روضة روَّاد الملاحة.. رسالة لم تتوقف منذ 40 سنة بدأت بـ 15 طفلاً في بيت مستأجر وحقّقت الصدارة في تسجيل نظام "نور"

القطيف: صُبرة

منذ 40 سنة؛ وروضة أطفال رواد الملاحة؛ تلتزم النموذج التربوي الناجح في أداء رسالتها، وصنعت لنفسها بصمةً واضحةً، ليس في تطوير العمل التربوي فحسب، بل في بناء مؤسسة جادة متكاملة، ولذلك؛ كانت السبّاقة في الحصول على ترخيص وزارة التعليم، مع التحوّلات الأخيرة، لتكون الأولى بين روضات القطيف الأهلية في هذا الصدد.

الروضة عام 1982

من قرية صغيرة

عندما تأسست روضة أطفال رواد الملاحة، التابعة إلى جمعية التنمية الأهلية في القرية، اختارت لنفسها حزمة من المبادئ والقيم والثوابت التي انطلقت منها، في أداء رسالتها التعليمية، بإيجاد أجيال صغيرة، تُدرك معنى الصدق، والأمانة، وتُحب العلم، وتحترم الصغير، وتُوقر الكبير، وتؤدي واجبها في رحلة بناء الذات، وخدمة المجتمع على أكمل وجه، ولعل هذه المبادئ والقيم، كانت السبب في استدامة الروضة، التي تجاوز عمرها اليوم 40 عاماً، ولازالت تعمل بكل طاقاتها وكوادرها لخدمة براعم المحافظة.

وتتخذ روضة “رواد الملاحة”، قلب قرية “الملاحة” التي تقع في الطرف الجنوبي الغربي من محافظة القطيف، مقراً لها، وتحيط بها النخيل من كل الجهات.

قرية الملاحة تطورت ـ بدورها ـ لتنافس بأنشطتها المجتمعية والتنموية، يدعمها في هذا الأمر، تقدم أبنائها علمياً ومهنياً ومجتمعياً، كما تطورت ـ بالمثل ـ المؤسسات التي تحتضنها الملاحة في مختلف توجهاتها، بما فيها روضة الأطفال، التي أبصرت النور مع بداية تأسيس لجنة التنمية الاجتماعية في الملاحة عام ١٤٠٢هـ، وكانت روضة الأطفال أحد أركانها الرئيسة.

جمعية معتمدة

وبحسب ما ذكر إداريو اللجنة التي تحولت إلى جمعية معتمدة لاحقاً “بدأت الروضة بعدد محدود ومبنى مستأجر، يضم أطفال البلدة والأطفال من البلدات المجاورة، لكن التطور السريع الذي شهدته المنطقة، وألقى بتأثيره وانعكاساته على النمو السكاني، كان سبباً لتصاعد مستوى الإقبال على الروضة، فمن مديرة، و5 معلمات، و4 غرف فصلية، تضم بين 15 و20 طفلاً وطفلة، وصل الحد الأعلى للاستيعاب السنوي والمقر من “التعليم” إلى 200 طالب وطالبة .

بيت مستأجر

البداية كانت باستئجار بيت متكامل، ثم تم الانتقال إلى موقع آخر أكبر منه مساحةً، وبعدد غرف أكثر، لاستيعاب العدد المتنامي. وخدمة بعض الأحياء القريبة، مثل حي العليوات في مدينة عنك، تزامن ذلك مع بدء عمل اللجنة، بإنشاء المركز الاجتماعي على أرض مساحتها 2000 متر مربع، وفق مواصفات هندسية حديثة، ليكون معلماً بارزاً في البلد، ويهدف المركز الى تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي واستثمار خبرات الكبار، وتوجيه طاقات الشباب إيجابياً، وتعزيز مكانة المرأة اجتماعياً والمساهمة في حل المشكلات الفردية والأسرية والرقي بمستوى الخدمات المتوفرة، والتوعية بأهمية المرافق العامة والمحافظة عليها، ومن أهم النشاطات والبرامج في اللجنة هي روضة الأطفال.

3 مديرات

وتعتبر “رواد الملاحة الأهلية”، أول روضة حصلت على ترخيص من التعليم الأهلي، في وزارة التعليم، بعد أن كانت تحت إشراف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لمدة بلغت أكثر من 40 سنة. ومنذ التأسيس وإلى الآن، تولى إدارتها 3 مربيات وهن:

زهراء السنان (أم عادل)، وهي صاحبة عطاء وقد كانت مديرة ومربية لمدة لا تقل عن 19 سنة.

