[مراجعات: 3] أدونيس، جبران، محمد الثبيتي

محمد الماجد

 لم يكن إهمال جماعة شعر لإنجازات الحداثة العربية في القرن الثاني الهجري هو الاعتراف الوحيد لأدونيس في الجزء الثاني من وثائقي الميادين، تبعه اعتراف شجاع آخر بإهمال الجماعة لمختبر شعري محلي – لبنان تحديداً ـ كان من المفترض بحسب أدونيس الالتفات إليه أولاً قبل الذهاب لاستيراد مختبرات غربية. المختبر المحلي ذاك ضمَّ أسماء من أمثال فؤاد سليمان، الياس خليل زكريا، أنطون قازان، أمين الريحاني وجبران. لا أعرف تماماً ما كان يريد أدونيس من الوقوف عند نتاج هؤلاء الشعراء ولا كيف سيفيد لاحقاً من توظيف وقوفه بنيوياً في مشروع الجماعة الطموح. أستطيع أن أحدس فقط ولكن حتى هذا الحدس لا يتسع صدر هذه السطور للانتقال به إلى مرحلة متقدمة من التحليل المنهجي أو حتى الحد الأدنى من الطمأنينة. ما يهمني فنياً هو تلك الاشارة الخاطفة منه إلى القيمة التي كان من الممكن أن يتركها الاستثمار في المختبرات المحلية على مجمل البناء الشعري للقصيدة الحديثة والنثر تحديداً.

إجمالاً وبالكثير من الغبطة أستطيع أن أقول:

شكراً أدونيس فقد أوصلتني إلى هنا وهذا يكفي

يكفي لأناقش الرهانات الحداثية المتعجلة والاهمال وربما العنف الذي استُقبِلت به المختبرات المحلية على امتداد الرقعة العربية، لدينا هنا في المملكة على سبيل المثال مختبرنا الخاص، مختبر ضمّ أسماء طليعية وفارقة من أمثال محمد الثبيتي، عبد الله الصيخان، محمد العلي، علي الدميني، القصيبي وآخرين. كم كاتب من كتاب قصيدة النثر لدينا وقفَ وقوف المتأمل عند هذا المختبر وأعاد طرح الأسئلة ثم انطلق من جديد بعد أن يكون قد استثمر في هذا التجارب، لماذا لم يصنع منها شريكاً أو حتى منصّة للإنطلاق إلى مديات وآفاق أوسع ضمن بحثه الدؤوب لإيجاد وسائل جديدة للتعبير والقول الشعريين. الإهمال، التعالي، الازدراء، الاتهام بالغنائية، هي أدراج أولى فقط في سلّم طويل من التهكم درجت أغلب دوائر الحداثة المحلية على الصعود عليه والنزول بشكل يكاد يكون يومياً وأحياناً ساذجاً كلما أرادت الذهاب للتنظير في القطيعة المطلقة مع التراث.

أين نحن الان ؟

هناك انجاز نثري دون شك ولكن الكثير من هذا الانجاز ينطوي على الكثير من الخدع البصرية التي تبقيه ضمن الشكل القابل أبداً للاستنساخ والتكرار لأنه ببساطه وبمرور الوقت قام بترسيخ نمط من الكتابة النثرية التي دأبت على رعاية قوالب محددة ومدروسة وكأنها خرجت للتو من عجلة من عجلات الخياطة، هذا النمط يقوم في مجمله على بُنى ذات سِكَك ومداميك صلدة غير قابلة للنقض وهو ما يضعه حُكْما في خانة التدريبات التقليدية، أو لأقل أنه جسد تقليدي بقوائم حداثية، وهذا في أقصى التعبيرات الفنية لن يعدو كونه ضرب من ضروب الكولاج البارد.

—-

يُتبع غداً

جراحنا نهرٌ من الفضة

اقرأ السابق

[مراجعات: 1] وداعاً بودلير.. أهلاً أبا نواس

[مراجعات: 2] محمد الماجد: عن شاعريّة الجَبل

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×