القطيف تبكي لفلسطين مرتين: نضال عواد ومصطفى أبو الرز المجتمع يسجّل تحيته لمعلمين تركا أثراً.. وشاعرٍ كرّم الناس في 20 قصيدة

القطيف: صُبرة

بوفاة الشاعر والمعلم مصطفى أبو الرز اليوم؛ تكون القطيف قد سكبت دمعتين فلسطينيتين خلال أقل من أسبوعين. فقد جاء وفاة “أبو الرز” في القطيف، بعد رحيل المعلمة الفلسطينية نضال عواد، قبل أيام في عمّان في المملكة الأردنية.

المعلمة نضال، عملت في مدينة صفوى قرابة 37 سنة، في أول مدرسة ابتدائية، وتناقل الناس ـ في صفوى ـ نبأ وفاتها بحزن عميق.

فيما عمل أبو الرز ما يعادل ذلك من السنوات في مدارس القطيف. وتحولت حسابات كثيرة في التواصل الاجتماعي، اليوم في القطيف، إلى منصّات نعي وعزاء لرحيل المعلم والشاعر الذي أحب القطيف، وأحبته.

أبو الرز

توفي في الساعات الاولى من صباح اليوم الخميس، الشاعر الفلسطيني مصطفى أبو الرز، عن عمر يناهز 76 عاماً بمحافظة القطيف، بعد صراع مع المرض، تاركاً إرثاً شعرياً غنيّاً حفر اسمه في ذاكرة القطيف التي عاش فيها قرابة 40 عاماً.

ولد أبو الرز عام 1948 في قرية الخيرية شمال يافا، وهاجر إلى السعودية بعد نكبة عام 1948. عاش في السفّانية ثم جازان قبل أن يستقرّ في القطيف عام 1977. عمل أبو الرز معلّمًا، ثم في مكتب التوجيه التربوي، قبل أن ينتقل إلى مدارس القطيف الأهلية.

تميز شعر أبو الرز بالصدق والعاطفة، وارتبط بشكل كبير بقضية فلسطين، حيث عبّر عن مشاعره الوطنية في العديد من قصائده، مثل “لا بد من يافا ولو طال السفر” و”أوراق الشاعر”، كما نظم قصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ووصف جماليات الطبيعة، وعبّر عن مشاعره الإنسانية.

أصدر أبو الرز خلال حياته ثلاثة دواوين شعرية هي: “الشاطئ يبتعد”، و”لا بد من يافا ولو طال السفر”، و”أوراق الشاعر”، وترك ديواناً رابعاً لم يتم إصداره بعد.

وخلال مسيرته الشعرية، شارك أبو الرز في العديد من الأمسيات الشعرية والمهرجانات الثقافية داخل المملكة وخارجها، ونال العديد من الجوائز التقديرية على إبداعاته الشعرية.

لم يكتفِ أبو الرز بتدريس اللغة العربية، بل سعى إلى نشر ثقافته العربية من خلال إبداعاته الشعرية، فشارك في العديد من الأمسيات الشعرية والفعاليات الثقافية في القطيف والمنطقة الشرقية وخص القطيف  بـ 20 قصيدة عبّر فيها عن حبه لها ولأهلها حيث عاش بينهم أكثر من 40 عاماً.

نضال عواد

في سن الثامنة عشرة؛ جاءت إلى صفوى، حين كانت صفوى قريةً غافية إلى جانب البحر، ومتشحة بألوان النخيل والشجر. كانت شابّة يانعة. وفي ذلك السنّ المبكّر جداً، نبت بينها وبين فتيات القرية؛ ما ينبتُ بين القلب والقلب، بين فصول أول مدرسة بنات في صفوى.

عاشت في القرية التي تحوّلت إلى بلدة، ثم تحوّلت إلى مدينة، ومع هذه التحوّلات كبرت الفتيات الصغيرات. بعضهنّ صرن أمّهات، بعضهنَ معلمات، بعضهنّ طبيبات.

ثم رحلت تلك الفلسطينية الناعمة عن المدينة إلى مدينة تبوك، شمال المملكة. وبعد إكمالها 40 سنة في التعليم، غادرت المملكة، واستقرّت حياتها في العاصمة الأردنية عمّان. وهذا الأسبوع، تناقل مجتمع صفوى نبأ وفاتها الحزين.. كأنّ الدمعة التي سالت في عمّان قد ترقرقت أيضاً في صفوى..

حين دخلت صفوى أول مرة؛ كانت الفتيات للتو يتدربن على لبس مريول المدرسة، ويخطين خطواتهن الأولى في سوح العلم والمعرفة، فكانت نضال عواد أو أبله نضال كما ينادينها طالباتها، تقف في استقبالهن كل صباح ليبقى ذلك الوجه مرسوما في ذاكرتهن عقوداً طويلة.

وقد أدارت أبلا نضال أول مدرسة فتحت أبوابها للبنات، مدرسة حسين بن صالح، مجلس آل إبراهيم حالياً، ثم انتقلت مع طالباتها إلى المدرسة التي بنتها أرامكو في ستينيات القرن الماضي، المدرسة الابتدائية الأولى للبنات، أو كما عُرفت حينها “مدرسة أم كلثوم”.

زاوجت أبلا نضال بين صرامة وحزم شابة قطعت مئات الكيلومترات لتدير مدرسة أوائل من أمسكن بالقلم، وتعرفن إلى الطباشير من جهة، وحنان وطيبة فاضت على من تحت رعايتها فأسرت “أم حسام” قلوب الأمهات فضلا عن قلوب بناتهن، من جهة أخرى

لم تنس طالبات المدرسة الأولى بصفوى مديرة المدرسة التي كانت أماً لهن رغم أنها لا تكبرهن بكثير، تلك الشابة الفلسطينية، التي قدمت إلى السعودية وهي مازالت ابنة الـ18 عروساً في أيامها الأولى، ومازلن يحتفظن لها بالكثير من الجميل الذي استعصى على النسيان.

سكنت نضال عواد في صفوى سنين طويلة فاختلطت بتربة الأرض وناسها، وعشقت طباع السكان وعاداتهم، وعاشت كواحدة من أهالي القرية، لكنها سافرت إلى الأردن بعد تقاعدها واستقرت هناك، وبرغم البعد بقيت علاقتها بالناس وطيدة، ولم تنقطع حتى مساء الأحد الماضي، حيث فارقت الأهل والأحباب وعرجت روحها إلى بارئها.

وقد انتشر خبر رحيل أم حسام بسرعة كبيرة جدا، إذ لم يكن الخبر عادياً، بل كان حزيناً وموجعاً لكثير من الأسر التي تربطها بالمرحومة وشائج الوفاء والود.

 

تعليق واحد

  1. إنا لله وإنا إليه راجعون
    تغمد الله الشاعر العربي الكبير الأستاذ مصطفى أبو الرز بواسع رحمته ورضوانه، عزاءنا الحار لعائلته الكريمة ولفلسطين العزيزة وللقطيف التي عاش بها وأحبها من أعماقه.لروحه الفاتحة ⬛️

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×