مُلتقى عشاق الدمام وأقدم أسواقها يستعيد وهج 8 عقود «سوق الحُب» شاهدة على تأسيس المدينة ومُلهمة الروائيين والشعراء

الدمام: صُبرة

هل أخذ سوق الحب اسمه من بائع كان يُبسط بـ«الفصفص» في مدخله، أم لأنه كان مُلتقى العُشاق والمُحبين في عقود مضت؟ يختلف سكان مدينة الدمام، التي يحتل السوق وسطها، في الإجابة على هذا السؤال.

لكن السوق، التي تجاوز عمرها العقود الثمانية، ستخضع لعملية تطوير وتأهيل، أعلنت عنها اليوم (الأحد)، أمانة المنطقة الشرقية، ضمن خطتها «لتعزيز السياحة الداخلية وإحياء الموروث الشعبي».

إلى الشرق من قصر الحاكم الإداري للمنطقة الشرقية تقع السوق، وهي من أوائل المرافق التي شُيدت في المدينة في أربعينات القرن الميلادي الماضي، حينها كانت الدمام في مرحلة التأسيس، مع قدوم الدواسر إليها وإلى شقيقتها الخبر، بعد انتقالهم إلى المنطقة من البحرين.

فيما كانت «أرامكو» تؤسس لوجودها في الرأس الثالث من المثلث: الظهران، لتتحول الدمام لاحقاً إلى عاصمة إدارية للمنطقة، بعد انتقال الحاكم الإداري إليها من الهفوف.

ومع هذا الزخم؛ تأسست السوق عام 1365هـ (حوالى 1945)، لتستقطب باعة الشاي والقهوة (لاحقاً أصبحت مقاه شعبية)، وباعة الذهب والملابس والمقتنيات النسائية، فضلاً عن باعة الخضراوات والفواكه والبذور والحبوب.

الحَب أم الحُب؟

يُقال ان بائعاً كان يبسط عند مدخل السوق، لعرض بضاعته من الحَب (الفصفص)، هو من منح السوق اسمه، لكن آخرون يميلون إلى أنه «الحُب»، فالسوق الذي كان يبيع الملابس النسائية كان يستقطب المتسوقات من النساء والفتيات لشراء حاجياتهن ومتطلباتهن في الأعياد والمناسبات الاجتماعية والأعراس، فكان الشباب يقصدونه، حتى أصبح مقصداً للأحباب والعُشاق.

وضمن هذا النسق أيضاً، يقدم البعض سبباً مختلفاً قليلاً للتسمية، مفاده أن غالبية العرسان كانوا يقصدون السوق، لشراء الذهب وخياطة وتفصيل الملابس، مما ألصق به مسمى «سوق الحُب».

مُلهمة الروائيين والشعراء

يُقال أن شاباً كان يسكن في الحي المجاور للشارع، تأثر بأحداث قصة الفيلم المصري «شارع الحُب» الذي لعب بطولته عبدالحليم حافظ وصباح، فأطلق المُسمى على الشارع والسوق، الذي حضر أيضاً في أعمال روائية (أبرزها ثلاثية أطياف الأزقة المهجورة للدكتور تركي الحمد)، وقصائد مُغناة لشعراء شعبيين.

السوق الذي كان بطول 300 متر، وعرض 15 متراً، ضم عشرات الدكاكين الصغيرة المتلاصقة والمحال المتخصصة في بيع الذهب والعطور والملابس النسائية. ومع نمو الدمام نمت السوق، وتعدت شهرته حدود المدينة إلى مناطق أخرى في المملكة، وكان مقصداً لعمال الشركات الكبرى في المنطقة، خصوصاً «أرامكو» التي كان موظفوها وموظفاتها يقصدون السوق في عُطل نهاية الأسبوع.

وإلى اليوم؛ ورغم ظهور عشرات المجمعات الفخمة في المنطقة، فإن السوق تستقطب المتسوقين، خصوصاً من النساء الكبيرات في السن، اللواتي جهزن غرف زفافهن من محال هذه السوق.

