عقدة النقص.. الخطأ والخطيئة
الدكتور محمد قطان
كل إنسان يولد ولديه نواقص يحتاج أن يكملها، وهذا أمر طبيعي.
والنواقص على نوعين:
* نقص قابل للتغيير.
* نقص غير قابل للتغيير.
الإحساس بالنقص هو الدافع الفعلي الذي يدفع الإنسان للعمل والمسيرة في الحياة.
إذن ما هي عقدة النقص؟
تُعرف عقدة النقص أو الدونية (inferiority complex ) أنها الشعور المبالغ فيه بالنقص والنظر لهذا النقص بأنه “فشل”، مما يؤدي إلى أعراض نفسية مرضية، و قد يتحول إلى سلوك (تصرفات) سيئة للإنسان الذي لديه عقدة النقص.
وقد تكون لنقص وهمي ناتج عن سوء إدراك.
علماء النفس والسلوك يعتبرون عقدة النقص من أساسيات التحليل النفسي.. إلى درجة أن بعضهم يرى أن عقدة الزيادة أو التعالي superiority complex
التي نجدها عند البعض هي ارتداد أو وسيلة دفاع عن النفس لعقدة النقص التي في هذا الإنسان.
للتسهيل، من أمثلة عقد النقص الشائعة:
(١) أمور قابلة للتغيير بسهولة أو بصعوبة:
٠ المستوى الدراسي
٠ المهنة
٠ الثروة
٠ الوزن
٠ الزوج والزوجة
(٢) أمور غير قابلة للتغيير “عموما “:
٠ مكان الولادة والمنشأ: مثلا القرية مقابل المدينة
٠ لون البشرة
٠ الطول
٠ الأسرة: الأب والأم والأخوة ونسب العائلة والقبيلة
٠ بعض الأمراض الوراثية التي ورثها صاحب العقدة
أسباب عقدة النقص:
١/ أسباب ذاتية: ومنها
الإنسان الذي لديه عدم الثقة بالنفس لأسبباب جينية أو مكتسبة
أو الذي يضع أهدافا مثالية ( perfection ) للوصول إليها
أو الذي يكثر من مقارنة نفسه بالآخرين.
٢/ أسباب مجتمعية: ومنها
لوم الأبوين للطفل بأنه لم يحقق ما يرجونه منه، أو مقارنته بإخوته، أو التعرض للاعتداء اللفظي أو الجسدي أو الجنسي، أو نظرة المجتمع لبعض الفئات باستنقاص.
والذي يهمنا هو أثر عقدة النقص:
أولا: الخطأ: و يتمثل في
١/ نفسية صاحب العقدة: كالشعور بالدونية، تأنيب الذات، القلق، الاكتئاب، إلخ
٢/ سلوك صاحب العقدة الذاتي:
* كالخجل والانزواء أو بالعكس محاولة جذب الانتباه والشهرة وعدم قبول النقد
* عدم القدرة على العطاء أو التطور، أو بالعكس باللهث وراء تعويض النقص بشكل ضار للنفس:
مثال على ذلك:
أن يدخل تجارة لا خبرة له فيها ويقترض أموالا فوق طاقته طمعا في الوصول لما وصل إليه آخرون.. فيخسر الكثير.
أو اللجوء إلى عمليات التجميل التي قد تؤول إلى ما لا يحمد عقباه.
ثانيا:الخطيئة:
وهذه أسوأ ما قد يصل إليه صاحب عقدة النقص:
وهو أن تدفعه عقدة النقص إلى سلوك يؤذي به الآخرين.. من الأمثلة الموجودة على ذلك:
* الزوج الذي (أو الزوجة التي) يقرر الانفصال، فقط بسبب عقدة النقص، بحثا عن شريك أفضل في نظره.. وما ينتج عن ذلك من تشتيت للأسرة والأبناء.
* المدير الذي يتحول إلى عدائي ويحاول عرقلة الموظفين لعقدة نقص مترسبة لديه ليشعر بالقوة، أو خشية أن يصبحوا أفضل منه يوما ما.
* الصديق الذي يحفر لصديقه لأنه يراه أفضل منه.
* الأخ الذي يؤذي أخاه كما في قصة نبي الله يوسف عليه السلام.
وقس على ذلك من الموبقات بمختلف مستوياتها والتي قد تصل لأكبر الجرائم مثل قابيل و هابيل.
الحلول:
((1)) العلاج الذاتي.. و يندرج تحته:
أولا: البصيرة ( insight )؛ و هي أهم خطوة في الحل فلابد من ادراك الإنسان بأن لديه عقدة نقص.. إذ أن هناك جزء هام ممن لديهم عقدة نقص لا يدرك ذلك ( subconscious ) أو يدركها و لكن لا يعتبرها مشكلة.
ثانيا: تجنب الوقوع في الخطيئة.. فلا ذنب للآخرين.
ثالثا: عدم الإنجرار للخطأ الذاتي.
رابعا: تحويل عقدة النقص إلى شعور اعتيادي بالنقص في الأمور القابلة للتغيير.. من النوع الذي يدفع الإنسان للعمل دون خطأ أو خطيئة.
خامسا: عدم الالتفات مطلقا للأمور غير القابلة للتغيير.
سادسا: التركيز على الذات وعدم المقارنة بالآخرين.. وهذا شعور جميل بالاستقلالية والتحرر من العيش في جلباب الآخرين.
سابعا: الرضا بما لدى الإنسان والاستمتاع بما لديه وتجنب التركيز الدائم على ما ليس لديه.. فلا راحة لغير قانع أبدا.
ثامنا: المعرفة بأنه لا يوجد إنسان كامل حتى من تراهم ظاهريا أنهم كاملون وتشعر أمامهم بعقدة النقص.
(( ٢ )) الاستعانة بمختص في علم النفس و السلوك إذا لزم الأمر:
حيث أن العقدة إذا لم تنحل قد تستنزف فترة طويلة من عمر الإنسان وقد تدوم طوال عمره.
وذهب بعض علماء النفس أن عقدة النقص لا يمكن حلها ذاتيا بل لابد من تدخل مختص.
و يتركز العلاج على ٣ أنوع يحددها المختص:
١/ العلاج النفسي
٢/ العلاج المعرفي السلوكي
٣/ العلاج الدوائي.
احسنت دكتورنا