الهارون معقّباً على العوامي: ابن عريعر هاجم القطيف.. لا رحمة بن جابر

 تعقيباً على ما كتبه السيد عدنان العوامي

في الحلقة الرابعة (4) بعنوان

جيش مصري يحتل القطيف ووباء هندي يجتاح المنطقة

جلال خالد الهارون

تابعت وباهتمام كبير كل ما كتبه السيد عدنان عن تاريخ ميناء القطيف في صحيفتكم الموقرة “صبرة” ولا شك بان “ابا أحمد” قامة أدبية كبيرة وجدير باهتمام الجميع.

ولكن استوقفني في هذه الحلقة حديثه عن الشيخ رحمة بن جابر الجلاهمة عندما أشار الى انتهاز “رحمه” لفرصة احتلال القوات المصرية لواحة القطيف وإرساله للسفن الحربية وإقدامه على قصف قلعتها.

وحيث إني حديث عهد بدراسة هذا الموضوع؛ فقد صدر لي ـ مؤخرا ـ كتاب جديد عنوان “تاريخ القطيف السياسي” وتناولت بشيء من التفصيل أحداث هذه الفترة، لذا أحب أن أوضح ما يلي.

السيد عدنان نقل هذه المعلومة “قصف رحمه بن جابر لقلعة القطيف” عن كتاب الدكتور محمد عربي نخله ([1]) الذي نقلها بدوره عن كتاب المؤرخ الانجليزي “لوريمر” الذي اوردها على النحو الآتي ([2]):

… ونحن لا نعرف عن حركة القوات المصرية في الإحساء إلا أقل التفاصيل، ولكن يبدو أن رحمة بن جابر كان يقدم معونته لإبراهيم باشا وقد جاء لهذا الغرض من بوشهر بإخضاع ميناء الوهابيين في القطيف بنيران المدفعيه… انتهى.

ونلاحظ هنا أن “لوريمر” بدأ حديثة عن هذه الأحداث بعبارة (ونحن لا نعرف… إلا أقل التفاصيل) وهو صادق بأنه لا يعرف عن هذا الحدث الا أقل التفاصيل، وهذا وما أود توضيحه هنا.

في الحقيقة لم يكن “رحمة بن جابر” بطل هذه الأحداث كما توهم “لوريمر” فقد كان “رحمه” خلال تلك الفترة لاجئاً في بندر بوشهر ([3]) وذلك بعد أن طرده الإمام عبدالله بن سعود من الدمام في عام 1816م وهدم قلعتها عاقباً له على تواصله السري مع حاكم مسقط.

ولكن وفي المقابل تخبرنا بعض المصادر المعاصرة لتلك الأحداث أن الذين هاجموا قلعة القطيف وانتزعوها من يد القوات السعودية هم آل عريعر شيوخ قبيلة بني خالد، فقد جاء في مخطوطة “مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود” تأليف الشيخ عثمان بن سند الوائلي النص التالي ([4]):

… وفي تلك السنة – أي – (1233هـ/1818م) فتح الله الأحساء وزال عنها من تلك البدعة البأسا وذلك أن الوزير المترجم – أي – (داود باشا) والرزم الباسل الكيخم أرسل من العراق محمدا وماجدا ابني عرعر الخالدي الحميدي ولهما ساعدا، فقدما على عشيرتهما فسارت على رأيهما وسيرتهما وحاصرا بمن سار معهما البلاد الاحسائية، قبل أن يفتح الوزير إبراهيم الدرعية العارضية – أي – (ابراهيم باشا قائد الحملة المصرية)، ففتحاها وقراها وفتحا القطيف وما حاذاها وقتلا من أتباع ابن سعود من حاضرته وباديته واستأصلا بالبواتر الخالدية من شجعانه وعاديته… انتهى.

من هذا النص يتضح لنا أن الذي حاصر قلعة القطيف وفتحها هو الأمير محمد بن عريعر الخالدي وليس رحمه بن جابر، كما اعتقد “لوريمر”.

