[مقال] د. محمد الحضرين: عقبى للدكتوراه لا عقبال الدكتوراه
د. محمد الحضرين
من مشكلات (المتوترين والموتسبين) – مع تحفظي على هذين المصطلحين الدخيلين- أنهم ابتدعوا رسما إملائيا مخالفا تماما لما اُصطلح عليه عند أرباب اللغة والكتابة والأدب، وهو أمر خطير جدا ليس في ظرفه الآني، وإنما تكمن خطورته بعد حين؛ لأنه يؤسس لرسم إملائي خاطئ، فإذا ما ألفه هؤلاء (المتوترون والموتسبون) وأُدبوا عليه فإن جيلا لاحقا مغلوبا على أمره سيتلقى ذلك على أنه الرسم الاصطلاحي الصحيح. وتزداد خطورته –أيضا- عندما نلحظ وقوع المثقفين عامة والمتخصصين خاصة في أخطاء إملائية، واستسلامهم لها وسكوتهم عن إصلاحها، بدافع الضعف حينا والاستهتار حينا آخر.
كانت الشكوى من ضعف اللغة الفصيحة في اللسان العربي، وأصبحت اليوم في اليد واللسان، وبدأ إحلال الحوار العامي، وما يستلزمه من رسم خاطئ يتسع في كل جوانبه، وبعد أن كنا بعمْرو أصبحنا بعمْرين. وهذا الأمر دعوة صريحة إلى العامية قصدت أو لم تقصد، ولا تقل شأنا عن دعوات المستشرقين ( وليم ولكوكس، وولمر) وغيرهم مما بسطته لكل طالب صغير كتب الأدب في المرحلة الثانوية بل هي أشد ضراوة ونكاية بها كونه يصدر من أبنائها الذين تنكروا لها. لقد حاول البارودي ورفاقه من جيل الرواد أن ينتشلوا اللغة من تلك الأوهاد المتردية، وفعلوا خيرا نتذكره إلى اليوم، وجابهوا المستعمر الغاشم وانتصروا عليه، وها نحن اليوم نعيدها إلى تلك الأوهاد، وتمضي بنا خطواتنا الحثيثة إلى ذل الحال وركاكة اللسان، وإذا كنا كذلك فالنتيجة -حتما –شخصها الرافعي في قوله: “وما ذلت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار”، ولله دره حين قال:
أمٌّ يكيد لها من نسلــها العـــقب *** ولا نقيصة إلا ما جنى النسبُ
كانت لهم سببــا في كل مكــرمة *** وهم لنكبتها من دهرها سببُ
لا عيب في العرب العرباء إن نطقوا *** بين الأعاجم إلا أبهم العـربُ
ومن الأخطاء الشائعة التي تزري بأقلام الكتاب كتابة كلمة ( عقبى) متصلة باللام التي تليها هكذا ( عقبال)، وهو خطأ ما أقبحه من خطأ! إذ إنه ناشئ عن التلقي الصوتي الخاطئ للكلمة فظن المتعلم البسيط -وهو معذور – أنها كلمة واحدة، ثم من سذاجة بعض المثقفين أن امتطى هذا الرسم -وهو غير معذور- ليصبح رسما ثابتا في كل تهنئاته. ولتوضيح ذلك أقول نقلا عن معاجم اللغة أن:
عُقبى تعني: آخرُ كلِّ شيء وخاتمتُه.
وعُقبى لك : أدعو لك بحسن العاقبة ، تقال ردًّا على التَّهنئة بمولودٍ أو نجاحٍ أو زواجٍ أو حجٍّ ونحو ذلك. وجاء في لسان العرب (الجزء العاشر مادة عقب): ” والعقبى جزاء الأمر، وقالوا: العقبى لك في الخير أي: العاقبة”.
ونقول عُقْبَى لَكَ: وهي الدَّعْوَةُ بِحُسْنِ العَاقِبَةِ، يقول بدر شاكر السياب:
أَلاَ تَبّاً لِحُبٍّ ، هَذِهِ الآلاَمُ مِنْ عُقْبَاهُ
ونقول: العقبى لك، وعقباه الخير، وعقبى النجاح الفلاح، وعقبى الماجستير الدكتوراه، وعقبى المؤمنين الجنة، ومنه قوله تعالى: ” سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ”، وقوله: ” تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ”.
والأمثلة في هذا كثيرة واللبيب تكفيه الإشارة، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
جزاك الله خير يادكتور فعلاً هناك كلمات تنطق وتكتب خطأ ونريد منك مقال عن الكلمات الدخيلة على لغتنا العربية
تقبل مروري