البُكيرات.. عُشر ثروة القطيف.. المتبخرة نخلة أنثى لا تحتاج إلى تلقيح ذكر ولا تدخُّل بشري.. وتُنتج بسخاء

صُبرة: خاص

في عام 1951م؛ وثّق عالم النخيل العراقي عبدالجبار البكر أصناف نخيل القطيف، ضمن مشروع لمنظمة الزراعة والأغذية “الفاو”. وجاء في تقاريره أن صنف “البُكيرة” ـ أو البُكيرات ـ يحتلُّ نسة 10% من إجمالي أنصاف النخيل في القطيف.هذا الصنف قطيفي خالص، ويكاد لا يُزرع إلا في القطيف، وهو متوسط الجودة كرطب. وينضج في أواخر يونيو، وهو الصنف الثاني من حيث النضوج بعد “الماجي” وقبل “الغُرّهْ”. وهو يؤكَل رطباً في أوانه. لكنّ أهميته الاستراتيجية ـ قبل زمن النفط ـ كانت تكمن في كونه مصدراً ثرياً من “الدبس” الفاخر الذي لا يُستهلك محلياً فحسب؛ بل يُصدَّر إلى خارج البلاد.

دبس فاخر

تاريخيّاً؛ كان دبس تمر “البكيرات” أفخر أنواع الدبس القطيفي على الإطلاق. ومثلما كان “الخنيزي” في المقدمة تمراً وسلوقاً، احتلَّ “البكيرات” و “خصبة رزيز” المقدمة في سلعة الدبس الفاخر، حسب إفادات الفلّاحين.

ما يُميزه هو صفاؤه، وسلاسته، وبرودة سكّره، وقدرته على الاحتفاظ بميزاته مدةً طويلة جداً، دون أن يجمد، أو يتخثّر، كما هو حال دبس “السّايرْ”.

الميزة الدبسية في البكيرات هي سبب عناية فلّاحي القطيف بإكثار نوعه في الزمن القديم. حتى وصلت نسبة انتشاره إلى 10% من إجمالي نخيل القطيف البالغ تعدادها ـ سنة 1951 ـ مليون نخلة. وقد تراجعت أعداد نخيل البكيرات خلال العقود الأخيرة، وتراجع إنتاج الدبس الخالص من تمرها.

هذا التراجع ألجأ الفلّاحين إلى استخلاص الدبس من الأصناف المعروفة بـ “الساير”، أي خليط أنواعٍ متجانسة من التمر، ثم بيعها بأسماء أهمّ ما فيها. كأن يُباع دبس الخلاص مخلوطاً بغيره بعنوان الخلاص، أو الخنيزي مخلوطاً بعنوان الخنيزي.

وفي الوقت الراهن؛ هناك قلةٌ من الفلّاحين من يستخلص الدبس من أصناف نقية خالصة.

أول الصرام

بما أن البكيرات من الأصناف المبكرة؛ فإنه يُخرف أولَ الموسم، نهاية يونيو، ويُتمِر تماماً قبل نهاية يوليو. وتُصرَم عذوقه المُتْمِرة أوائل أغسطس. وهو أول الأصناف صراماً ونشراً وتكديساً في “كناديج” الدبس (غرف الاستخلاص). وهذا ما يُبرّر توفر دبسه في  سبتمبر، قبل غيره من الأصناف.

نخلة بلا ذكر

من بين عشرات الأصناف في نخيل القطيف؛ تنفرد نخلة “البُكيرات” بغناها عن التدخل البشري في التلقيح غالباً. إن لقّحها الفلّاح أثمرت، وإن تركها أثمرت. ويكاد يكون الفرق معدوماً بين الحالتين. وفي كلتا الحالتين؛ لن تُثمر شيصاً مطلقاً، بل ثمراً طيباً.

وثمة أمرٌ آخر يميّزها أيضاً؛ هو كونها من نخيل القطيف التاريخية الأصيلة. بل هي نخلة قطيفية خالصة، كانت تحتلُّ أهمية تجارية عالية.

أما في عصرنا الراهن؛ فإن الثروة الإنتاجية من هذا الصنف تبخّرت، ولم يعد لها أثر واضح في سوق التمور. كما أن دبسها الصافي بات نادراً، وقلة من الناس من يثمّنه فيشتريه بسعر عالٍ بوجود أصناف أخرى.

 

‫2 تعليقات

  1. يا ريت الجيل الجديد يرجع لزراعة هذه النخلة .
    الشعب الذي يأكل من يده لا يجوع .

    بالنسبة لي : البكيرات أطعم رطب .

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×