توزيعات عاشوراء.. المعلبات تنافس العيش المطبوخ العادة السنوية تطورت حفاظاً على النعمة واستمرار الكرم

القطيف: ليلى العوامي، معصومة المقرقش
قديماً؛ كان الطعام المطبوخ طريقةً من طرق ضيافة حضور المآتم في عاشوراء، ويُخصّصُ جزءٌ منه لتوزيعه على سكان الحيّ المحيط بالمأتم. وُلدت العادة في أزمنة الجوع، وقلة الطعام، فكان إطعام الناس في مآتم عاشوراء تعبيراً عن الكرم الاجتماعيّ الذي يستجيب مع حاجات الناس.
الدنيا تغيّرت، ولم تعد هناك حاجة ماسّة إلى إطعام الناس، لكن العادة استمرّت سنوياً، وصار “عيش لـحْسين” وجبة يحبه الناس، ويتفننون في إعدادها، وبرز “المحموس” و “البرياني” و “الكبسة” التي يعدّها أصحاب المآتم بأنفسهم. ثم تطوّرت الطريقة إلى تأمين الوجبات عبر مطاعم ومطابخ، بحيث يفيض ما يُعدّ عن الحاجة، ويتحوّل كثيرٌ من الطعام المطبوخ إلى هدرٍ يواجه كثيراً من الجدل والنقاش.
ومن هذا التفكير الناقد؛ ولدت عادة جديدة، هي تقديم الطعام غير المطبوخ، وتوزيع المعلبات أيضاً، لوضع حدّ للهدر، ويُصبح بإمكان تناول ما يتمّ توزيعه في أي وقت خارج وقت المأتم.
وما إن يحلُّ شهر محرم حتى يبدأ القائمون على على مجالس العزاء بالتجهيز، بدءاً من المكان انتهاءً بالتوزيعات التي يتم توزيعها على الحضور. إلا أن الأمر تطوّر عن ذلك بكثير، فلم تعد أكياس المعكرونة والرز والسكر حصراً، بل تجاوزها إلى الأواني والمعلبات، بل حتى أكياس النفايات والسفر، بل وأدوات التنظيف والشموع والأقلام، وسلع يمكن وصفها بأنها بضائع سوبرماركت.
في مجلس الزهراء، أحد المآتم النسائية في سيهات، يتم توزيع طعام غير مطبوخ، ماعدا ليلتين فقط، هي ليلة السابع وليلة العاشر فإنها تفضل توزيع الطعام المطبوخ كالأرز ومرقة اللحم.
بقوليات وقشطة
وتقول عالية آل مطر، وهي من كوادر المجلس “مجلسنا منذ بدأ وهو يعتمد توزيعات طعام غير مطبوخ، مثل البقوليات والجريش والهريس والزيت والقشطة، وعلب الحليب، ليكون توزيع كل ليلة مختلفاً عن الأخرى.”
تضيف “توزع حبوب البقوليات في أكياس خاصة محفوظة ومحكمة جيداً”.
زهراء علوي، من حي الدخل المحدود بالقطيف، تقول “التوزيعات تختلف من مأتم لآخر حسب الاستطاعة، ولكن الغالب عليها هو وجود الماء، ولكن هناك خبزاً وتمراً وقهوة، وفي مجالس أخري التوزيع فيها يكون مختلفاً مثل البقوليات، والمعكرونة، والفطائر المتنوعة، والشوربة”.
شموع وملابس أطفال
وفي اليوم المخصص للطفل الرضيع توزع المآتم الجٌرابات الصغيرة من عمر يوم إلى عام تقريباً، أو بعض الملابس الداخلية للرضع، والجوارب، واللهايات في أكياس خاصة”.
وعن توزيعات ليلة عبدالله الرضيع، أوضحت نعيمة آل علي، أنها حصلت على توزيع جميل لطفلتها من أحد مجالس حي البحر بمدينة القطيف.. تقول “من التوزيعات جورب صغير لرضيع ملفوف بشريط يلبسه الطفل في يديه، شعرت بأنه توزيع مميز”.
تمر وحليب
الناشطات في حسينية دار الزهراء أيضاً في سيهات اعتمدن هذا العام في توزيعات التمر، والبقوليات، وعلب الحليب، ورقائق الذرة، والبسكويت الصحي.
وأشارت صاحبة الحسينية زهراء قو أحمد، إلى أنها اعتمدت على هذه التوزيعات هذا العام بدلاً عن الطعام المطبوخ أو الجاهز، والفطائر، وغيرها إلى طعام أكثر نفعاً أو مستلزمات تحتاجها بعض الأسر في حياتها اليومية.
ملاعق بلاستيك
وتضيف “رأيت بعض الحسينيات أو المجالس أن توزع الملاعق والشوكات البلاستيكية، والمناديل المبللة أو الجافة، كما يوزع بعضهم البقسماط مع علب حليب وقهوة.”
