[صور] شرف الهاشم.. من نخيل “الجارودية” إلى بحيرة كليفلاند الأصدقاء يسردون حياة شاب اجتماعي في بلدته.. ومضياف في بلاد الغربة

الجارودية: فاطمة المحسن

عاشت بلدة الجارودية أمس ليلة طويلة وحزينة، متأثرة بمعلومات وفاة ابنها المبتعث “شرف الهاشم”، غرقاً في بحيرة تقع بمدينة كليفلاند الأمريكية. وبعبارات “مخنوقة”، وأحاسيس “مضطربة”، رثى زملاء الفقيد صديقهم، الذي غادرهم “فجأة” ودون مقدمات، تاركاً لهم الذكرى الجميلة، والسيرة الطيبة التي لن تفارق ذاكرتهم.

ولعل اللافت للنظر، أن العبارات التي قالها أصدقاء المبتعث الهاشم، بدت متطابقة ومتشابهة إلى حد ما، فالجميع اتفق على أن الفقيد كان بشوش الوجه، كريماً، مُبادراً، طيب القلب، وديعاً، ودوداً، فضلاً عن كونه شاباً اجتماعياً من الدرجة الأولى..

شرف الهاشم، تُوفي في بحيرة “إيري”، أثناء محاولته التقاط كرة وقعت في البحيرة، وبحث عنه أصدقاؤه كثيراً، فلم يجدوه، فأبلغوا الجهات المختصة، التي عثرت على جثته في قاع البحيرة.

ألم الفراق

أول الأصدقاء الذين تواصلت معهم “صُبرة”، هو يحيى آل خليف، الأكثر قرباً من الفقيد شرف الهاشم، فعندما تحدث آل خليف عن صديقه، خرج صوته حزيناً خافتاً، من وقع ألم الفراق، وهو يعتذر عن عدم الحديث إلينا، ليُكمل باقي اجراءات عودة جثمان الهاشم من الولايات المتحدة الأمريكية، إلى المملكة.

الكرم الحاتمي

ويقول صديقه الآخر مصطفى آل سلمان، بعبارات متقطعة بفعل الألم والحزن على صديقه: “لم أكن ويحيي آل خليف، نفارق الفقيد شرف الهاشم، فما زلت غير مُصدق لخبر وفاته حتى اللحظة، وأشتاق إلى الجلوس معه كعادتنا، وسماع صوته، ولكن أعود وأكرر أنني مؤمن بالله وقدره، وأدعو له بالرحمة والمغفرة”.

ويتابع آل سلمان: “الحديث عن أخلاق الفقيد يطول ويطول، فهو بين أصدقائه، الشخص المؤدب الودود، المعروف بكرمه  الحاتمي، ولا أتذكر أنه بخل علينا بشيء من ماله، أو تشاجر مع أحد أو غضب على أحدٍ”. وقال: “فقد كان الهاشم شاباً بشوشاً ومرحاً، يحب التواصل معنا جميعاً، حتى قبل وفاته بيوم واحد، كان قد تواصل معنا من الولايات المتحدة الأمريكية، وأخبرنا أنه سيرجع إلينا في شهر 12 القادم، أي بعد قرابة الشهرين من الآن”.

مصاريف الرحلات

ويتذكر آل سلمان  أيام الدراسة مع الهاشم، في المدرسة الثانوية بالجارودية. ويقول: “كان يصطحبنا أيام الاختبارات الى عمه، الذي يشرح لنا دروس التقوية”. ويضيف: “كنا كثيري التجول معه في الأماكن الجميلة، مثل البحر والبر وغيرهما، ويتكفل هو بكل مصاريف الرحلات في أغلب الأوقات، لكي نذهب ونستمتع، كما أن لنا ذكريات وصوراً عديدة معه في تلك الأماكن”.