وبدأت أم عادل مع أولى بدايات الروضة بعدد محدود من المربيات ومن أبرزهم:
هدى العلي ، فاطمة أبو ديب، هناء إخوان، طيبة السنان و لطيفة بو غراب، وبعدد فصول دراسية لا يتجاوز الأربعة فصول.

المربية نجاح علي العمران (أم رائد)، صاحبة الفضل في تطوير الروضة، وهي عضو مجلس إدارة في جمعية العطاء النسائية في القطيف، وانتخبت من قبل مركز التنمية بعد تقاعد زهراء السنان، بعدما كانت موظفة هناك، وكانت مساعداً إدارياً في روضة البحاري ، حيث وصلها خطاب لتولي مهام مديرة روضة التنمية في الملاحة.

المربية زهراء علي الخواهر، وهي إحدى المنتسبات إلى الروضة في سن الطفولة، وتولت زمام رئاسة الروضة، بعد أن ابتدأت فيها مربية، ثم معلمة، فمساعدة إدارية، ثم باشرت عملها مديرةً للروضة خلال السنتين الأخيرتين، ويعود الفضل إليها في تطوير الروضة، ما دعا مجلس الإدارة إلى التوصية بانتخابها مديرةً لها.

رواد الملاحة

واسترجعت مديرة الروضة السابقة نجاح العمران، قصة تطور العمل في الروضة، بداية من العمل داخل مبنى صغير، عملت الإدارة على تهيئته، ليكون بيئة مناسبة لتعليم الأطفال. وتستدرك “ولكن لم تكن تلك التهيئة بالقدر الكافي، لاستيعاب العدد المتزايد، وبمبادرة خيرة من أعضاء جمعية التنمية ، تم بناء مبنى مهيءٍ ومتكامل، وتم الانتقال إليه عام 2010م، مع تعديل اسم الروضة إلى “روضة رواد الملاحة” بعد أن حصلت على الترخيص الرسمي من التعليم الأهلي في وزارة التعليم، باعتبارها أول روضة في محافظة القطيف.

وأضافت “أصبح مبنى الروضة واحداً من المباني النموذجية على مستوى المنطقة الشرقية، حيث يحتضن العديد من الفعاليات المرتبطة بروضات المنطقة، بالتنسيق مع مكتب التعليم الأهلي في القطيف، ويحتوي المبنى على مرافق كثيرة متنوعة، كما أصبح مقراً للاجتماع من قبل المشرفات في الإشراف التربوي، وذلك يعود لتهيئة المكان بشكل جيد”.

فصول نموذجية

وتحدثت المعلمة فاطمة عبدالعزيز آل درويش قائلةً “تحتوي روضة الأطفال على فصول نموذجية عدة، يوزع الأطفال عليها، كما يحتوي كلا منها على مجموعة من أركان النشاط المختلفة، ويتم تحديد محتويات كل ركن من هذه الأركان، تبعاً لطبيعية كل خبرة من الخبرات المتكاملة، التي تقدم لكل مستوى على مدار العام. ويمارس الطفل في كل ركن منها مجموعة مختلفة من النشاطات، لتحقيق الأهداف العلمية والتربوية للخبرات، وكل ما يكتسبه الطفل داخل الروضة وخارجها من خلال المهارات المبرمجة والنشاطات الحرة”.

وتابعت: “الركيزة الأولى للتعليم في رياض الأطفال هي الطفل نفسه، لذلك كان عمل إدارة الروضة تحت إشراف الجمعية، هو التركيز على بناء شخصية الطفل السليمة في المرتبة الأولى قبل التعليم، والاهتمام بالجانب السلوكي أولاً، وتعلم النظام، واكتساب مهارات الاستماع، وجذب الطفل، ثم التعليم، ليصبح مستعداً لتلقي أي مهارة تعليمية تقدم له بإتقان، ويشكلونها بقالب من المتعة واللعب، لترسيخها في الطفل بكل حب”.

وأضافت المعلمة آل درويش “هذا الأسلوب يستخدم في الأنشطة الصفية وغير الصفية، ويكون الهدف الأساس منه التعلم بطريقة اللعب، وكسب مهارات لغوية وثقافية وخبرات في جميع المجالات”.

وأشار مشرف الروضة “بعد أن تمت موائمة اللجنة إلى جمعية التنمية الأهلية في الملاحة، تسعى الجمعية اليوم إلى مواصلة التطوير لقطاع رياض الأطفال، وأسست لجنة خاصة به، تشرف عليه، وتلبي احتياجاته، وتضع الخطط المدروسة لتطويره وتنميته، ليصبح رافداً من الروافد الاستثمارية للجمعية”.

