ثلاسيميا.. عبد الله آل سلمان.. أول شاب سعودي خضع لعملية علاج جيني فخور بأنه غيّر المرض.. ولم يُغيِّره المرض

سيهات: معصومة المقرقش
رحلة علاج طويلة بدأت منذ سنوات عمره الأولى، لم يتغيب كثيراً عن غرف التنويم، ولا زيارة مواعيده الشهرية والأسبوعية، وتعايش مع مرضه ولم يقعده يوماً.
كان الشاب عبدالله محمد آل سلمان “17 عاماً”، أول شاب سعودي خضع لعملية علاج جيني في مستشفيات المملكة في سن البلوغ، قاده القدر إلى تغيير تاريخه الصحي إلى ساحة للتحدي.
عبدالله آل سلمان، ظهر عليه مرض الثلاسيميا منذ عمر عامين، كما يقول، وبدأ بعلاجه الجيني ما بين 16 و17 عاماً، وقبل العملية بعام واحد فقط أجرى العديد من الفحوصات الطبيبة، وبعد عام من التأكد من أن جسمه قادر على إجرائها، دخل غرفة العمليات دون تردد أو قلق.
الولد الوحيد
يعيش عبدالله حياته بشكلٍ طبيعي قبل العملية وبعدها، كونه متصالحاً نفسياً وروحياً مع مرضه، وهو الذكر الوحيد بين أربع فتيات، واحدة منهنّ كانت مصابة بمرض الثلاسيميا ولكنها تعافت منه بعد عملية زرع النخاع.
وكرست أسرته كل جهودها لمتابعة علاجه، حتى أن والده وجد الفرصة المناسبة لأن يتقاعد مبكراً ويتفرغ للذهاب إلى مواعيد أبنه في الرياض، للتحضير للعملية التي استغرقت عاماً كاملاً.
تضحيات أب
ووالد عبد الله، كان موظفاً وتقاعد مبكراً من إحدى الشركات، وحرص على أن يكون متواجداً في مسيرة علاج عبد الله، فلم يتركه لحظة واحدة.
وعن فترة التحضير لما قبل العملية قال والد عبدالله “كانت مواعيد عبد الله كل شهرين، ثم أصبحت كل شهر، ثم كل أسبوع، الأمر الذي جعلني أتفرغ له كلياً، وفك الارتباطات الأخرى، حتى جاء موعد العملية وبقينا معه في الرياض لمدة 3 أشهر، كنا نتناوب أنا ووالدته على المبيت معه.”
وأضاف “العملية لم تكن صعبة إطلاقاً، وهي عبارة عن خضوع مبدئي للعلاج الكيماوي للتخلص من الجينات السابقة في جسمه، لمدة 5 أيام، ثم بعدها خضع للعملية، وهي تشبه عملية نقل الدم، وهي عبارة عن حقنتين تعطى للمريض بين فترات بسيطة.”
ولفت آل سلمان، إلى أن عبد الله هو أول مريض سعودي تجري له عملية العلاج الجيني في سن البلوغ، في مستشفى الملك عبد الله للأطفال التابع لمستشفيات الحرس الوطني في الرياض، موضحاً أن هذه الفترة كانت من أصعب اللحظات عليهم؛ كأسرة وكفريق طبي كونها أول عملية تجرى في المملكة.
وتابع “بعد العملية جلس عبد الله في المستشفى 40 يوماً، وعلى الرغم من خروجه كلياً من المستشفى لكننا جلسنا في الرياض قريبين من المستشفى لأي أمر طارئ لا سمح الله.”
وأضاف “بعد 3 أسابيع بدأت تظهر نتائج الزراعة بشكلٍ واضح للفريق الطبي، حتى أنهم سمحوا له بالرجوع للشرقية مع الاحترازات اللازمة، كون مناعته لا تزال ضعيفة بعد العملية.”
سحب دم
وبعد أقل من ستة أشهر، سُمح لعبد الله أن يعيش حياته الطبيعية، وبعد ستة أشهر كاملة تعافى تماماً، وبدلاً من نقل الدم له، أصبح ممن الذين يسحبون منه بعض الدماء بشكلٍ شهري لتخفيف نسبة الحديد لديه.
تجربة سابقة
وعن الابنة المصابة، قال آل سلمان “لدي ابنة تكبر عبد الله كانت مصابة بمرض الثلاسيميا، شخصت به بعمر 3 سنوات بعد ظهور بعض الأعراض عليها كانتفاخ البطن، ولم نكن نعلم حينها ما هو هذا المرض”.
وأضاف “بدأت رحلة العلاج معها انطلاقاً من المستشفى التعليمي بالخبر لمدة 5 سنوات، بنقل الدم، حتى جاءت الفرصة من مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام من قبل طبيبة سعودية تحمل شهادة متخصصة في زراعة النخاع، وطلبت من إدارة المستشفى تزويدها بالمرضى الذين يرغبون بإجراء هذه العملية، ورشحت ابنتي، وكنا أول عائلة توافق على اجراء هذه العملية.”
وواصل “نقلت ابنتي إلى مستشفى الملك فهد التخصصي لإجراء بقية الفحوصات الطبية اللازمة قبل إجراء العملية، وتطابقت فحوصات ابنتي المصابة مع أختها الأخرى بنسبة 100%، وتمت زراعة النخاع وفقاً للتطابق، مع العلم أن هذه الفترة كان عبد الله يجري له نفس الفحوصات، ولكن لم يحصل على تطابق مع أحد بنفس النسبة.”
لا يأس ولا استسلام
ويؤكد آل سلمان “على الرغم من عدم تطابق عبد الله مع أحد من أفراد عائلته في تلك الفترة، لم يشعر باليأس أو الاستسلام، وظل يتابع حالته الصحية من مستشفى القطيف المركزي، حتى مستشفى الأمير محمد بن فهد، ومع جهات أخرى ذات علاقة.”
وأضاف “خلال هذه الفترة حصلت على موافقة على السفر إلى بريطانيا لإجراء العملية، لأن الزراعة في تلك الفترة كانت غير متاحة في المملكة لعدم توفر شخص متطابق 100%، لهذا جاءت الموافقة المبدئية من الوزارة على بريطانيا.”
وتابع “في نفس اليوم، جاءني اتصال من وزارة الصحة يخبرني أن هناك إجراءات أخرى، وأن العملية من الممكن أن تتم داخل المملكة، وهي عملية المطابقة النصفية 50% في مستشفى الملك عبد الله للأطفال التابع لمستشفى الحرس الوطني بالرياض، وتحديداً في قسم الأورام مع الاستشاري محسن الزهراني.”
وأكمل “بعد الإجراءات التي خضع لها عبد الله قبل العملية والتجهيز له، جاءت موافقة من قبل وزارة الصحة على إجراء عملية العلاج الجيني داخل المملكة، وتحولت فكرة الزراعة في النخاع بمطابقة 100% أو المطابقة النصفية 50% إلى العلاج الجيني.”
قصة عبد الله آل سلمان جاءت خلال مؤتمر أمراض الدم والنزاف العالمي الذي ينظمه مستشفى الأمير محمد بن فهد، بمشاركة متحدثين من داخل وخارج المملكة، بواقع 3 أيام، وذلك ضمن فقرة أبطال التحديات المخصصة للعوائل والأفراد، الذين استطاعوا تحدى المرض، إما بالخضوع لعملية زراعة الخلايا الجذعية، أو العلاج الجيني، أو الاستمرار في تلقى العلاج بشكل ملتزم.
الله يمن عليه بالصحة والعافية يارب العالمين