“الصُوّعَهْ”.. ضيفٌ يلوذ بنا في البرد.. رحّبوا به ولا “تمصعوه”..! الذعرة البيضاء يأتي بأناقته في الشتاء

فيصل هجول*

فيصل هجول

وعَىْ وعَىْ

زِعْلت عليه الصُّوَّعَهْ..!

هذا من هدهدات الأمّهات لأطفالهنّ الرضّع في القطيف سابقاً. كنّ يحاولن الغناء للصغار، بكلامٍ متشابه الإيقاع والنغم. واستخدام اسم الطائر الجميل؛ كان عفوياً ربّما، أو نوعاً من التهديد البريء.

هناك أيضاً ما يُشبه الأهزوجة:

صُوّعَهْ يا صُوّعَهْ

لاخِدْ أوليدشْ واْمْصَعَهْ

وهناك مثل في المملكة هو “بيض الصّعُوْ”، يُضرب في التقليل من قيمة المعني بالمثل.. أو في من يُسمع عنه ولا يُرى.

في كل الأحوال؛ “الصُّوَعَهْ” طائرٌ جميل جداً، ويُعرف ـ في تاروت ـ باسم آخر هو “السلحلح” ولديه الكثير من الأسماء المحلية في عدة مناطق.

ففي الكويت يعرف باسم “السلاحي” أو “الأصقع” وفي غرب المملكة “أبو الفصاد” ويتشارك المصريون في هذا الاسم أيضاً، وفي بعض بلاد الشام يعرف باسم “كركزان” و “السلحوت”، ويطلق عليه آخرون الصعوّة.

تعدّدت الأسماء

ولكل اسم من هذه الأسماء دلالة تحمل صفة لهذا الطائر.

فالصَّعو أو الصوع أي الطائر الصغي، ويصل طوله إلى ١٩ سم، و “السلحوت” نسبة لصوته الذي يصدره إذ إنه يصدر نغمة مثل “سِل سِل”.

وحمل اسم الذعرة نسبة لتحريك ذيله عندما يشعر بالخوف والذعر.

ولم أجد تفسيرا لتسميته بـ “السلحلح” رغم شهرة هذا الاسم لدى أهل جزيرة تاروت. ويقول عضو مجموعة رصد وحماية الطيور مهدي الصغير إن هذه التسمية قديمة جداً، فمنذ عرف هذا الطير عرفه بهذا المسمى، ويضيف الصغيّر: إن أسماء الطيور سواء المحلية أو العربية أو حتى المعربة، تبقى أسماءَ اجتهادية بعضها يطابق شكل ولون الطير وبعضه يطابق سلوكه وكثير من الأسماء لا تطابق الطير ولا في شيء مما ذكر. مثال على ما ينطبق على السلوك “الدخلات” وهذا الاسم مأخوذ لأن الطير دائماً يوجد داخل الأغصان. أما الذعرة التي هي السلحلح إن كان يعني خوافة فهو عكس ذلك.

وعن تسمية أبو الفصاد تقول عضو مجموعة رصد وحماية الطيور الدكتورة ضحى الهاشمي إنها تسمية قديمة ومذكورة بمعاجم اللغة العربية.

اسم علمي

ولنتعرف عليه باسمه الموحد فعلينا الاشارة إلى اسمه العلمي وهو Motacilla alba

أو بالاسم الإنجليزي: White Wagtail

ومع كل بداية خريف تبدأ هذه الطيور في هجرتها من موطنها في الشمال كشمال ايران وتركيا لتتجه نحو الجنوب لتقضي الشتاء.

والجزيرة العربية بأكملها مشتى للذعرات، وبطبيعة الحال فإن القطيف هي واحدة من المناطق التي تقضي فيها الذعرة شتائها، لهذا نرى تواجده ملحوظ بدء من أواخر أكتوبر وحتى بدء الربيع في شهر مارس وعادة ما يرى بشكل جماعي على المسطحات الخضراء كالكورنيش وأيضاً بالقرب من المستنقعات المائية والمزارع. كما أنه يقترب من المناطق السكنية ولا يكترث كثيراً بوجود الانسان من حوله.

طائر قمّام

ومن السهل على الراصد المتتبع لأحوال الطيور تمييزه عن باقي الطيور لشكله المميز والمنفرد به عن بقية الطيور حتى مع أبناء جنسه وأبناء عائلته المتشابهين معه في الشكل والمختلفين معه في اللون والرسم للشكل الظاهري.

ومن حيث تغذيته فتعتبر الديدان والحشرات غذائه الرئيس فالذباب المنزلي على سبيل المثال وجبة من وجباته المفضلة وهنا دوره جلي وواضح في النظام البيئي واتزانه.

حالته من حيث الخطر والانقراض مستقرة فلا مهددات حقيقية تهدد تواجده عدى أن بعضها قد يكون ضحية لشباك المزارعين الذين ينصبون الشباك لغرض حماية زرعهم وبذورهم لا بنية الصيد.

هو ضيف يحل علينا كل شتاء، ونأمل أن تستمر هذه الزيارات بشكل اوسع له ولأجياله في المستقبل.

* فوتوغرافي ومهتم بالحياة الفطرية والطيور.

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×