في معنى رحمة الاختلاف.. وأهمية العين المسلحة

سعيد المادح

نحن في زمن العلم والتقدم، ونحن نرتقي به، لا بالاختلاف الذي نراه بين علمائنا فيمن يؤمن بالتطور ووسائل والتكنولوجيا الحديثة ومن لا يؤمن إلا بالرؤيا بالعين المجردة.

وهنا أذكر معنى حديث النبي الأكرم أنّ “اختلاف علماء أمتي رحمة لهم”، فمحال أنْ يكون هذا المعنى هو ما أراده النبي صلى الله عليه وآله وسلم. أنهم يختلفون في تفسير قوله كل يذهب في وادٍ.

الاختلاف مذموم، وليس رحمة للناس، ولو كان رحمة لكان الاتفاق سخطاً وعذاباً. وهذا ما لا يقول به عاقل. وقد بيّن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ المراد من مضمون هذا الحديث النبوي.

روى الصدوق في (علل الشرائع 1: 85) بسنده عن عبد المؤمن الأنصاري، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن قوماً يروون أن رسول الله (ص) قال: (اختلاف أمتي رحمة). فقال: صدقوا. فقلت: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب؟

قال: ليس حيث تذهب وذهبوا، إنما أراد قول الله عز وجل: {فَلَوْلا نَفَرَ منْ كلّ فرْقَة منْهمْ طَائفَةٌ ليَتَفَقَّهوا في الدّين وَلينْذروا قَوْمَهمْ إذَا رَجَعوا إلَيْهمْ لَعَلَّهمْ يَحْذَرونَ} (التوبة:122). فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله (ص) ويختلفوا إليه، فيتعلموا منه الفقه ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم من البلدان وليس اختلافاً في دين الله، إنما الدين واحد.(انتهى).

فالمراد بالاختلاف في الحديث النبوي المذكور هو الذهاب والمجيء إلى حلقات العلم كما في قوله تعالى من معنى الاختلاف أي الذهاب والمجيء {وله اختلاف الليل والنهار}، (سورة المؤمنون: 80).

لقد أراد الإمام أن يبين وجهًا مختلفاً لظاهر النص لكي يعطي انفتاحاً في مدلوله.

أنا كعامي لدي أسئلة كثيرة:

لماذا لا يرون مشروعية العين المسلحة مع ما وصل اليه العلم من تقدم ودقة متناهية..؟

على سبيل المثال النظارة الطبية أليست عيناً مسلحة تساعد من يستخدمها على تصحيح بصره..؟

إن كثيراً من طلبة العلم يستخدمونها ولا يستطيعون أن يستغنوا عنها في حياتهم اليومية، في القراءة والكتابة وأيضا إذا أراد أن يقود سيارته. وأيضاً كيف نؤمن بما يأتينا من أهل الاختصاص في علم الفلك ونصدق كلامهم إذا كان هناك خسوف أو كسوف ولا نشك في أقوالهم.. ؟!

الرؤيا هنا ليست بالضرورة أن تكون رؤيا عين، ومثال على ذلك قول الله تعالى للنبي الاكرم في القرآن الكريم :  {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}. نحن لم نرَ بأعيننا وصدقنا.

وهناك امثال كثيرة تحتاج الى تأمل فيما وصل إليه العلم.

أخيرًا أقول، والوجه المطلوب أو المرجو هو تفعيل العقل لا العين والبصيرة لا البصر فالعين قاصرة عن بلوغ الحقائق:

إنّ معنى الرؤية يتدرج من فعله الأول، وهو النظر بالعين مجردة، ثم يتطور إلى النظر بالعين من خلال واسطة (العين المسلحة) فيصل إلى مراحل الرؤية والنظر والإبصار، وهو العلم اليقيني وليس الظني الذي لا يخضع للحجب والغيوم.

 فلو تعذرت رؤية الحقيقة بالعين؛ فإنه لا يعني اختفاء الحقيقة، حيث إن الرؤية تتجه لسلك العلم وتفعيل العقل.

إنّ الحكم الصادر في زمن النبي كان لأمة قد خلت {لها ما كسبت ولكم ما كسبتم}، أي ما كسبتم من العلم. ومع تغيرات الأزمنة يأتي القرآن ليثبت أنه يجري ما جرى الزمان، فيعطينا الحل بإحكام مفهوم الرؤية {أَفَلَا یَنظُرُونَ إِلَى ٱلۡإِبِلِ كَیۡفَ خُلِقَتۡ}، [سورة الغاشية 17].

