مسجد المسألة.. أداره حساوي وجدده كويتي واحتفظ بـ«التختات والشخاخيل» صرة سوداء نزلت على الشيخ الخطي في المسجد لقضاء دينه فتركها تشاؤماً

القطيف: ليلى العوامي

رغم إزالة قلعة القطيف في ثمانينيات القرن الميلادي الماضي، إن مسجدها العريق؛ المسألة ما زال باقياً. ليكون شاهداً متبقياً من هذه المنطقة التاريخية.

لا يعرف أحد على وجه التحديد متى شُيد هذا المسجد، ومن بناه، ويرجح البعض أن عمره يفوق مئات السنين، كما يبقى سبب تسميته بهذا الاسم غامضاً، إلا أن أم حجر منصور الخنيزي سمعت من الأقدمين بأنه سُمي بهذا الاسم «لأن العلماء كانوا يجتمعون فيه، وأي شخص لديه مسألة في أمر من أمور الحياة، يذهب إليهم في يوم حدده العلماء لتقديم المسائل، فيقدم مسألته، والله أعلم».

قصة الصرة السوداء

رغم إحاطته بجوانب متعددة من تاريخ القطيف، إلا أن الشاعر عدنان العوامي، يقول لـ«صُبرة» «للأسف؛ لا تتوافر لدي معلومات عن مسجد المسالة غير القصة التي ذكرها (الشيخ علي بن حسن) البلادي في ترجمته للشيخ جعفر الخطي (في كتاب «أنوار البدرين في تراجم علماء والقطيف والأحساء والبحرين»)، عن أنه لحقه دين؛ فدخل مسجد المسألة، وابتهل الى الله، فنزلت عليه صرة من السماء بقدر دينه، في خرقة سوداء. فتشاءم منها. وفرقها على الفقراء».

تجديد البناء دون تغيير الشكل

في الجهة الشمالية من قلعة القطيف؛ يقع مسجد المسألة، الذي جُدد بناءه عدة مرات، ولكن مساحته لم تشهد أي تغيير، وكذا شكله، فهو مستطيل، ويأخذ الشكل العرضي.

خلفه كانت تقع سابقاً دروازة باب الشمال، ويقع المسجد بين فريقي الزريب والخان، ويقابله فريقي الوارش، والسدرة.

يحوي خمس نوافد، اثنتان تطلان على الجهة الجنوب، وثلاث نوافذ تظل على جهة الشمال، يتوسطها محراب مقابل مدخل المسجد تقريباً. وهناك نافذتان مغلقتان من الجهة الغربية تقعان بين المحراب وتطلان على شارع الملك عبدالعزيز. وسابقاً كانت تطلان على دروازة باب الشمال.

وللمسجد مدخل واحد من جهة الشرق كان يُطل على بيوت القلعة. وهو من طابق واحد. وتوجد نافذتان من الجهة الشرقية بجانب بوابة المسجد الخارجية. كان بابه ونوافذه من الخشب، واليوم أصبحت من الزجاج والألمنيوم وباب حديد.

تبلغ مساحة المسجد حوالى 70 متراً أو أكثر، ويتسع لتقريباً 70 مصلاً، وأمامه ساحة واسعة للجلوس أيضاً، إن لزمت الحاجة.

أمّا خارج المسجد؛ فهناك أربع دورات مياه من جهة الشمال ومغاسل للمصلين، وجلسة خارجية، ومجلس للقائمين على المسجد.

تاجر كويتي جدد البناء

لمسجد المسألة ذكريات لا تنسى مع الحاج عبدالرسول حسن المصطفى (أبو عبدالعزيز)، يقول «صليت فيه وأنا صغير مع الشيخ محمد علي الخنيزي (أبو سعيد)».

ورغم أنه يجهل تاريخ تشييده بالدقة، لكنه يروي أن «عمر المسجد يفوق 1200 عام، وسمي بهذا الاسم لأنه إذا كان لدى أي شخص مشكلة مع أحد ما؛ فيأتي إلى إمام المسجد ليحل مشكلته، سواءً كانت مع أهله أو جيرانه، أو أي شخص».

يضيف «صلى فيه أيضاً الشيخ عبدالحميد الخطي (رحمة الله عليه)، وجدده التاجر الكويتي مكي حسين الجمعة، ويقوم عليه الآن مجموعة من الشباب. وتولى هذه المسؤولية سابقاً علي حكروه، وأحمد الحباس (أبو حصة). وكان للمسجد إدارة، ومن الذين ساهموا في إدارته الأديب وعالم الدين والخطيب والمعلم إبراهيم بن عبدالله الحجاب الأحسائي، الذي انتقل إلى القطيف وأدار المسجد لسنوات».

زخارف وتختات وشخاخيل

الباحث عبدرب الرسول الغريافي، يقول «رغم التجديد الذي شهده مسجد المسألة في القلعة، إلا أن هناك إصرار على عدم الخروج من طابعه القديم من حيث التصميم، حيث الأقواس المدببة، وبقايا آثار التختات التي تعلو المدخل والجدران».

ولفت إلى أن وقوعه في طرف حي الزريب من الجنوب، «خلد له ميزته الشعبية أيضاً، والمجتمع الذي يحيط به من نفس المنطقة، وهذا أيضاً أعطاه هالة من هيبة العراقة التي كان يتشح بها، فهو مسجد عريق جداً، ومعروف عنه أنه من مساجد القلعة القديمة».

ويضيف الغريافي «جُدد المسجد في القرن العشرين عدة مرات على أيدي ميسوري الحال من المحسنين، فكان أقدم تشييد له في منتصف الخمسينيات من القرن العشرين، بطابعه الجصي على النمط القديم بقسميه المغطى والمكشوف، وبأقواسه المدببة، وكذلك زخارفه الجصية المعروفة بالتختات والشخاخيل والاطواق، وبأعمدته التي تحمل الاقواس المدببة».

ويشير إلى بقاء هذا المسجد «شامخاً رغم مرور معمعة القص الثانية على القلعة، فقد ابقت جزءاً كبيراً من الخان والزريب، فكان من نصيب مسجد المسألة البقاء».

ويضيف أن «قص القلعة كان في الثمانينيات، وقد مر في مرحلتين منها المباشرة، بدءاً من عام 1982 إلى المرحلة التدريجية التي وصلت إلى 1985 تقريباً، فقد كان من نصيبه أن يرمم ثم يعاد بناؤه على أيدي الشباب النشطين الذين أدركوا قيمة شكله التراثي، فحافظوا على نمط البناء، حتى وإن كان مجدداً للمرة الثالثة».

       

تعليق واحد

  1. هل سوف يحافظ على هذا المسجد التاريخي العريق عند تنفيذ مشروع توسعة شارع الملك عبدالعزيز ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×