اتباع أهل البيت (ع) والعمل الصالح توأم

علي الفرج

التزام الإنسان بأي دين يتضمّن أمرين أساسيين: الإيمان القلبي، والعمل الصالح، وهذا ما تذكّر به العديد من الآيات القرآنية حينما تقرن الإيمان بالعمل الصالح، فلا الإيمان منفردًا يعني التزام الإنسان بالإسلام، ولا العمل الصالح منفردًا يُدخل الإنسان في هذا الدين.

وانسجامًا مع الرؤية القرآنية، كان أئمتنا من أهل البيت (ع) دائمًا ما يحثّون شيعتهم وأتباعهم على أن يكونوا النموذج في تطبيق الأحكام وأن يكونوا النموذج في الالتزام العملي للشريعة الإسلامية. فقد ورد عنهم (ع) مطالبتهم لشيعتهم بأن يكونوا لهم زينًا وألَّا يكونوا عليهم شينًا، وذلك لا يكون إلَّا من خلال التطبيق العملي والتعامل الأخلاقي العالي.

ولذلك تُرفَض تلكم الروايات التي تهوِّن من شأن التزام المسلم بالأحكام الشرعية. فعندما نطالع (كتاب الأربعين) للشيخ شمس الدين أبو الحسن سليمان بن عبد الله الماحوزي (1075هـ – 1121هـ) ص 105، مثلًا، ونقرأ فيه الرواية التالية: «روى الشيخ المفيد، طاب ثراه، في أماليه عن صفوان الجمال أنه قال: دخلت على الصادق (ع)، فقلت: جعلت فداك، سمعتك تقول: شيعتنا في الجنة، وفي الشيعة أقوام يذنبون ويرتكبون القبائح، ويشربون الخمور، ويتمتعون في دنياهم. فقال (ع): نعم أهل الجنة، إن الرجل من شيعتنا لا يخرج من الدنيا حتى يبتلي بسقم، أو بمرض، أو بدين، أو بجار يؤذيه، أو بزوجة سوء، فإن عوفي من ذلك كله شدد الله عليه النزع حتى يخرج من الدنيا ولا ذنب عليه. فقلت: لا بد من رد المظالم.

فقال (ع): إن الله جعل حساب خلقه يوم القيامة إلى محمد وعلي (ع)، فكلما كان في شيعتنا حسبناه من الخمس في أموالهم، وكل ما كان بينهم وبين خالقهم استوهبناها لهم حتى لا يدخل أحد من شيعتنا النار». إننا حينما نقرأ هذه الرواية، يجب أن نعرضها على القرآن الكريم، ومن ثمّ نقبلها أو نرفضها. ولأنها تتعارض وما قرّرته العديد من الآيات التي نادت باقتران الإيمان بالعمل، لا يمكن قبولها ولا قبول الروايات المشابهة لها في المضمون.

ومن هذه الروايات أيضًا ما وجدتُه منتشرًا على بعض صفحات التواصل الاجتماعي، ولا يبعد تناقلها بين المؤمنين، وهي هذه الرواية: «جَاء رَجُل للإمام الرِضّا عليه السلام وقَال: أنتُم تقولوا لا يدخل النار من كان في قلبه حب علي وأولاد علي … قَال (ع) : نَعم قَال : وإن كان فاسِقاً قَال (ع) : يَبتليه الله ببَلاء في الدنيا و يذهبْ للآخرة طاهراً قَال : وإن لَم يَحصل ذَلك قَال (ع) : عند تغسيله بالماء البَارد يتحول عليه نار فيأتينا طاهراً قَال : وإن لَم يحصل ذلك قَال (ع) : يضغط الله قَبره حتى يأتينا طاهرا قَال : وإن لم يحصل ذلك قَال (ع) : نشفع له رغماً عن أنفك». وقد بحثتُ عنها في المصادر الروائية، فلم أجد لها مصدرًا، وإنما تُتناقل في الفضاء الإلكتروني فقط. وهي رواية تتعارض مع المضامين القرآنية الشريفة، كما أنها تتعارض مع ما صحّ عن أهل البيت (ع) من أمرهم لشيعتهم بالعمل، بل وبأن يكونوا النموذج في ذلك.

‫3 تعليقات

  1. وددت ان اكمل على تعليق ما سبق مني ايضا
    الرواية التي نقلها سماحة الشيخ وقال لا توجد في المصادر الحديثية
    على فرض عدم وجودها لأنني لم ابحث

    فمضمونها في العشرات من الروايات
    ولكم جزيل الشكر

  2. السلام عليكم
    الذي يظهر ان سماحة الشيخ الفاضل لم يلتفت إلى الرواية جيد من حيث الدلالة
    نعم ان المذنب يعاقب بذنبه وهذا مقتضى القانون الالهي
    ولكن ايضا ان هناك قانون الرحمة والعفو والمغفرة

    والرواية لم تخرج دلالتها عن القانون الاول حيث أشارت إلى ان المذنب يعاقب ولكن عقابه يناله في الدنيا يعني التسريع في العقاب
    وهذا لا يتعارض مع القرآن .

    وكون الأئمة يحثون شيعتهم على الالتزام هل يمنع من وجود عاصي يعصي
    لا اعتقد فجزاء من عصى هو ما أشارت اليه الرواية

    وايضا وما الضير في ان يكونوا اهل البيت شفعاء وهذا ما صرحت به الروايات

    اعتقد الدين لا يقاس بنا ترتضيه العقول او ما لا ترتضيه

    كلام اهل البيت كالقرآن .

    وفهم الروايات ودلالتها تحتاج إلى معرفة علومية لا إلى عقلية نحن مع ادلة لفظية

    فتنبه ولا تنزع من الله ومحمد وآل محمد اارحمة والمغفرة والشفاعة
    كما لهم حق العقاب

    المحال لا يسع للإطالة

    حفظكم الله شيخنا الفاضل

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×