمعنا القطيفي
ان مهمة البحث والتقصي تحتاج لجهود جبارة تتطلب من استاذتنا الضامن وهي اهلا لهذا
ان تستعين ببعض من سبقوها في هذا المجال
كالشاعر والبحاث المحقق سيد عدنان العوامي
ابو احمد لستنير من فكره وخبرته الكبيرة
كل التوفيق للأستاذة
سماهر الضامن