فهي تحفز العاقل للعلم الذي يُعبَر به من الظاهر إلى الباطن..؟ فيتمكن من رؤية الحقيقة. لقد توصل العلم المادي إلى هذه الرؤية اليقينية من خلال تقنيات العصر الحديث.

وهنا  يجب علينا  أن نؤمن بالعلم لأننا بالعلم نرتقي.

‫5 تعليقات

  1. الأخ سعيد المادح السلام عليكم،
    للأسف الصحيفة لم ترفع جوابي عليك و كان مطولا و اعادة كتابته يستغرق جهدا.

    بعجالة على من لا علم له الرجوع الى العالم فطالب الفيزياء يرجع الى عالم الفيزياء و كم من اختلاف بين العلماء و المصدر واحد.

    و الحديثان أستدل بهما من قال بثوبت الأشهر بالعين المجردة في قول الإمام الصادق عليه السلام: في قول واحد رأه و أخرون قالوا لم يروا اي الهلال، ثم قال اذا رأه واحد رأه مئة، و اذا رأه مئة رأه ألف. و قول الباقر عليه السلام في رؤيا الهلال حيث لا يكون بالرأي و لا بالظن. فإستدلوا بوجوب العين المجردة بسبب من استخدم العين المسلحة لم يستطع غيره من لا أداة له ان يرى الهلال، فقالوا ان المنظار و التلسكوب و الحسابات الفلكية هي أدوات مساعدة لرؤيا الهلال بالعين المجردة.

    و كما قلت انت فحتى بالمنظار اي العين المسلحة حصل الخلاف فيه فجمعية الفلك بالقطيف لم تره في حال مجلس الاستهلال بالقطيف و الدمام أصدر برؤيته بالعين المسلحة و لم يرى بالعين المجردة.

    فالإشكال موجود حتى بالعين المسلحة فيما كانت الظروف مهيئة و حتى بالحسابات الفلكية بإختلاف حساباتها لا يحل.

    مع العلم في اليوم التالي ظهر الهلال و رؤي بالعين المجردة بوضوح فلو رأه واحد رأه مئة.

    و لا أخطئ من قال بثبوت الأشهر من العلماء ان كان بدليل من الكتاب القرأن المنزل و الرسول و أهل بيته صلوات الله عليهم كما ذيلت في ردي السابق. فمدرسة أهل البيت باب الاجتهاد بها مفتوح.

    و للعلم تحتاج الى الرجوع الى الفقيه الذي ترجع له عزيزي فالعالم يعطيك المبنى و انت تعمل بتكليفك، فأعتقد ان هنالك فجوة بينك وبين الفقيه الذي ترجع له في المبنى حيث لا يجب على المكلف الرجوع في ثبوت الأشهر الى منطقة الفقيه الذي يرجع له فإن ثبت في منطقة المكلف حلول الشهر على مبنى الفقيه الذي يرجع له و اطمئن لذلك فقد دخل الشهر.

    هذا و أسعدني الحديث معك و هداني الله وإياك الى سبيل الرشاد بحب محمد وال محمد صلوات الله عليهم

  2. الأخ سعيد المادح السلام عليكم،
    تحتاج للرجوع الى الفقيه الذي ترجع له عزيزي فالعالم يعطيك المبنى وانت تعمل بتكليفك، و ما نقلته أنا من الحديثين فهو مبنى من رأى من الفقهاء بوجوب العين المجردة لا بغيرها، و هو في “قول الصادق عليه السلام في: قول واحد رأه و أخرون لم نره اي الهلال، و قوله عليه السلام اذا رأه واحد راه مئة و من ثم اتبع اذا رأه مئة رأه ألف” “و كذا ايضا استدل بقول الباقر عليه السلام في رؤيا الهلال حيث لا يكون بالرأي و لا بالظن” فاستدل به بوجوب العين المجردة بسبب ان من استخدم العين المسلحة لم يستطع غيره ان يرى الهلال، فقالوا ان المنظار و التلسكوب و الحسابات الفلكية هي وسائل مساعدة للرؤية بالعين المجردة، وهذا من يرى من العلماء وجوب الرؤيا بالعين المجردة و رأي يحترم وبحثه مطول لا يسعه الحديث هنا.
    وأخي العزيز ان كنت قاصرا في العلم فعليك الرجوع الى العالم و لاضير فطالب الفيزياء يرجع الى عالم الفيزياء و كم من اختلاف بين العلماء و المصدر واحد واللبيب يفهم.
    مع العلم ان المسألة مسألة إطمئنان فإن كنت مطمئنا لمجلس الإستهلال فلك ذلك ان كانوا على مبنى الفقيه الذي ترجع له، واعتقد ان لديك فجوة في معرفة مبنى الفقيه الذي ترجع اليه فليس على المكلف الرجوع الى المرجع في ثبوت الاشهر في منطقة مرجعه، فإن ثبت للمكلف ثبوت الشهر في منطقته على مبنى الفقيه الذي يرجع له و اطمئن لذلك فقد دخل الشهر.
    و اكرر انا لا أخطئ من قال من الفقهاء بجواز ثبوت الشهر بغير العين المجردة بوجود الدليل من الكتاب القرأن المنزل و الرسول و أهل البيت صلى الله عليهم كما ذيلت في كتابتي السابقة.
    فمدرسة أهل البيت عليهم الصلاة و السلام باب الإجتهاد بها مفتوح و نأخذ من علمائها لا من عوامها و من لا حظ له من علومها الا فتاتا.
    هذا و أسعدني الحديث معك و وفقك الله و هداني و اياك الى سبيل الرشاد بحب محمد وال محمد صلوات الله عليهم.

