نخلة أحد رفيدة.. شرطان أساسيان.. حرارة.. وتفاعل وراثي اعتمادها صنفاً وإكثاره يجب أن يرتكز إلى ثبات صفة الإزهار والجدوى الاقتصادية
ضياء الدرويش*
نظراً للاهتمام الواضح بتفسير الحالة النادرة لنخلة أحد رفيدة، عبر مداخلات الكثير من المهتمين بزراعة النخيل وإنتاج التمور، عبر منصات التواصل الاجتماعي بما فيها صحيفة صبرة الإلكترونية.
أعرض هنا بعض التفاصيل المختصرة، بما يناسب المقام، بخصوص فسيولوجية الإزهار في نخلة التمر، وهي أحد أهم العمليات الناتجة عن تفاعل العوامل الوراثية مع العوامل البيئية السائدة في منطقة الزراعة.
النخلة محايدة ضوئياً
ان أساس عملية التزهير في نخلة التمر (phonix dactylifra) تعتمد على توفر مركبات كيمائية خاصة في أنسجة النخلة، وتحديداً في الأنسجة المرستمية النشطة في منطقة البرعم الطرفي (الجمارة)، وهي المسؤولة عن نجاح عملية الإزهار، متمثلاً في وجود نسبة مناسبة من الكربوهيدرات إلى النيتروجين، أو ما يُعبّر عنه C/N ratio، بحسب ما ذكره العالمان (Krams and Kraybile)، بجانب توفر هرمون التزهير الفلورجين، بحسب ما ذكره العالم (Chailkhyan)، وأن العوامل البيئية المؤثرة في إنتاجهما هي درجة الحرارة وطول موجات طيف الإضاءة.
ونخلة التمر من الأشجار المحايدة لفترة الإضاءة (Photoperiod) الخاصة بالتزهير. وبالتالي لا تُصنّف ضمن نباتات طويلة او قصيرة النهار، وذلك على الرغم من تصنفيها ضمن النباتات المُحبة للضوء، حيث يقل إثمارها أو لا تثمر في المناطق كثيرة الغيوم.
الإضاءة ونوعها
ويعزى ذلك الى تأثير مقياسين آخرين للإضاءة، هما شدة الإضاءة، ونوع الإضاءة التي تتفاعل مع صبغات الكلوروفيل الموجودة في السعف الأخضر الفعال المحتوي على نصف مليون بلاستيدة خضراء في الملم المربع. وهذه تقوم بامتصاص موجات الطيف المحصورة بين الأشعة الحمراء والزرقاء بطول يتراوح من (355 إلى 680 نانو متر) مما يشجع على نمو النخلة.
كما تعمل هذه الإضاءة على خلق التوازن الهرموني داخل أنسجة النخلة من خلال إنتاج هرمون الإزهار الفلوروجين (شالخان 1936 ميلادي) كما أن للضوء دوراً مباشراً في إمداد أنسجة السعف الأخضر بغاز ثاني أكسيد الكربون المهم في عملية البناء الضوئي، من خلال تأثيره في امتلاء الخلايا الحارسة لفتحات الثغور التنفسية.
والحرارة
أما بالنسبة لدرجة الحرارة فلها الأثر الواضح والدور الأكبر في توفير عامل التزهير الآخر و المهم (C/N Ratio) فتؤمّن درجة الحرارة فوق درجة 18 مئوية الوحدات الحرارية اللازمة لتراكم المواد الكربوهيدراتية في الأنسجة، مقارنة بتركيز المواد النيتروجينية، وتحديداً في منطقة البرعم الطرفي (الجمارة)، من خلال عملية التمثيل الكلوروفيلي، وذلك عبر خلايا السعف طيلة مدة الصيف والذي يعمل على تحول البراعم الإبطية في قواعد السعف بعمر سنة إلى براعم زهرية تمر بمراحل نمو وتطور مختلفة.
يحدث ذلك بدءاً من تحولها إلى أجزاء النورة المختلفة خلال النصف الأخير من شهر أكتوبر وكذلك بداية شهر نوفمبر، مروراً باستمرار نموها خلال شهر نوفمبر وفبراير ويناير (بحسب الصنف)، وانتهاءً بنضجها والاستعداد للظهور والتفتح بفعل هرمون الإزهار (الفلورجين) الذي يتكون بفعل تعرض السعف لموجات ضوئية خاصة تحت درجة حرارة مناسبة لنمو وتفتح الطلع (18 – 25 درجة مئوية) خلال شهري فبراير و مارس.
شرطان
وعلى ما تقدم يمكن تفسير حالة استمرار إنتاج وتفتح دورات طلع متتالية لنخلة أحد رفيدة.
وذلك لتوفر الشرطين الأساسيين لإزهار النخيل المذكورين سابقاً، نظراً لتوفر متوسط درجة حرارة مناسب في هذه المنطقة، حيث تُقدر بـ 28 درجة مئوية طيلة العام تنتج ما يقارب 3000 وحدة حرارية مناسبة لنجاح أصناف النخيل المبكرة والمتوسطة.
هذا بالإضافة الى التفاعل الوراثي لتوليفة جينات هذه النخلة نتيجة لتكاثرها بالطريقة الجنسية انعكس على قوة الصفات المورفولوجية المتمثل في إنتاج عدد كبير من السعف وكبر مساحة نصل السعفة، مما نتج عنه تكوُّن مجموع خضري كبير يرفع من كفاءة إنتاج النسبة المثالية من تراكم المواد الكربوهيدراتية اللازمة للتزهير، بجانب رفع القدرة التخزينية لهذه المواد كنتيجة مباشرة لانخفاض النشاط الأيضي بسبب انخفاض درجة حرارة الليل، الذي يتفاعل بدوره مع درجة الحرارة المثلى المتاحة في تلك المنطقة (18 – 25 درجة مئوية) طوال العام، وهي مناسبة لظهور وتفتح الأغاريض الزهرية من خلال توفر درجة حرارة ونوع الإضاءة المناسب لتنشيط هرمون التزهير على مدار العام.
ثمار غير ملقحة
أما فيما يتعلق بوجود ثمار كبيرة وغير ملقحة بالرغم من عدم إجراء عملية التلقيح؛ فيعزى ذلك الى ظاهرة العقد البكري (Parthenocarpy) وهي تحصل في العديد من المحاصيل غير المحتوية ثمارها على بذور، مثل بعض أصناف النخيل الأخرى التي تنتج ثماراً صحيحة دون نواة، في حالة عدم أجراء أو عدم نجاح عملية التلقيح، كصنف الهلالي والصبو، وهنا تقوم قشرة الثمار بدور البديل للنواة عن البذرة في إفراز هرمونات التثبيت والنمو للثمار.
إكثار نخلة أحد رفيدة
وأخيراً؛ وفيما يخص الاستفادة من صفات هذه النخلة باعتمادها كصنف يتم إكثاره خضرياً بواسطة تقنية زراعة الأنسجة، فمن المهم أولاً التأكد من ثبات صفة الإزهار المتكرر في مواسم عديدة هذا بجانب تقييم الصفات الطبيعية والكيميائية للثمار ودراسة جدواها الاقتصادية.
*رئيس مركز أبحاث النخيل في القطيف سابقاً
اقرأ أيضاً
مدير أبحاث نخيل القطيف السابق: هرمون الفلورجين وراء حالة نخلة أحد رفيدة