بعد 38 سنة من رحيله.. عبدالواحد الخنيزي يرسم قلبه في طبعة ثانية

القطيف: ليلى العوامي

بعد 38 سنة من رحيله؛ أطلّ الشاعر السعودي عبدالواحد الخنيزي من جديد في “طبعة ثانية” من مجموعته الشعرية الوحيدة “رسمتُ قلبي” التي صدرت الطبعة الأولى منه في سبعينيات القرن الماضي.

وفي أمسية خريفيةٍ باردة؛ أطلق ملتقى الخط الحضاري، مساء البارحة، الطبعة الجديدة التي أشرف عليها وقدّم لها الصحافي فؤاد نصر الله، وأقام حفلاً في قبو منزله، حضره لفيف من المهتمين بالشعر والأدب في المنطقة الشرقية. الأمسية قدّمها الشاعر علي مكي الشيخ، وشارك فيها، الصحافي خليل الفزيع، حسن الزاير، عصام الشماسي، ياسر آل غريب، أديب محمد سعيد الخنيزي، حبيب محمود.

علي مكي الشيخ

الغائب الحاضر

مقدم الأمسية تحدث عن “الشاعر الغائب الحاضر برسم القلب”.. داعياً إلى “تصفح تجربة الشاعر بالكثير من الوعي النقدي، والبحث اللغوي، والتحليل الإجرائي، ولكل ما نريد الوصول اليه”. وقال “أبو نزار.. عبدالواحد الخنيزي شاعر أفرزتهُ القطيف، موهوب، ومتشح بانفرادهِ، وإيقاعهِ المميز”.

خليل الفزيع

منهج رومانسي

رئيس تحرير صحيفة “اليوم” الأسبق خليل الفزيع؛ كان صاحب الورقة الأطول في تناول شعر الخنيزي، وأكثرهم استشهاداً بمقاطع من شعر ديوانه اليتيم.. وقال عنه إنه “من الشعراء المتميزين الذين استطاعوا أن يأخذوا الشعر إلى منهج رومانسي متميز، ومتفرد، وظهر في فترة زادت فيها الناحية الرومانسية على الشعراء، خاصة في بعض العواصم العربية، حينما ظهرت مدارس تعتني بالشعر الرومانسي، وقد استفاد من هذه التحولات الفكرية والنظريات الجدية في الشعر الذي قدم من خلاله شعراً أسهم في إنعاش الحركة الشعرية في بلادنا”.

عصام الشماسي

لا حشو

عصام الشماسي كانت له وقفة، أيضاً، مع الشاعر وقال عنه “في ديوانه أحرق قلبه قبل أن يرسمه، فالديوان هو خلاصة ما استنزل من الشعر، فأودعه في هذه المجموعة الصغيرة، وأينما قرأت ستجد شعراً لن تجد حشواً، أوغثاً.. ستصافح لغة شاعرية طافحة.. يصوغ قصائده، وكلماته من عمق أهاته فمن قصيدته “شعري”.. يقول:

من عمق آهاتي

وأنات الجراح الدامية

ومن الضحايا الغر

في سوح الفداء السامية

إلى أن يقول

شعري أنا شبابة الراعي، ولحن البادية

وأضاف الشماسي “قد يختلف النقاد في هذه الرؤى هنا وهناك، ولكن ربما أحسب أن الجميع سيتفق على أن الشاعر سجّل ببراعة أحاسيسه المرهفه، وشاعريته المتوثبة، وأسرجها شموعاً.. فأينما وقعت عيناه على مقطوعة؛ فستنقر حروفها وصورها النابضة على أوتار القلب”.

حسن علي الزاير

تسمية الديوان

الكاتب حسن الزاير؛ كشف ـ في كلمته ـ عن تسمية الديوان “رسمت قلبي”.. وقال إنه هو الذي أطلق هذا الاسم عليه في صدفةٍ. وقال إن لدى الشاعر عبدالواحد الخنيزي “نكراناً للذات، فهو لا يعتبر نفسه من الشعراء والأدباء، بل يرى نفسه هاوياٍ، ومن عشاق الأدب”.