  3. التساؤل أمر لطيف ومحبوب ما دام لزيادة التفقه في الدين
    وقد أجاب علماؤنا الذين يرفضون الرؤية المسلحة بعدة أجوبة, منها:
    إنّ عنوان “الرؤية” يصدق على الرؤية بالنظارة, فحتى لو كان في ذلك الزمان نظارة فإنّ من ينظر من خلالها يُقال عنه أنّه قد رأى بعينه.
    بينما في مسألة التلسكوب يقولون إنّ تحقّق هذا العنوان غير معلوم.

  4. الاخ ابوعبدالله
    عليك مراجعة بيان مجلس الإستهلال بالقطيف والدمام والذي أوضح رؤيته في المنطقة بواسطة العين المسلحه
    أن لم اخطأ الفقهاء ولكنه تسأول لدى كثير من الناس الذين لا يستطيعون ان يبوحو بما لديهم
    اما بخصوص ما نقلته في الحديثين انه لابد من رؤيته بالعين المجرده فلم يأتي نص أن الرؤيا لابد ان تكون بالعين المجرده … فعندما يتوصل العلم إلى حقيقة لا نستطيع نفيها وهي وجود الهلال في الأفق كما في كثير مما توصل له العلم في اثباث الأنساب ورؤية الفيروسات التي لا نستطيع نفيها بمجرد عدم رؤيتنا لها
    عليه يثبت انه لا يوجد حكم ظني يخالف الحكم الشرعي في إثبات ما لا تستطيع العين المجردة رؤيته
    اخيرا هي امنية في القلب ان يفسر الاختلاف الوارد في الحديث على ان تكون كلمتهم واحده
    اخيرا تساؤل أخر هل افهم من كلامك عندما تقدم رأي مجلس الاستهلال على رأي المراجع في اثبات الهلال قبلهم هو مخالفة للمراجع

  5. أخي الكاتب أحسنت في أستفسارك و لكن عليك أن تبحث جيدا في أراء العلماء في فتياهم و استنادهم في أهلة الشهور و كنت تستطيع أن تتصل على أحد رجال الدين الذي عنده معرفة و علم خير لك من اظهار ما لا تعلم.

    فتفضل هذا الحديث عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عليهما الصلاة و السلام الذي استدل به من الفقهاء و قال في وجوب الأهلة برؤية الهلال بالعين المجردة علما ان جمعية القطيف الواقعة بمنطقة القطيف لم تستطع رؤيا الهلال بالعين المسلحة ليلة السبت.

    ففي كتاب التهذيب في صحيحة عثمان بن خراز، عن أبي عبدالله الإمام جعفر بن محمد (عليهما الصلاة و السلام) قال: قلت له: كم يجزي في رؤية الهلال؟ فقال (عليه السلام): ان شهر رمضان فريضة من الفرائض فلا تؤدوا بالتظني، و ليس رؤية الهلال ان يقوم عدة فيقول واحد قد رأيته، و يقول الأخرون لم نره، اءا رأه واحد رأه مئة، و اذا رأه مئة رأه ألف… الى اخر الحديث.

    و كذلك عن باقر العلم الإمام أبو جعفر محمد بن علي (عليهما الصلاة و السلام): اذا رأيتم الهلال فصوموا، و اذا رأيتموه فأفطروا ، وليس بالرأي و لا بالتظني و لكن بالرؤية … الى اخر الحديث.

    طبعا لا نخطئ الفقهاء من قال بإجزاء الرؤيا بغير العين المجردة ان كان مستند لدليل من كتاب الله المنزل و النبي و اله عليهم الصلاة و السلام.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×