المجلس الأخير للملا علي المزيّن.. العوامي.. القديحي

القطيف: صُبرة
لأكثر من 4 عقود؛ حمل الملا علي بن الملّا محمد جواد المزيّن لقب “العوّامي” في بلدة القديح. لزمه اللقب الواصف لمسقط رأسه، تمييزاً له عن “ملالي” القديح الريفية الغنية بعددٍ ليس قليلاً من “خطباء” المنبر، جيلاً بعد جيل.

إنها تسميات معتادة في بلدات القطيف، لكل من يأتي إلى أي منها من بلدة أخرى، سواء كان ملا، أو فرداً عادياً، انتقل لسبب حياتي أو أسري.
كلُّ غريبٍ يقطن بلدة ـ أو يتردد عليها ـ يُوصَف في البداية باسم المكان الذي جاء منه. وفي القطيف عشرات الأسر التي حملت أسماءَ أماكن جاءت منها..

هناك: الصفواني، والقديح، والسيهاتي، والعنكي، والشويكي، والمحيشي، والجشي، والملاحي، واللاجامي.. بل هناك من جاء من خارج الحدود؛ فعُرف بـ: الماحوزي، و”البصري”، و “الستراوي”، و المقابي، والشاخوري، والعماني، والقطري..!
كانت هذه الطريقة كافية لتغيير أسماء عائلات، قبل أكثر من نصف قرن.
لكن “الملا علي المزيّن” الذي توفّاه الله أمس في القديح؛ جاء من بلدة جارة غيّر سكّانها اسمه ـ شفاهياً ـ فاحتفظ به طيلة سنوات.

صار قديحياً
مضى أكثر من 40 سنة، و “العوّامي” لم يعد “عوامياً” فحسب، بل صار “قديحياً” أيضاً، وصار جزءاً من البلدة التي أحبّها وتزوج منها وأنجب فيها. لكنّه ـ عصر اليوم ـ عاد إلى مسقط راسه محمولاً على أكتاف أبناء بلدته الأولى وأبناء بلدته الثانية، ليُدفَن في المقبرة التي يرقد فيها والده الملا محمد جواد المزيّن.

ابن الملا
وُلد الملا علي المزين عام 1364هـ، في منزل والده الخطيب الذي حمل صفة “ملّا” أيضاً. وقدم له والده أساسيات التعليم.. القرآن الكريم.. القراءة.. الكتابة.. ثم درّبه على الخطابة في مقتبل حياته. شبّ “علي” على صعود المنابر.. يقرأ المجالس.. يقرأ المواليد والوفيات.. انتقل من كونه “صانعاً” يقرأ مقدمات المجالس لوالده إلى قراءة المجالس كاملة.. ذلك نموٌّ طبيعي لأي خطيب على طراز “الملالي” المعروفين في القطيف.
ومن بلدته “العوامية” سعى إلى الخروج.. فقرأ مجالس في الأوجام والتوبي والملاحة.. بنى لنفسه بعض الشعبية في بعض القرى. لديه صوتٌ جهوري وحافظة ممتازة، وهما أداة كل “ملا” يشقُّ طريقه في مهنةٍ ذات طابع ديني.

خطة حياة
لكنّ خط حياته اتجه إلى بلدة القديح منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي (التسعينيات الهجرية). حين بدأ يشقّ طريقه؛ كانت البلدة تعرف عدداً لا بأس به من الخطباء.. هناك الملا علي توفيق، الملا حسن مقيلي، الملا مهدي درويش، وآخرون من آل الشاعر وآل ناصر وحميدان والخضراوي والزين..!
وفي بلدة مولعة بالمجالس الحسينية ـ مثل القديح ـ يُمكن لأي خطيب أن يحصل على منبره، فيلزم ما يُعرف بـ “عادات” مبرمجة طيلة السنة. حصل الملا “العوامي” على نصيبه من المجالس الصباحية والعصرية والليلة.. جدول القديح مزدحم بـ “العادات”.. وحين جاء من بلدته كان شابّاً قويّ البنية والحنجرة..
حسناً؛ هذا هو المطلوب في القديح، وغير القديح. وهكذا مرّت السنة تلو السنة، ليتحوّل “العوامي” إلى جزء من حياة “القديح” اليومية. يقرأ المجالس والمواليد والوفيات، في المناسبات المحددة، وفي العادات الأسبوعية..

إضافة الى خطابته كتب الملا المزين الشعر شعبياً لصالح المنبر ايضاً

وعصر أمس الثلاثاء؛ قدّم آخر مجلس له في منزل الحاج عبدالله آل غزوي.. أنهاه وهو في حالٍ طيبة. لم يظهر عليه شيءٌ حسبما ذكر الشيخ علي الفرج. لكنّه كان المجلس الأخير.

 

‫5 تعليقات

  1. اللهم ارحم الملا علي ‘ابو ماجد’ بواسع رحمته واسكنه الفسيح من جنانه مع من عاش جل حياته في خدمتهم’محمد وآل محمد’عليهم السلام
    لقد فقدنا الرجل الطيب القلب الخلوق فإنا لله وإنا اليه راجعون

  2. الف رحمه عليه
    له بصمه بقراءه المنبر الحسيني في بلدة الملاحة
    وكان يقرأ بمجلس حسينية الدرويش
    ومنذُ عرفنا قراءه المجالس الحسينية
    له باعُ طويل يقرأ في عشره محرم
    ولكن اختاره الله ولا حول ولا قوة الا بالله
    هنيئا له لخدمة الحسين
    الفاتحة له

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×