ومما يؤكد هذه الحقيقة أيضا وجود رسالة مكتوبة بخط الأمير محمد بن عرير الخالدي مرسلة إلى حاكم مصر محمد علي باشا المصري يخبره فيها بأنه تمكن من السيطرة على الاحساء والقطيف وانه أرسل ابنه ماجداً الى الدرعية بهدف مقابلة القائد المصري إبراهيم باشا.

(انظر الصورة رقم 1)

 

وأما عن دور رحمه بن جابر الجلاهمة خلال هذه السنة فان “السير فرانسيس وارد” يذكر بأن “رحمه” أبحر بسفنه من بندر بوشهر إلى البحرين وهاجم أسطول سعودي مكون من (12) سفينه تابعه للقواسم كانت تتردد على البحرين بهدف نقل المؤنه “الارز والتمر” إلى رأس الخيمة وبالفعل تمكن أغراق أربع سفن ثم عاد الى بوشهر وهناك نال الكثير من الاطراء والثناء من المقيم البريطاني في بوشهر السير بروس ([5]).

وهناك رسالة أخرى مخطوطة أرسلها “رحمه بن جابر” إلى الوزير داود باشا حاكم بغداد يخبره فيها أنضم إلى القوات الخالدية التي سيطرة على القطيف بقيادة الشيخ ماجد بن محمد آل عريعر وهذا نص ما جاء فيها ([6]):

… كتابكم الشريف المستعمل باسم محمد آغا وصل وأسرنا بما فيه من الخطاب وأطلعنا على ما فيه ونحنا خدام على القرب والبعد وحال التاريخ نحنا صحبة الشيخ ماجد آل عريعر والفانا كتاب الوزير ابراهيم باشا وأمر علينا ببعض المهمات على حسب الاستطاعه ونرجو من الله الجمالة مع من نكون في عونه وصحبته… انتهى.

وفي السنة التالية 1819م زار القطيف الضابط البريطاني “سادلير” وذكر بان شاهد الخلافات التي كانت دائرة في قلعة القطيف وقت زيارته بين الشيخ مشرف آل عريعر ممثل داود باشا حاكم بغداد وبين “خليل آغا” ممثل محمد علي باشا حاكم مصر، ولكن “سادلير” ذكر بانه وقبل مغادرته القطيف حسم الأمر بوصول أوامر عليا (من الخليفة العثماني محمود الثاني) كانت تقضي بانسحاب القوات المصرية من القطيف والاحساء وتسليمها  إلى الامير محمد آل عريعر وهذا ما تم حيث سلمت قلعة القطيف الى الشيخ مشرف والذي بدوره سلمها الى الشيخ سعدون بن محمد آل عريعر والذي حكم القطيف بعد ذلك لمدة عشر سنوات.

الوثيقة رقم 2

وثيقة محرر في القطيف عام 1237هـ عليها توقيع أمير القطيف الشيخ سعدون بن محمد آل عريعر

هذا ولكم تحياتي

—————–

[1] . نخله، الدكتور محمد عرابي، تاريخ الاحساء السياسي، منشورات ذات السلالسل، الكويت، الطبعة الاولى 1980م، الصفحة 36.

[2] . لوريمر، ج. ج.، دليل الخليج، القسم التاريخي، الجزء الثالث، اصدار قسم الترجمة بمكتب أمير دولة قطر، الصفحة 1424.

[3] . بندر بوشهر الميناء المعروف على ساحل فارس.

[4] . البصري، عثمان بن سند الوائلي، مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود، تاريخ العراق ونجد، تحقيق دكتور عماد عبدالسلام رؤوف، إصدار الدار العربية للموسوعات، بيروت، الطبعة الأولى 2010م، الصفحة 446.

[5] . شبر، ماجد، القبائل والصراعات السياسية والقبلية في تقارير الضباط والمعتمدين البريطانيين، اصدار بين الوراق، بيروت، الطيعة الأولى، 2010م/ الصفحة 467.

[6] . الهارون، جلال خالد، تاريخ القطيف السياسي، اصدار الدار العربية للموسوعات، بيروت، الطبعة الاولى 2020م، الصفحة 31.

[ميناء القطيف 4] جيش مصري يحتلّ القطيف.. ووباء هندي يجتاح المنطقة

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×