من عدنان العوامي إلى جلال الهارون: عتاب على الأحباب اختلافنا من نوع 5+5 = 7+3
عدنان السيد محمد العوامي
يعود الفضل في تعرُّفي إلى الأخ المهندس جلال الهاورن، لمجلة الواحة، فقد عرفته باحثًا لبقًا، ذا جلد قوي، وبصيرة نافذة، فعددته كنزًا من كنوز البحث والتوثيق في المنطقة، وليس هذا مجاملة ولا تزلفاً، وشاهدي عليه أن هيئة المجلة فاتحته في الانضمام إليها، فاعتذر – بلطفٍ ولباقة غير غريبتين عليه – بظروف قدرتها هيئة السياحة والآثار التي كان عضواً فيها وقتها.
لكن ظروفه لم تُعفه من التواصل معها، والكتابة في المجلة، فكان واحدًا من أهم كتابها، ولأني عرفته سمحًا، متقبِّلاً للرأي الآخر، أبيح لنفسي أن أعاتبه عتاباً متصلاً بتعقيبه على السجال المحتدم بيني وبين الأخ الكريم حسن دعبل.
في التعقيب يهمني منه قوله:
“السيد عدنان نقل هذه المعلومة “قصف رحمة بن جابر لقلعة القطيف” عن كتاب الدكتور محمد عرابي نخلة، الذي نقلها بدوره عن كتاب المؤرخ الإنجليزي لوريمر، الذي أوردها على النحو الآتي: . . . “ونحن لا نعرف عن حركة القوات المصرية في الأحساء إلا أقل التفاصيل، ولكن يبدو أن رحمة بن جابر كان يقدم معونته لإبراهيم باشا، وقد جاء لهذا الغرض من بوشهر بإخضاع ميناء الوهابيين في القطيف بنيران المدفعية . . . انتهى.
ونلاحظ هنا أن لوريمير بدأ حديثه عن هذه الأحداث بعبارة (ونحن لا نعرف . . . إلا أقل التفاصيل)، وهو صادق بأنه لا يعرف عن هذا الحدث إلا أقل التفاصيل، وهذا ما أود توضيحه هنا”.
في الحقيقة لم يكن رحمة بن جابر بطل هذه الأحداث كما توهم لوريمر، فقد كان رحمة خلال تلك الفترة لاجئًا في بو شهر، وذلك بعد أن طرده الإمام عبد الله بن سعود من الدمام في عام 1816وهدم قلعتها عقابًا له على تواصله السري مع حاكم مسقط”.
ألحقيقة أن هذه كبوة غريبة من مُجلٍّ معروف بحدة الفطنة، وحصافة الرأي، كيف فهم قول لوريمر: “لا نعرف إلا أقل التفاصيل”، أنها جهلٌ تامٌّ مطبِقٌ بكل التفاصيل؟
ثم إن هذه التفاصيل التي لا يعرف إلا بعضًا منها مرتبطة بحركة القوات المصرية في الأحساء، ولذا قال: “ولكن يبدو أن رحمة بن جابر كان يقدِّم معونته لإبراهيم باشا – وقد جاء لهذا الغرض من بو شهر بإخضاع ميناء الوهابيين في القطيف بنيران المدفعية”.
أفلا يكون هذا من التفاصيل القليلة التي يعرفها، ولا يجهلها؟ أمر آخر لا ينبغي تجازوه، ألا وهو أن تأريخ لوريمر لقيام رحمة بضرب ميناء القطيف هو سنة 1818م، بينما يؤرِّخ الأخ جلال طرد الإمام عبد الله بن سعود له من الدمام بسنة 1816م، أي بفارق سنتين، ثم إن لوريمر لم تفته الإشارة إلى تلك الحادثة التي عناه الأخ جلال، فقد ذكرها، بل وأسهب في تفاصيلها.
وإليك نص ما قال عنها: “في سنة 1815 – وربما قبلها بقليل – تحلَّل رحمة بن جابر، فجأةً، من الوُلاة الوهابيين، واتَّصل بحاكم مسقط. ويبدو أن هذا الانتقال – من جانب لآخر – لم يكن ينجم عن تناقضٍ في مسلك رحمة، بل إلى ضراوة عدائه للعتوب في البحرين، ممن نشب الخلافُ بينهم وبين حليفهم السابق سعيد؛ لما كان يعتزمه – لو نجح هجومه على البحرين سنة 1816- من إحلال رحمة بن جابر مكان شيخ البحرين، وأصبح الوهابيون والقواسم – بحكم صداقتهم لآل خليفة – هم أعداء رحمة، وضحاياه، وقام أمير الوهابيين الذي أسخطه انقلاب رحمة عليه باضطهاده بكل الوسائل التي ملكتها يداه، ففي يوليو سنة 1816 أمر بتدمير قلعة كان رحمة قد شيَّدها على ساحل الأحساء، وتمكَّن هذا بجهد شديد من إنقاذ أسرته وممتلكاته ونقلها إلى خور حسان، وكان أمير الوهابيين قد أمر أن تنقل هذه جميعًا إلى الدرعية، وأخيرًا في أكتوبر سنة 1816 وصل رحمة إلى بوشهر لاجئًا منفيًّا، تصحبه حوالى 500 أسرة، وكان معه – عدا عن القوارب الصغيرة – سفينتان كبيرتان، وأخرى متوسطة، وعدد من السفن الصغيرة، وما زالت السواحل الغربية والشمالية تحتفظ – حتى اليوم بآثار قلاعٍ تنسب إلى رحمة بن جابر”[1]، فلدينا فاصل زمني بين طرد رحمة من الدمام وعودته لضرب قلعة القطيف مقدتره سنتان.
أمتعتني محاورتك كثيرًا، وإن كانت شبيهة بمن يختلفون في صحة جمع الرقم 10 ، هو 5 + 5، أم هو 7 + 3؟. إليك وللقراء الكرام بالغ امتناني على صبركم، وتحملكم.
————
[1] دليل الخليج، ج. ج. لوريمر، طبعة جديدة معدلة ومنقحة، أعدها قسم الترجمة بمكتب صاحب السمو أمير دولة سمو قطر، القسم التاريخي، بدون تاريخ، جـ3/1201 – 1202.
الهارون معقّباً على العوامي: ابن عريعر هاجم القطيف.. لا رحمة بن جابر