ويتابع آل سلمان: “في المناسبات الدينية بالجارودية، كان الهاشم ـ يرحمه الله ـ يُشارك والده وأعمامه في مضيف الإمام الهادي ـ عليه السلام ـ لخدمة معزي الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ ويسهر ليالي المناسبات في تحضير الأطعمة للمعزين ويُقدمها بيديه لهم.

أول سفرة

وتبدو ذاكرة آل سلمان حاضرة بكل تفاصيلها، عند الحديث عن أول رحلة للفقيد إلى أمريكا. ويقول: “أتذكر في ليلة سفره للمرة الأولى إلى مقاطعة “كاياهوغا” في أوهايو الأمريكية، قرر أن يجمع أصدقاءه في منزله، لتوثيق هذه اللحظات عبر التصوير معهم، وفي هذه الدقائق، كان الهاشم يشعر بالفخر بأنه صديق لنا، ثم  مضى في رحلة تحقيق حلمه، ولم يمض عام، إلا وكنت مبتعثاً معه في الولايات المتحدة، ولكن في ولاية أخرى، تبعد نحو ساعتين، عن الولاية التي يدرس فيها، وهذه المسافة، لم تكن الحاجز الذي أعاق لقاءنا الأسبوعي، فكنت أقضي ثلاثة أيام في شقة الهاشم، الذي كان كريماً للغاية”.

تفاصيل الحادث

ويتذكر آل سلمان حادث وفاة صديقه، قائلاً: “كان يلعب الكرة الطائرة، بالقرب من بحيرة “إيري”، وكانت التعليمات في السابق، تشترط أن يكون اللعب بجانب البحيرة نهاراً، إلا أنه في وقت لاحق، سُمح باللعب في المساء، ودعاه أصدقاؤه للعب معهم بجانب البحيرة مساءً، وما يلفت الأنظار وجود مراكب ترسو بالقرب من ساحل البحيرة، ما يدل على عمقها، وأثناء لعب الهاشم مع أصدقائه، ارتدت الكرة، لتقع في ماء البحيرة، فأصر “الهاشم” على التقاطها،  رغم توسلات أصدقائه بعدم القيام بذلك، ولكن الهاشم أصر على أن يلتقط الكرة، وخلال وقت قصير، اختفى الشاب عن الأنظار، ما دعا غواصاً سعودياً للتطوع بنزول الماء، للبحث عنه، إلا أن مستوى المياه كان عالياً جداً، وأبلغنا الجهات المختصة، وبعد 45 دقيقة من الغرق، استطاع فريق الإنقاذ، انتشال جثمان الهاشم من قاع البحيرة”.

ابتسامة جميلة

لم يختلف حديث مرتضى لاجامي عن صديقه الهاشم، كثيراً عما تحدث به آل سلمان. وقال: “وجه الهاشم بشوش للغاية، وابتسامته جميلة، لا تفارق مُحياه، معرفتي به، بدأت منذ أيام الدراسة الابتدائية، وتوطدت هذه العلاقة خلال المرحلتين المتوسطة والثانوية”..

وأضاف لاجامي: “الهاشم كان كريماً ومعطاءً، فكان يدعونا لمنزله للمذاكرة، وكلما زاد عددنا في منزله، كلما كان سعيداً وفرحاً بنا”. ويتابع: “الفقيد لم يكن اجتماعياً على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه بالتأكيد كان اجتماعياً على أرض الواقع، ومواقفه الإنسانية الصادقة معنا ومع غيرنا كثيرة ولا حصر لها، وهذه المواقف تعتبر دليلاً على وفائه لهم في مآسيهم قبل أفراحهم، وفي عسرهم قبل يسرهم”. ويتابع اللاجامي: “الفقيد ممن لم تغيرهم رياح الغربة، ذهب إلى أمريكا “شرف” ورجع لنا “شرف” كما نعرفه.

آخر صورة للشاب الراحل

مجلس تلقّي التعازي في كليفلاند الأمريكية

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×