30 معلمة

وتطرقت المعلمة أحلام إبراهيم الصايغ إلى الكوادر البشرية في الروضة، وقالت “الطفل في مرحلة رياض الأطفال على درجة كبيرة من التقبل والميل للبحث والاستكشاف، ولديه قدرة على الإبداع، وهذا يؤكد بالفعل على أهمية دور معلمة الروضة في إيجاد بيئة تعليمية، تتصف بالتجديد والجاذبية، ما يسهم في نمو القدرات العقلية واللغوية للطفل”.

وأكملت “معلمة الروضة يقع على عاتقها المسؤولية الكبيرة في إعداد الدرس، واختيار الوسائل المختلفة المناسبة له بطريقة تجذب بها انتباه الطفل، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة وخصائص نموه في تلك المرحلة، وقد وصل عدد المعلمات في الروضة الى 30 معلمة”.

تنوع المصادر

وعن تنوع المصادر قالت المعلمة زمزم يوسف العبود “إن التطور لم يقتصر على توسيع المبنى، وزيادة عدد الكوادر والأطفال، بل تطورت معه وسائل المعرفة والتعلم من السبورة الخشبية، إلى الوسائل الحديثة، خلال مسيرة نمو الروضة، حيث أدمجت الحاسبات الإلكترونية الحديثة والكمبيوتر والسبورة الذكية والألواح الحاسوبية، وانتقل التعليم من التلقين إلى التعليم التفاعلي، وإشراك الأسرة في اختيار أنجع السبل وأنسبها، ومن الصف الواحد إلى توزيع الصف إلى 4 أركان”.

القارئ الصغير

واعتنت الروضة بمسرح الطفل، يقيناً منها بأن المسرح، الذي يخدم الطفولة، وهو موجه للطفل، كما يُعد من أهم الوسائط الثقافية في تربيته، لما يتضمنه من معانٍ وقيم وأنماط جمالية، تعمل كلها على بلورة شخصيته، وتفتق جوانبها الذهنية والجسدية والعاطفية.

وتبنت الروضة أفضل السبل وأنسبها، للوصول إلى أعلى المستويات، والارتقاء بسلم المعرفة، وبناء اللبنة المعرفية لدى الطفل، من أولى خطواته، كما عملت على دمج الطفل وتعريفه بوجود أم غير أمه، وبيت غير بيته، في مكان قريب من بيته، وعلمته المهارات، وتنمية القدرات الكلامية والعقلية والتفاعلية، وذلك عبر البرامج العديدة في مسرح الطفل، وقد حازت الروضة على شرف تنظيم فعالية القارئ الصغير، التي أقيمت على مسرح الروضة، وشاركت فيها العديد من روضات المنطقة الشرقية.

معامل تقنية

وكانت لموضوعات التقنية والعلوم واللغة الإنجليزية، نصيب في حديث المعلمة فاطمة أحمد درويش التي قالت “تزايدت أهمية اللغة الإنجليزية في المجتمعات المعاصرة، بتأثير العولمة التي عززت من مكانة اللغة الإنجليزية، باعتبارها لغة أساسية في التعليم والبحث العلمي، وبدأت النظم التعليمية في أغلب مجتمعات العالم تولي أهمية لاكتساب اللغة الإنجليزية، وإتقان التعامل مع الكمبيوتر، باعتبارهما من الآليات الأساسية في العالم المعاصر”.

لذا تم تأمين معامل كمبيوتر ولغة إنجليزية، ومعامل للعلوم تواكب التطورات العلمية، وبما يتناسب مع فئاتهم العمرية.

جانب رياضي

وفي الجانب الرياضي تحدثت المعلمة ليلى صالح الخميس فقالت إن لممارسة أي العاب رياضية في الروضة تأثيراً إيجابياً دائمًا على الأطفال، بشكل عام، يعزز من رفاهية الطفل الجسدية والاجتماعية والمعرفية والعاطفية، ويشارك الأطفال في الرياضة لأسباب عدة، سواء كان ذلك من أجل المتعة، أو بسبب الدافع الشخصي، أو الرغبة في محاكاة أي شخص رياضي مشهور، يعجب به الطفل، ومهما كانت أسباب مشاركة الطفل في الرياضة، فمن المؤكد أنها تجني فوائدها، لذا سعت الروضة إلى تأمين ألعاب خارجية وداخلية، واختيار المناسب منها، لتنمية قدراته الجسمية دون الإضرار به”.

العيادة الصحية

واهتمت الروضة بتوفير كل احتياجات الطفل، وصولاً إلى الجانب الصحي. حيث تقول المعلمة رقية سعيد مضيخر في هذا الجانب “وفرت الروضة غرفة مجهزة للحالات التي قد يشتبه فيها بورود عارض صحي من زكام أو رشح او ارتفاع في درجة الحرارة، حيث يعزل حينها الطفل، ويتم التواصل مع أسرته والتنسيق لاستلامه، ومراجعة أقرب مركز صحي للتأكد من سلامته وسلامة الأطفال الآخرين.