وعن سبب تسمية الديوان قال “كنا في مجلس الشيخ عبدالحميد الخطي، وكان أغلب الحضور من بيت الخنيزي، بالإضافة إلى لفيفٍ من شخصيات البلد، وكنت بالصدفة دخلت مجلسهم في إحدى الليالي الرمضانية من عام 1965م وكانوا جالسين سألتهم “ما السالفة؟!”؛  فقالوا أخيراً اقتنع عبد الواحد بإصدار مجموعته الشعرية، ونحن نبحث عن مسمى لها. وبعفوية المراهقة وبسبب اطلاعي على بعض قصائده، وكونه محباً للحياة.. قلت سموه “رسمت قلبي”.. وهذا ما تمّ فعلاً.

أديب الخنيزي

رسم قلبه

ابن عم الشاعر، أديب الخنيزي، ألقى ثلاث قصائد لعبدالواحد.. وعلق بقوله إن “المرحوم أبا نزار فعلا رسم قلبه.. هو كشاعر من أرقّ  الشعراء.. وقْعُ شعره غيرمتكلف.. يخرج منساباً كما يناسب الماء العذب.. شخصيته في هذ القصائد رقيق مبتسم يحب الحياة يحب الناس صاحب كاريزما وصوت جهوري جميل بليغ.. كان لطيف المعشر”

ياسر آل غريب

الرعيل الأول

الشاعر ياسر الغريب؛ قدّم ورقة مكتوبة، وركّز على فكرة “الاحتفاء بهذا الشاعر القطيفي، وأن نستعيد ذكراه”، واصفاً ذلك بأنه “دلالة قوية على ارتباطنا بالرعيل الأول من شعراء وأدباء القطيف”.

وقال “الشاعر توفي وهوفي ريعان شبابه، ولو أتاح الله له العمر لنهلنا المزيد من إبداعه، وهو يمثل لون شعرياً جميلاً، هو اللون الرومانسي، وثَبتَ هذا اللون الأدبي وقدم إبداعات على مستوى الكثير من القصائد”.

حبيب محمود

رابعة الأربعة

أخيراً تحدث حبيب محمود الذي قارن الشاعر بمحيطه، خاصة محيط نشأته.. وقال “بصيغةٍ من الصيّغ؛ يُمكن وصف الشاعر عبدالواحد الخنيزي، بأنه رابع الخنيزيين الأربعة الذين توالى ظهورهم ـ أدبياً ـ منذ أربعينيات القرن الماضي. “عبدالواحد” هو أسرعهم إلى الرحيل، وهو الثالث من حيث ترتيب العمر.. وأقصرهم عمراً أيضاً، وفوق ذلك؛ هو أقلّهم إرثاً في الأدب. الأربعة؛ هم: الشيخ عبدالحميد الخطي الخنيزي (1338 ـ 1422)، والشاعر محمد سعيد الخنيزي (ولد 1345هـ)، والشيخ عبدالله الخنيزي (ولد 1350هـ). أما عبدالواحد فقد ولد عام 1345، وتوفي عام 1402هـ. وبذلك يكون قد عاش 57 عاماً فقط”.

وقال “ما يجمع الأربعة؛ هو ظهورهم إلى مشهد الأدب في القطيف متتابعين، وانخراطهم في مدرسة الرومانسية التي كان يُنظر إليها في أربعينيات القرن الماضي على أنها الشكل الجديد للقصيدة العربية. كان الأربعة جزءاً من مشهد قطيفيّ أوسع ثقافياً وأدبياً، انخرط فيه عبدالله الجشي ومحمد سعيد المسلم ومحمد سعيد الجشي وعبدالله الشيخ جعفر. مثّلت هذه الأسماء طليعة الخارجين على إطار القصيدة الكلاسيكية، ليكونوا جزءاً من الجيل الثاني من الشعراء السعوديين الموصوفين بـ “المجددين”..

(تصوير: جمال أبو الرحي)

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×