العوامية.. قرى وقبائل في اليمن ومصر وليبيا وأسبانيا.. وحزب في بنغلادش وباكستان أيضاً عوامية القطيف ظهرت بعد حرق الزارة على يد القرامطة في القرن الهجري الثالث

القطيف: صُبرة

لا تنفرد “العوامية” هذه البلدة الواقعة في محافظة القطيف، بهذا المسمى، فهناك بلدات “شقيقة” لها يحملن الاسم ذاته، فهو اسم عابر للحدود، متجاوزاً المملكة وقارة آسيا، بوصوله إلى مواقع وكيانات عدة، بداية من اليمن، فمصر وصولاً إلى ليبيا، وليس انتهاءً في بنغلادش وباكستان، ليس هذا فحسب، بل وصل إلى أوروبا، من خلال مهاجرين من المغرب العربي.

ليس شرطاً أن تكون “العوامي” أو “العوامية” في هذه البلدان اسماً لمدينة أو قرية، وإن كان الأمر كذلك فعلاً في اليمن، مصر وليبيا، فالاسم يحمله حزب سياسي في بنغلادش وآخر في باكستان، وكذلك سلسلة محال لبيع أدوات المواليد في مدينة نصر، وأخرى لبيع الطيور في الإسكندرية المصريتين.

اسم “العوامي” وصل إلى مدينة برشلونة الإسبانية، وأطلق على سلسلة محال تجارية هناك، كما أظهره مقطع فيديو نشره أحد أبناء بلدة العوامية السعودية، على “يوتيوب”، خلال زيارته إلى أسبانيا قبل أعوام.

رغم انتشار الاسم وذيوعه في مواقع كثيرة، إلا أن “عوامية القطيف” تبقى الأشهر على الإطلاق بشهادة محركات البحث على شبكة الإنترنت، خصوصاً “غوغل”، فهو يُطلق على بلدة لها إرث حضاري وعمق ثقافي، اكتسبته من موقعها على ساحل الخليج العربي.

استوحت اسمها من زعيم الأزد أمير الزارة الحسن بن العوام، في القرن الثالث الهجري. كانت تحمل قبل ذلك اسم الزارة، والتي كانت عاصمة المنطقة قبل الإسلام. وكانت العوامية خارجة عن أسوار الزارة، إلى أن أحرقها القرامطة.

ترجح المصادر التاريخية أن العوامية كانت بمنأى عن العمل العدواني الانتقامي الذي قام به القرامطة تجاه الزارة، التي نقل المؤرخون أنها “دُمرت تماماً، وبقيت خراباً ثم صارت نخيلاً وأشجاراً وأنهاراً تتبع العوامية”، والتي أسسها الحسن بن العوام.

تقع في الطرف الشمالي الجنوبي لواحة القطيف، إلى الشمال منها مدينة صفوى وتبعد عنها حوالى 2.1 كيلومتر، وإلى الجنوب تقع القديح، وتبعد عنها حوالى كيلومتر واحد، وإن كانت البلدتان اتصلتا عمرانياً في السنوات الأخيرة. وإلى الجنوب الشرقي تقع مدينة القطيف، وتبعد عنها مسافة 3 كيلومترات، شرقاً هناك الخليج العربي.

يخترق العوامية طولاً طريق الإمام علي، الرابط بين طرفي واحة القطيف الجنوبي والشمالي. ولعوامية القطيف أهمية كبرى اقتصادياً، دينياً، تاريخياً، اجتماعياً وعلمياً، فهي تحتل موقعاً جغرافياً مهماً، يربط بينها وبين باقي مدن المنطقة الشرقية.

تطور العمران في عوامية القطيف، فأصبحت بلدة كثيفة السكان، تضم حوالى 25 ألف نسمة، موزعين على أحياءً عدة، مثل: الزارة، الفريق الشمالي أو “الشملي”، الديرة (المسورة)، الفتية، كربلاء، القوع، حي الريف، الجميمة، أرض الصايغ، شكر الله، والجبل، إضافة إلى أحياء جديدة ظهرت في السنوات الأخيرة.

 

وسط العوامية

في السنتين الأخيرتين، اكتسبت العوامية شهرة إضافية، بعد تأسيس معالم تراثية حديثة في وسطها، فأصبحت تضم عدداً من المعالم المعمارية والتي توفر خدمات متعددة ثقافية وترويحية واقتصادية واجتماعية لسكان المنطقة الشرقية.