رسوم دراسية

“بدأت الروضة برسوم 600 ريال للفصلين في العام 1982م، لتتدرج إلى أن وصلت 7800 ريال للفصول الدراسية الثلاثة”. وأضافت “حرصت الروضة أن لا تكلف الأسرة عناء الطلبات الإضافية، وحصرت اللوازم الأساسية داخل الروضة من ضمن رسومها، وذلك مراعاة للأسر، ومن أجل استقطاب جميع الأطفال في القرية، وإتاحة الفرصة أمامهم للاستفادة من هذه المرحلة العمرية والمهمة في تشكيل مستقبلهم الواعد، كما اعتنت بالمواصلات، موضحة أن توزع القرية إلى عدة أحياء، جعل توفير المواصلات المريحة للأطفال من وإلى منازلهم، أمراً أساسياً، تحت مسؤولية مربية مشرفة على ركوب الأطفال وإنزالهم، حفاظاً على سلامتهم، وهذه الأحياء هي الديرة، والخباز، والمسروري، وأم صيقرة، والخليفي، ودوحة الخيل، والسد، وحي الرضا”.

أنشطة ومهارات

واهتمت الروضة بتعليم الطفل معنى الانضباط في أموره، سواء كان في الأكل أو النوم أو عند قيامه بالنشاطات الجماعية، التي تراها الروضة أنسب فرصة للطفل للاحتكاك بالأطفال الآخرين، واستمتاعه باللعب معهم، وتؤدي كل هذه الأمور ـ بحسب العمران ـ إلى “الإقلال من مظاهر السلوك العدواني غير المرغوب فيه، مثل المشاجرة، أو الاعتداء، أو انتزاع الأشياء من الغير، ومن هنا حثت الروضة على المنافسة الصحيحة التي تعتبر مظهراً من مظاهر التفاعل الاجتماعي السوي الذي بدوره يحفز الطفل على الحصول على أفضل وضع داخل جماعة الرفاق”.

وقد سعت روضة رواد الملاحة إلى إشراك الطفل في المناسبات الخارجية، التي تنشئ في الطفل حب الغير الذين يلتقيهم خارج محيط الأسرة والروضة. ومن ضمن المناسبات التي شاركت فيها الروضة، المساهمة في تنظيف كورنيش القطيف، والمزارع القريبة من البلدة، التي رسخت في أذهان الطفل حب النظافة، وحب الطبيعة، وحب المساهمة في الخدمة الاجتماعية، واكتشاف مهارات جديدة وعديدة.

الروضة عام 2022

                     

‫7 تعليقات

  1. جهود واضحة للعيان وخصوصا في فترة التعليم (عن بعد) اصبح واضحاً مدى وأسلوب التقديم الثري والغني والجذاب .. وأمكننا الاستفادة نحن ايضا من الأساليب التربوية والأفكار المقدمه .. أدام الله هذا الصرح ودام هذا التوفيق والى مزيد من التقدم.

  2. فعلا جهود جبارة والتمسنا هذا وقت أزمة كورونا حيث لم تتوقف جهودهم ولا ننسى الكرنفال وقت كورونا حيث تم توزيع هدايا الأطفال الى منازلهم لهم منا جزيل الشكر والتقدير

  3. الشكر موصول الى جميع اعضاء اللجنة الموقرين ودعواتنا لروضتنا الحبيبة بالسداد والتوفيق .

  4. ملاحة الخط المحروسة

    فعلاً جهود جبارة ومحسوسة لذي عين باصرة وروح بصيرة هذه الجهود متعاقبة بتعاقب المسؤولين والإداريين والمشرفين الكفوئين والمربيات
    الفاضلات فشكراً جزيلاً للجميع من القلب وثناءً جميلاً لهم وإلى أرقى مراتب التقدم وعطاء مستمر بتوفيقات الله سبحانه وتعالى

  5. كل الشكر والتقدير لرئيس اللجنة للمهندس/ زكي العلي
    والى جمبع الأعضاء والكادر الإداري والتعليمي

  6. كل الشكر والتقدير لمنتسبي هذا الصرح العظيم من اداريون ومعلمات وعاملات ونقد لهم مجهودهم الكبير في تطوير هذه اللجنه من بدايتها الى ان وصلت الى ما وصلت اليه الآن والى مزيد من العطاء لفلذات اكبادنا وصغارنا الذين نأمل ان يكون لهم مستقبل واعد بإذن الله.
    جعفر ال عقيل-الملاحه.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com