تفاصيل المشروع

اليوم، كشفت أمانة المنطقة الشرقية عن أبرز تفاصيل تطوير السوق، مبينة أنه تم البدء في المرحلة الأولى المتوقع الانتهاء منها نهاية شهر نوفمبر المقبل.

تقوم فكرة المشروع على إعطاء أولوية للمُشاة، وإمكانية الوصول الشامل لذوي الإعاقة، وتقليل سرعة المرور، إذ أن الشارع المشترك سيزيد من أعداد المشاة في المنطقة، ويقلل حركة السيارات، ويزيد من نسبة الأمان والسلامة.

ومن أهم عناصر الشارع المشترك، عدم وجود اختلاف في مستوى الشارع، وتغيير مواد الأرضيات والأشجار والشجيرات والألوان ومسارات لذوي الإعاقة وكبار السن، ما سيعيد السوق معلماً من معالم الشرقية، وعنصر جذب عند زيارته.

وسيساهم هذا المشروع في خلق تجربة حضرية جديدة تواكب «رؤية المملكة 2030»، وتتكامل مع الموقع واحتياجاته، وتحافظ على تراث المنطقة.

تطوير وسط الدمام

بدوره، قال وكيل الأمين للتعمير والمشاريع المهندس عصام الملا في بيان صحافي، «إن مشروع تطوير سوق الحب هو امتداد لمشروع تطوير المنطقة المركزية وسط الدمام، بهدف إيجاد هوية عمرانية وثقافية وسياحية تعكس تاريخ المدينة وأصالتها بأسلوب حضاري حديث».

واعتبر الملا، الأسواق الشعبية ذات قيمة اقتصادية وتأهيل الحرف الشعبية وإحياء الذاكرة العمرانية ستعيد للمنطقة هويتها.

وأشار الى أن الأمانة قامت بعمل دراسة كاملة، لتحويل شارع 13 في السوق إلى ممر للمشاة، لتقليل حركة المركبات داخل السوق، والتشجيع على التميز والتفاعل المجتمعي في مختلف الأنشطة.

وأكد وكيل أمين الشرقية، أن الأمانة تحرص على الاهتمام في الأسواق الشعبية، باعتبارها «تراثاً أصيلاً يجب العناية به، لأهمية هذه المناطق الشعبية»، وقال «تسعى الأمانة لتأصيل مفهوم السوق، كونه جزء من نظام اقتصادي معرفي وثقافي ومكان لتبادل القيم والأفكار والعلاقات الجديدة بين المجتمع، من منطلق أهمية هذا السوق في الدمام».

«أيام سوق الحب»

وكانت أمانة الشرقية نظمت مهرجان «أيام سوق الحب»، الذي حول المكان إلى لوحات حية وتفاعلية من الماضي الجميل، وشارك فيه حرفيون وأصحاب متاحف ومهن قديمة، بمشاركة النساء والأطفال مع آبائهم لمساعدتهم في إنتاج هذه الأعمال التراثية.

وأقيم المهرجان تحت شعار «قديمك نديمك.. لو الجديد أغناك» ليكون أول مهرجان نوعي لإحياء الموروث في الأسواق الشعبية واستمر 10 أيام.

وتضمنت فعاليات المهرجان عروض تراثية وأركان وفلكلور شعبي ومهن حرفية قديمة، إضافة للمسرح التفاعلي الذي قدمت خلاله محاضرات تثقيفية للتعريف بحضارة وتاريخ الدمام والأسواق الشعبية، ومنها سوق الحب.

تعليق واحد

  1. لا تألفون من عندكم في تسمية سوق الحب وتظهرون مجتمعنا المسلم بانه مجتمع منحل معروف سبب التسمية مأخوذة من كلمة الحب بكسر الحاء حيث كان الشارع يباع فيه الاواني الفخارية المصنوعه من الفخار مالجرار والزير وغيرها وكانت تسمى الحب بالكسر

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×