يعتبر مشروع وسط العوامية “قلباً نابضاً بالحياة”، والمنطقة تضم 7 أقسام رئيسة، هي: مباني السوق الشعبي، الفناء الرئيس، الأبراج التراثية، المركز الثقافي، البيت التراثي، تنسيق المواقع، الطرق والمواقف.

كما يحوي مساحة من الحدائق والمتنزهات، منها 55 ألف متر مربع مسطحات خضراء، مستوحاة من البيئة الزراعية للقطيف، لتجمع بين أشجار النخيل والشجيرات التي يبلغ عددها 200 شجرة نخيل، و500 شُجيرة.

 

عوامية اليمن

في اليمن؛ العوامي أصغر من قرية، مجرد محلة تابعة لقرية الهيجة، التابعة بدورها لعزلة الاهمول في مديرية فرع العدين إحدى مديريات محافظة إب (جنوب صنعاء).

بحسب تعداد أجري عام 2004، لا يتجاوز عدد سكان عوامية اليمن 136 نسمة. لكن عوامية اليمن أنجبت شخصيات بارزة على الصعد الثقافية والأدبية، وآخرون برزوا في الخدمة المدنية والعسكرية، يحمل بعضهم اسم “العوامي”.

عوامية مصر وليبيا

تبدو عوامية مدينة سوهاج المصرية، الأقرب إلى عوامية القطيف، نظراً للتشابه بينهما في جوانب عدة. وعوامية سوهاج هي إحدى القرى التابعة لمركز ساقلتة، ويبلغ عدد سكانها 15.644 نسمة بحسب إحصاءات سنة 2006.

تنتسب قبيلة العوامة فيها إلى الوالي المغربى عوام بن عوام بن ناسك. والعوامة قبيلة كثيرة العدد، تستوطن مناطق تمتد من مصر شرقاً، إلى بنغازي ليبيا غرباً.

وفي ليبيا أيضاً يوجد كثير من بطون العوامة ضمن قبيلة العواقير، وتتكون هذه القبيلة من 4 بطون كبيرة، و14 بيتاً، برزت منهم شخصيات لعبت أدواراً على مختلف الصعد؛ الوطنية، الثقافية، الأدبية، الاجتماعية والاقتصادية.

العوامي الكبير

وإلى جانب عوامية الأقصر، هناك قبيلة “العوامي” في المحافظة نفسها، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى العوامي الكبير.

نزحت القبيلة إلى مصر مع الفتح الإسلامي، واستقرت في قرية حجازة في محافظة قنا المصرية، ثم منطقة الكرنك القديم، والعوامية حالياً. ويرجع تاريخ استقرار القبيلة في موقعها الحالي إلى حوالى 300 سنة، وكانت أراضي العوامي الكبير تمتد من شارع المنشية في الأقصر، مروراً بالبياضية حتى جزيرة التمساح على حدود قرية البغدادي من الجهة الغربية.

وللعوامى الكبير 4 من الأبناء هم: عيد، مقبول، تلب، وعصراب. ويعود نسبهم إلى الفضل بن العباس، ابن عم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

آخر عمدة لعوامية الأقصر أو سوهاج هو الشيخ أحمد عمر، والذي توفى عام 1970، وهو ابن أحمد عمر من أعيان العوامية، وكان من قبله خاله الشيخ سيد علي العوامي، الذي كان عمدة في فترة الأربعينيات والخمسينيات حتى بداية الستينيات، ويطلق عليهم “بيت العمدة” حتى الآن.

 

“عوامي” باكستان وبنغلادش

أما “عوامي” بنغلادش وباكستان، فيختلف اختلافاً كلياً، فهو في باكستان عبارة عن رابطة أصبحت حزباً سياسياً، تأسس عام 1946 في باكستان الشرقية، التي تسمى اليوم بنغلادش، ومعنى كلمة “عوامي” باللغة الأردية “الشعب”.

لم يكن هذا الحزب معروفاً حتى سنة 1971، حين نافس حزب الشعب الباكستاني، مدافعاً عن حقوق البنغال، باعتبارهم “أمة قومية”، يجب أن تتقاسم السلطة مع الأردو.

يتشابه حزب “عوامي” بنغلادش مع “عوامي الوطني” في باكستان، فهو حزب سياسي قومي علماني يساري، يدافع عن العلمانية والاشتراكية الديموقراطية وحكومة القطاع العام والمساواة الاقتصادية.

أسس الحزب خان عبدالولي خان، عام 1986. وكان جزءاً من الحكومة الباكستانية، بقيادة حزب الشعب الباكستاني خلال الفترة من 2008 إلى 2013.

‫4 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×