في زمن الجِمال.. رحلة قوافل حجاج القطيف تستغرق 37 يوماً.. وتتوقف في 31 محطّاً الشيخ فرج العمران وثّق رحلة سنة 1358 .. وكشف عن تفاصيل تصل حدّ الموت في الطريق
القطيف: صُبرة
في زمننا؛ بإمكان الحاج أن ينطلق قبل الموسم بيوم واحد، ويؤدي نسكه كاملاً، ثم يعود إلى أهله بعد يوم. هذا ما يحدث في عالم اليوم.
لكن رحلة الحج في زمن قوافل الجمال؛ كانت تعني مغامرةً هائلة. وحجاج القطيف كانوا يبدؤون رحلتهم إلى المشاعر المقدسة منذ أواخر شهر شوال، وتستمر الرحلة قرابة 40 يوماً، عابرين الصحارى والقفار. وفي أثناء الرحلة الشاقة الطويلة؛ كانت القوافل تستريح في 31 موقعاً، قبل أن يصلوا مكة ويشاهدون جبل النور.
وأقرب وثيقة رصدت رحلة حج بشكل دقيق، تلك التي دونها الشيخ فرج العمران، رحمه الله، في حجته الأولى سنة 1358هـ، فقد كتب أرجوزةً فصّل فيها كلّ ما حدث في شكل نظم، ونشرها في كتابه “ثمرات الإرشاد”.
الباحث الراحل عبدالخالق الجنبي، رحمه الله، قرأ رحلة الشيخ العمران، واستقصى المواقع المذكورة فيها، وانتهى إلى وجود ثلاثة مسالك برية قديمة في شرقيّ الجزيرة العربية في اتجاه قلبها في نجد، قبل قيام الدولة السعودية. المسالك الثلاثة تلتقي وطرقاً أخرى في نجد، ومنها تتجه إلى طريق الحجاز، في مكة المكرمة، والمدينة المنورة.
ولكل من المسالك الثلاثة مسمّى خاص، ومحطّات استراحة وتخييم. ولكل منها ميزةٌ ما، من وفرة الماء، أو أمان المكان، تبعاً للظروف الأمنية القديمة المتغيّرة في الزمن القديم.
وقد رصد الجنبي المسالك الثلاثة التي تربط شرق الجزيرة بقلبها، ورسم لها خارطة طريق، وأعدّ إحداثيات لأغلبها، ونشر كلّ ذلك في صحيفة “بكة” قبل سنوات، ثم أعاد عليها النظر، ونشرها في مدونته الخاصة.
المسالك الثلاثة، هي:
- طريق الكنهري.
- طريق الجودي.
- طريق مزالج
ولهذه المسالك بعض التفريعات والانعطافات، لكنها تلتقي ـ في النهاية ـ عند شقراء، وفقاً للخارطة التي رسمها الجنبي.
ويُستنتج من بحثه الواقع في أكثر من 5000 كلمة، أن الرحلة التي وثّقها الشيخ فرج العمران في كتابه “ثمرات الإرشاد” في حجته الأولى سنة 1358؛ سلكت واحداً من المسالك الثلاثة، هو الطريق المعروف بـ “الجودي” الذي “سُمّيَ بهذا الاسم لأنه يمر على جودة المنهل المعروف،
ويبدأ هذا الطريق من غرب عين الحويرات ببلدة المطيرفي الأحسائية وينتهي عند رُماح مع طريق الكنهري/ معقلة”. و “طريق الجودي هذا هو الذي سلكه البريطاني سادلير في رحلته عبر الجزيرة العربية من القطيف والأحساء إلى ينبع” سنة 1819م، والكلام للجنبي.
طريق الجودي
وحسبما رصده الجنبي، ورسمه في الخارطة، فإن قافلة الشيخ فرج العمران التي انطلقت إلى الحج يوم الثلاثاء 30 شوال 1358، الموافق 12 ديسمبر 1939م، مرّت بـ 31 محطّاً، في سيرها الذي استغرق 37 يوماً، من “البدراني” غربيّ بلدة الجارودية في القطيف، إلى “جبل النور” بمكة المكرمة.
والجزء الأول من الطريق هو “طريق الجودي” الذي اجتمعت قافلتان من حجاج القطيف والأحساء.
طريق الجودي يبدأ من غرب عين الحويرات ببلدة المطيرفي الأحسائية وينتهي عند رُماح مع طريق الكنهري/ معقلة. ويشمل عدداً من المحطات، أهمّها:
الحويرات (المطيرفي): نبع مائي ضخم يعرف بعين الحويرات.
شدقم: أرض صلبة تقع بين الفروق غرباً والغوار شرقاً إلى شمالي شرقي العُيون.
جودة: مورد ماء معروف كان يسمى في السابق يجودة، وله ذكر في الشعر القديم، وجودة الآن بلدة عامرة معروفة؛ يمر بقربها الطريق السريع المؤدي إلى الرياض.
رُمَاح: يلتقي فيها الطريقان الجودي والكنهري، ثم يخرجان منها عبر طريق واحد.
31 محطّاً
وطبقاً للجنبي؛ فإن قافلة الشيخ العمران تتبّعت المحطات التالية في طريقها إلى الحج سنة 1358:
- البدراني
- الحزومية
- المُليْحة
- أبواب
- أم رُبَيْعَة
- جوْدة
- ضُبْعُ العَرَمَة
- الخَفْس
- الحِسْي
- عَتْك
- القـَصَب
- شَقْرَاء
- نُفُوْذ السِّرّ
- غُرَّب
- العَرْجا
- شُعَيْب نَفْجَان
- القَاعِيِّة
- شِعب
- عَفِيْف
- سِجَا
- الدَّفِيْنَة
- قِبَا (المُوَيْه القديم)
- مَرَّان
- نخل أبي جهل
- رُكبة
- بُسْيَان
- المسلخ
- ذات عرق
- وادي الليمون
- بُرود
- جبل النور
اقرأ أيضاً
[إعادة] في مثل هذا اليوم قبل 82 سنة.. قافلة جِمال تنطلق من القطيف إلى الحج