[نخيل القطيف] ثلاثي “التغريش”: خواجي.. أم عِدْقْ.. صَبُوْ…!
صُبرة: خاص
التغريش ـ في لهجة القطيف الريفية ـ هو اكتمال نضوج الرطبة وتماسك قوامها. في هذه الحالة لا تكون رطبة ولا تمرة، بل بين بين. “التغريش” هو آخر مرحلة “الإرطاب”. وبعده تبدأ الثمرة في التحول إلى “الإتمار”، أي تبدأ في فقد مادتها السائلة، ويصبح قوامها مكثّفاً، وسكّرها أكثر وضوحاً، ولونها يُصبح داكناً أكثر. والثمار ذات الألوان الصفراء تتحوّل إلى البني، فيما تتحول ذات الألوان الحمراء إلى السواد..!
وفي القطيف؛ ثلاثة أصناف تتميز بكونها ثمار “تغريش”، أي أنها تكون أطيب في هذه الحالة من حالة البسر وحالة الإتمار. هذه الأصناف هي: الخواجي، وأم عِدْق، والصَّبُوْ. وجميعها تتميز بسكرها “البارد”، وهو تعبير فلاحي في القطيف يعني السكر المتوسط..!
وهناك السكر “الحار”، أي الشديد اللاذع، كما في الخنيزي والحلّاو الأحمر..!
وهناك “المالح”، ويعني ـ عند فلاحي القطيف ـ السكر القليل جديداً، كما في صنف “البريكي” وصنف “السّلمي”..!
يُعرف في القطيف أيضاً بـ “خواويي” و “خواوي” و “خواجي”. وفي البحرين يُعرف بـ “خواجة”. وهناك اهتمامٌ متنامٍ بهذا الصنف الممتاز من رطب القطيف. ويمكن رصده في مواقع كثيرة.
ينضجُ “الخواجي” في أواخر منتصف الموسم. وقد يبكّر بعضه في أواخر يوليو. قليل الليف، طيّبٌ جداً، عطر النكهة، خاصةً حين يكون مرطّباً تماماً. وسكّره باردٌ مثل الصّبُوْ وأم عدق. ولذلك يصلح في صناعة الحَلْوَيَات، وبالذات الوجبة المعروفة بـ “العَفُّوسَة”.
ولأن مادة “التانين” عالية فيه؛ فإن طعمه لا يكون مقبولاً إلا في حالة “التغريش”، أي حين تتحلل مادة “التانين” تماماً تقريباً.
أُمْ عِدْقْ
النخلة موجودة في سَيحاتِ القطيف قبل أجيال كثيرة، وشهادات الفلّاحين عنها تـُكثر من الإشارة إلى هذا الوجود الذي أخذ في التراجع في العقود الأخيرة. إلا أن هناك من حافظ عليها أكثر من غيره. وهذا عين ما حدث في العوامية، فقد حرص فلاحوها، أكثر من غيرهم، على استمرارها في بساتينهم.
لا توجد معلوماتٌ صارمة عن وجودها التاريخي في القطيف، ولا جلبها من خارجها، عدا ما ذكره عبدالجبار البكر سنة 1951. فحين تحدّث عنها صنّفها ضمن الأنواع “النادرة”. وهذا التصنيف يُرجّح قِصر عمر وجودها. كما يرجّح كونها من “الخصاب البيضاء”. أي أنها ليست نخلة ذات سلالة عميقة، كما هو حال الغُرّه والخنيزي والبكيرات. بل هي خُصبة طيبة الثمر، رسّخت وجودها.
ومن اسمها الغريب؛ يُفهم أن فسيلتها الأولى لم تكن تُنتج أكثر من عذق واحد، فسُمِّيت “أم عدگ”، على الرغم من أن إنتاج عذق واحد فقط ظاهرة شائعٌة بين النخيل في سنوات الإثمار الأولى.
ثمرة النخلة لا يمكن الحصول عليها في السوق. هي ما زالت نادرة، وكمّيات إنتاجها دون المستوى التجاري، وليس لديها شهرة تُسوّقها، كما هو حال الخلاص والأصناف الشائعة. وأصحابها لا يبيعون رطبها، بل يهدونه إلى أحبتهم.
تنضج النخلة بين وسط الموسم وآخره، وسط أغسطس آب وبداية سبتمبر أيلول. وكمية مادة “التانين” فيها قليلة جداً. لذلك تطيب بسراً ورطباً. وأشهاها حين تُرْطِب تماماً. ففي هذه الحالة يُصبح طعمها شبيهاً جداً بطعم حلوى “العفُّوسة”، واضحة النكهة، طرية المضغ.
بسر “أم عدق”، من نخل سعود صليلي، مزارع الرامس، العوامية، القطيف السعودية. 22 يوليو تموز 2017.
صَبُوْ…!
لا أُمْ.. ولا أُبوْ…!
يمكن وصف “الصَّبُوْ” بأنه من عائلة “الأصابع”. شكل ثمرته بيضي، عريض في الوسط، نحيف القطبين، قصير. وما يميّزه، أكثر، هو بروز قمعه أكثر من غيره من سائر الرطب.
لحمه شبه خالٍ من الألياف، سكّره باردٌ. يمكن أكله بسراً ورطباً وتمراً. لكنّ أطيبه هو المُرطب المتماسك “امْغرّشْ”.
حسب المزارع أحمد الخويلدي والمشاهدة الشخصية؛ فإن نخلة “الصَّبُوْ” نحيفة دائماً، ولون سعفها فاتح الاخضرار، ومتباعد في أصوله، لذلك فهو غير كثيف، وشوكها قصير ومُتباعد.
الصور:
نخلة صبو وثمرها، حيث يظهر بروز القمع. ويظهر في الصور فتحي عاشور برفقة المزارع أحمد الخويلدي، في نخل “أبو قرين”، سيحة القديح، القطيف السعودية. 14 سبتمبر أيلول 2017.
وماذا عن الماجي؟ هو كذلك لايطيب أكله إلا إذا أكتمل نضجه.