أيها الكسول.. السماء لن تُغيّر وضعك اليأس يؤدي إلى لانتظار السلبي

محمد حسين آل هويدي

بسم الله الرحمن الرحيم: «10» لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ «11» … صدق الله العلي العظيم – الرعد.

الكثير من العلماء التجريبيين يطلقون رصاصة الرحمة على الفلسفة رغم جمالها. ولهم طبعاً أسبابهم التي لا يسع شرحها هنا. أجمل ما في الفلسفة أنها تطرح أسئلة دون الحاجة للإجابة عليها، وطالما تم الإجابة على هذه الأسئلة، تخرج من دائرة الفلسفة للعلم.

يُحكي أن فلاسفة في العصر الإغريقي القديم حاولوا معرفة عدد أسنان الحصان وأقاموا على ذلك ندوات خاصة وعامة. وفي مرة، مرّ عليهم طفل فنصحهم بأن يفتحوا فم الحصان لعَدِّ أضراسه. هذا الفعل أغضب أولئك الفلاسفة ونهروا الطفل وطردوه واتهموه بأنه عطلهم عن فلسفتهم.

مشكلة الفيلسوف أنه ليس على استعداد أن يجرب ليتحقق من أرائه أو نظرياته. ويترك مشقة الحل والإجابة إلى غيره. وإن أتت النتائج بما لا يشتهي؛ في الغالب، يشكك الفيلسوف وأتباعه في النتائج التي توصل إليها الباحث. وهذا أمر قائم لغاية الساعة.

الإنسان إما يكون شخصا إيجابيا يحاول تغيير حاله بيديه أو يكون سلبيا ينتظر غيره أن يحل عنه مشاكله. وهذا طبعا مخالف للآية الافتتاحية المباركة.

تريد أن تغير حالك كفرد، غير ما بنفسك. تريد أمة أن تغير حالها، فعليها أن تغير ما بنفسها من خلال تفكيرها الجمعي. وظنها بأن اللعب على نفس الخطة سيغير الحال ضرب من السفه واليأس المدقع الذي يقود إلى هذا النوع من الإحباط لدرجة أن هذا الإنسان (المجتمع) ينتظر التدخل المباشر من السماء لتغيير وضعه على الأرض دون أن يرفع عودا عن الأرض، وهذا أمر مستحيل. نعم، مستحيل.

قبل أن ينتقل الرسول (ص) للرفيق الأعلى، نصح قومه بأن يجاهدوا أنفسهم. وفي نفس العنوان، قال رينيه ديكارت: “ليس على الإنسان أن يتغلب على العالَم مقدار ما عليه أن يتغلب على نفسه”. وجهاد النفس من أفضل الأمور للرقي والتقدم حيث يقول الحكماء لا تقارن نفسك بغيرك ولا تحاول أن تتغلب على غيرك، ولكن قارن نفسك اليوم بنفسك في الأمس، والْمَسِ التطور. وإن لم تلمس أي تطور، فعليك الرجوع إلى نفسك وحثها على التطور. ويمكن إسقاط نفس الأمر على المجتمع بدلا من الفرد ذاته.

القرآن، والأنبياء (ع)، والأوصياء، والفلاسفة، والحكماء، وأهل الخبرة والمعرفة يحثون الناس على تغيير نفوسهم ليصلوا لمبتغاهم. واعلم أيها القارئ الكريم بأن الله سبحانه وتعالى لن ينزل لرغبات بشر يائسين ومحبطين يغلب عليهم الكسل والاتكالية ليحررهم من وضعهم المزري. هذا فقط حلم إبليس في الجنة. واللبيب بالإشارة يفهم.

وفي نفس المضمار، يقول الفيلسوف لوك لوفاڤر: “فالذي يستند إلى قواه الحيوية، من طبيعية وعقلية ومعنوية رجل متعلق بالأمل. أما الذي يستند إلى قوى خارجية فهو رجل في حالة الانتظار. ومن هنا نرى أن للأمل وجهين. ولكن هذا لا يمنع كون الإنسان مستند إلى الخارج وإلى الداخل بآن واحد. عندئذ نرى أنه كلما ازدادت قوة العاطفة ازدادت معها قوة النزعة وازداد اليقين بالنجاح”.

لا بأس أن يعيش الإنسان على أمل. ولكن شريطة أن يسعى لتحقيق هذا الأمل بنفسه بالاستعانة بالظروف الخارجية إن وجدت، وإلا وجب عليه خلق الظروف التي تحقق له آماله. اسعَ يا عبد، يسعى الله معك.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×