الشيخ العبيدان ونقد النقد.. المثقف مقابل رجل الدين
علي البحراني
ضمن العادة الحسنة والجميلة اعتاد المنظمون محاضرات الشيخ محمد العبيدان في عاشوراء ترتيب مجموعة نقودات تحت عنوان – اللقاء السنوي للقراءات النقدية لمحاضرات الشيخ محمد العبيدان لشهر محرم 1442هـ.
الناقد الأول كان المهندس محمد بن عبد الله الشافعي عضو المقهى الثقافي وهو الناقد الفخم المكتنز بالقراءات والشرس العنيد المراس والمعتد بما يعرف.
الجميل في هذا السلوك هو مجاورة المثقف لرجل الدين مقيّماً له في طرحه وواضعاً القبان لموازنة خطابة من المنبر الذي لا شك أن تأثيره مباشر على المتلقي حتى اليوم.
قدم المهندس عدة ملاحظات كان أبرزها مقولة كارل ماركس، وفرّق بين ماركس الفيلسوف وماركس الزعيم الذي قال ضمن ظروف ألمانيا وزمانها مقولته التي نصها أن “الدين أفيون الشعب”، يعني شعبه.
وليس كما يتداول عنه ويُنسب له أن “الدين أفيون الشعوب”، والعبارتان مختلفتان في المعنى تماماً. كما انتقد المهندس ذكر الشيخ للفلاسفة الغربيين وأقوالهم دون ذكر المصدر.
وهنا نقول إن الملاحظ في مثل هذه اللقاءات يكون الجمهور متحفزاً للرد على أي نقد لمن يتبعه، وبما أن الشيخ يلعب على ملعبه وبين جمهوره؛ فقد كان الوضع هز الرؤوس بالنفي والتجهم لكلام الناقد وهز الرؤوس بالموافقة لكلام الشيخ، مع ابتسامة النصر والهمس. لقد دحر الشيخ كلام العوام دون فهم ما قاله الإثنان.. هكذا الجمهور حتى اللحظة نتيجة مقبولية كلام رجل الدين ورفض كلام المثقف مهما كان ناهضاً.
في معرض رد الشيخ على إشكالات الناقد الشرس قال إنه نقل عمن كتب في ماركس، ولم يقرأ لماركس نفسه لعدم معرفته اللغة الألمانية.
وهذا حقيقة يشكل معضلة خطيرة للكثير من الخطباء الذين دأبوا في السنوات الأخيرة على الاستشهاد في أطروحاتهم المنبرية على أسماء وقراءات للكتاب والفلاسفة الغربيين، إلا أن النقل حول آراء علماء الغرب يتمّ عبر من كتبوا فيهم، وبالتالي يتم نقل رأي الكاتب وهو فهمٌ للنظرية أو المقولة الغربية، وليس النقل الحقيقي لتلك النظرية، فوقعوا في فخ النقل عن مناوئين وليس عن ناقدين متجردين موضوعيين.
وعادتنا في الوطن العربي ترى أن المحاضر ـ خاصة حين يكون شيخاً أو رجل دين ـ لا يعتذر عن الخطأ أو يعبر عن امتنانه للنقد ويعد بتصحيحه، بل يبرر كل النقود كي لا يبدو مخطئاً.
مدير الحوار السيد قصي الخباز كان يقدم الشيخ بسماحة الشيخ ويقدم المهندس محمد الشافعي بـ “الناقد” مجردة، فإن كان اللقاء عادلاً والمحاور معه في العدل فلا يجوز أن يكون الخطاب فوقياً تراتبياً، كما يحدث دائماً، وقد قدمنا هذه الملاحظة كثيراً.
ولأن اللقاء كان على أرض الشيخ فقد جاءت مداخلة أحدهم على الناقد بقوله إنه غارق في الثقافة الغربية، ونسى ـ أو تناسى أو تغافل انتصارا لمن هو يشجعه ـ أن الشيخ هو من ذكر العلماء الغربيين والناقد ذكر من ذكرهم الشيخ في محاضرته وليس الناقد، وهو نفسه لم يتمالك إلا أن ذكر روجيه جارودي الفيلسوف الفرنسي.
المداخلات كانت انتصاراً للشيخ واسئلة للناقد الفارغة من الولوج إلى صلب نقاط النقد وصب الأسئلة الشخصية لشخص المهندس تسجيلاً لانتصارهم للشيخ، فكانت الأسئلة موجهة لشخص الناقد وليس للمحاضر.
إن الأسلوب والمبادرة جيدة وهي نوع من التعديل والتصحيح إذا ما كانت الملاحظات ترصد ويستفاد منها كما يجب أن يكون التصحيح أمام الجمهور الذي شاهد أو حضر المحاضرات محل النقد، وإن كانت ثمة أخطاء أن يواجه المحاضر في محاضرة مستقلة لنفس المكان ونفس الجمهور ليصحح تلك الأخطاء والا تعتبر مثل هذه اللقاءات للترف المعرفي ولتسجيل موقف فقط.
المقال لايخلوا من التحامل وعدم الإنصاف وإن كان مصيبا في بعض النقاط
لقد شبه الكاتب القاعة بملعب المحاضر والحضور بجمهور الشيخ
فهل كان المفروض أن تكون القاعة في بلد غير مكان إقامة الشيخ وهل المطلوب أن نأتي بجمهور ليس لهم معرفة بالشيخ حتى يتحقق العدل من وجهة نظر الكاتب ؟
لقد ذكر الكاتب ان الجمهور كان متجهم لكلام الناقد ومبتسم لكلام المحاضر فهل كان الكاتب مراقبا ومتفحصا لوجوه الحضور حتى يتفوه بهذا الكلام الذي لا يقبل من عوام الناس فضلا عن مثقفيهم
أما تسمية المحاور الناقد بأسمه بينما يسمي المحاضر بسماحة الشيخ فهذا أيضا في تجني على المحاور
فقد أختار الناقد بنفسه التسمية بلقبه أبو عبد الله دون اللألقاب الأخرى او المسميات الوظيفية وكان ذلك أمام الجميع
أما ان جميع الأسئلة كانت موجهك الى الناقد وكانت دفاعا عن الشيخ المحاضر فهذا أيضا مخالف للحقيقة ويمكن مراجعة التسجيل لبيان صحة ذلك