.. قرير العين أيها القُريني
د. محمد حميد السلمان
ذات مرة من عام ١٤٢٦هـ (٢٠٠٥م)، كتب لي إهداء على نسخةٍ من كتابه، الذي كان فرحٌ به حينها لأنه أطروحة الدكتوراة من جامعة الملك سعود، وكنا في أحد لقاءات جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون؛ إذ كتب على الغلاف الداخلي للكتاب: مع التحية وجُلّ التقدير للأخ الأستاذ الدكتور محمد بن ملا عبدالله السلمان، وآمل ابداء الرأي والمقترح. وذيّل الإهداء بتوقيعه الكريم ومازلت أحتفظ به، وترك لي معه رقم هاتفه الأرضي حينها في المملكة، ورقم الفاكس والجوال ورقم صندوق بريده، مع الرمز الخاص به، وبجانبه كتبَ: الهفوف.
هو الباحث القدير، ذي الخُلق الرفيع، الراحل للتو عن هذه الدنيا، د. محمد بن موسى القريني، والإصدار الذي وصلني منه بخط يده، عنوانه: الإدارة العُثمانية في متصرفية الأحساء 1288-1331هـ (1871-1913م)، وقد أخذ الرقم 18 ضمن سلسلة الرسائل الجامعية من إصدارات دارة الملك عبدالعزيز. ثم تكرر منه طباعة هذا الكتاب، لأهمية المعلومات التي احتواها. وقد جاء هذا الكتاب بعد بحث طويل وعميق في الوثائق الأحسائية بين دهاليز الأرشيف العثماني، التي يُجيد، صديقنا الراحل، بشكل لافت البحث فيه من جميع الجوانب. لا سيما وأنه كان أيضاً عضواً بارزاً في الجمعية التاريخية التركية، وحصل من تلك العضوية على “وشاح السلطان سليم الأول” تقديراً لنشاطه البحثي المتميز من الأرشيف العُثماني. وهذا ما أضاف له بُعداً آخر مكّنه من الإسهام بحثياً بشكل واضح حول موضوع: العلاقات السعودية- التركية. وكان من أهم إصداراته البحثية فيها التي نال على إثرها جائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز لدراسات الجزيرة العربية؛ كتابه حول (المملكة في الصحافة التركية في عهد الملك عبدالعزيز).
وقد تعرفت على د. موسى، قبل حوالي 25 عامًا في فعاليات مؤتمرات جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي كانت نشطة حينها وتضُم العديد من الوجوه العلمية في تاريخ المنطقة الخليجية ضمن مؤتمراتها السنوية المتنقلة. كما عرفتني تلك المؤتمرات على الباحث العزيز الراحل عبدالخالق الجنبي. وحقيقةً بين القريني والجنبي، كانت لي محطات تاريخية علمية مهمة جداً في مسيرة حياتي كمُحب بل وعاشق للتاريخ والتراث حتى النخاع، كما يُقال.
وكما فقدنا بالأمس القريب أبا طاهر الجنبي؛ يغشانا الحزن والسواد مرة أخرى مطلع هذا الشهر مع فقدنا للدكتور الباحث موسى القريني. الذي كان حتى آخر لحظات حياته يُفكر، كما ذكر الأخ الباحث نزار آل عبدالجبار، في كتابة بحث جديد، قد طلب بعض مراجعه من مكتبة الأخ نزار العامرة بما لذ وطاب من الإصدارات والبحوث.
واليوم لا نملكُ أمام قضاء الله والقدر، إلا أن نقول في هذه العجالة السريعة للراحل؛ نم قرير العين أيها القُريني النبيل، إذ أنك قد بذلت جهدك وسعيت بقدر المستطاع أن تترك لغيرك من الباحثين وطلاب العلم؛ كنزاً لا يُستهان به من علم الترجمة في الوثائق العُثمانية تحديداً، واطروحاتها المتنوعة في شبه الجزيرة العربية والخليج.
شكرا لكم على هذا الاطراء بحق الدكتور محمد بن موسى القريني ابن العم وللمعلومات القيمه. هذا من فاضل طيبتكم عزيزي