أما في مجلس الحاج أبو أحمد الخباز، فقد اعتادت نسوة حي السلام الاستماع صباحاً، وتحرص زوجته على توزيع أنواع متعددة من الأطعمة المطبوخة والجاهزة.
خضروات وفواكه
وعن ذلك، تقول أم أحمد الخباز “احرص على التنوع حفظاً للنعمة، وإن تم توزيع الأرز يكون في أطباق صغيرة، إلى جانب اللبن والتمر، فضلاً عن الخضار والفواكه، وأكياس الرز، والبقسماط وعلب الحليب.”
خصوصية العاشر
ولفتت صاحبة المجلس إلى أن يوم العاشر له خصوصية مختلفة، ويعتمد المجلس على الأرز المطبوخ في التوزيع.
مطبوخ الجارودية
وفي الجارودية ما زالت بعض المجالس النسائية في المنازل تعتمد على طبخ الأرز وتوزيعه، امتداداً لنذر نذره أحد أجداد هذه المجالس الحسينية منذ زمن قديم.
أكياس أرز
من جانبها تقول رحمة آل رجب، وهي إحدى المتطوعات في مجلس والدتها “تفضل النسوة المستمعة في مجلس والدتي توزيع الطعام غير المعد كأكياس الرز، والمعكرونة، والشعيرية، لحفظ النعمة، واستهلاكه في أي وقت، خاصة أن أغلب المآتم توزع الرز المطبوخ.”
ملح وخبز
تضيف “في مجلسنا كل عام تتنوع فيه التوزيعات ما بين مطبوخ وغير مطبوخ، فضلاً عن المعلبات كالذرة، والفاصولياء، والفول، والخبز، والملح، والسكر، كلها توزع في أكياس خاصة محكمة الإغلاق”.
أدوات استهلاكية
وفي مجلس نداء الزهراء في حي الحسين، ذكرت إحدى القائمات عليه أن التوزيعات تعتمد على الفاكهة والتمر والخضار قائلة “أحاول جاهدة أن تكون التوزيعات مفيدة وذات قيمه غذائية عالية، مثل الجوز، والشوفان، والسمسم، والنشأ، والطحين، والروب، واللبن، والحليب، وبعض الأحيان تكون أشياء استهلاكية مثلاً علب الكلينكس و أكياس النفايات والسفر، وغيرها مما تنفع الأسر، وبعض الأحيان نقوم بتوزيع معلبات مثل القشطة والفاصولياء والذرة، والزيتون، بالإضافة إلى بمخبوزات في الآونة الأخيرة، وبعض الناس ينوعون في التوزيعات مثل قنينات الزيت، ومواد التنظيف”.
أم عبد الله القائمة على مأتمها في حي الشاطئ تقول “نتمنى أن نعود مثل السابق، بركة بسيطة، ونحن الآن نواكب العصر، وأبحث عن أشياء تفيد، من فواكه وخضار وسفرة طعام ومناديل ومعلبات، ورضا الناس غاية لا تدرك، وأحرص أيضاً على الطحين، وكؤوس البلاستيك، والمعكرونة والبهارات.. وهكذا”.
أدوات للطبخ
علياء أم محمد؛ تنوعت لديها التوزيعات التي تحصل عليها من مجالس جاراتها في حي الشاطيء، وجميعها توزيعاتهن متشابهة، وحول ذلك تقول “نحصل من المجلس على مؤونة كاملة، ولكل مجلس توزيعاته مختلفة، وتوجد علب بقوليات، أرز، معكرونة، بهارات الطبخ، طحين، خضار، وخيرات كثيرة”.
أما زهرة حميدي فقد اعتادت أن تذهب عند الظهر إلى مأتم جارتها في حي الدخل المحدود، وهو مأتم نسائي على الطراز القديم.. تقول عنه “أحياناً نحصل على جرجير، أو بقدونس، حسب الاستطاعة، وأمس حصلنا على علبة ذرة مع لين، وكل يوم خضار، وبهارات، وملح، وسكر، وشاي، وأشياء مختلفة”.
حليب ولبن
مريم الشماسي لديها مجلس النور الأحمدي في حي المجيدية، تحيي ليلة العاشر، وحول ذلك تقول “اتفقت مع القائمات على المجلس على توزيع فطيرة، وحليب، وماء، في ليلة العاشر، وظهيرة يوم العاشر نقوم بعمل غداء مع صحن فاكهة، أو خضار، وعصيرات للكبار وللصغار أرز مع اللبن”.
عظم الله اجوركم
وبارك جهودكم
تعليق بسيط
الإطعام في ايام الحزن وعاشوراء شعيرة من الشعائر الحسينية ولها جذور متأصلة فهي موروث ديني من الائمة الاطهار في إقامتهم للعزاء على الحسين ع
فهي اذن ليست عادة اجتماعية ولم تنشأ بسبب الجوع والفقر وليست من باب الكرم ..انما من باب التعبد والتقرب لله والنبي واله
ارجو التدقيق عند كتابة المنشور ..مقدرين جهودكم