أخرجوا علي الصفار من “جزيرة العُزلة” حامل الأرض والإنسان في ريشته.. حاضن الأجيال في قلبه

الفنانون يرسمون ملامح 50 سنة في المشهد الثقافي السعودي

القطيف: أمل سعيد

اختلفنا معه أم اتفقنا؛ يبقى علي الصفار اسماً أساسياً في التشكيل السعودي، منذ أن أسّس نفسه بنفسه في منتصف سبعينيات القرن الماضي.

ومنذ أن لمست فرشاته سطح لوحاته الأولى قبل أكثر من نصف قرنٍ؛ شكّل حضوره لمسةً مُزدوجةً في اتجاهين: لمسة الفنّان المرتبط ـ حدّ النخاع ـ بالأرض والإنسان، ليس بما رسم من شُخوص الناس في القطيف، وبما قاربَ ثقافتهم وهويتهم في البحر والنخيل والعمارة فحسب، بل بما أسهم، أيضاً، في مرحلة من مراحل نموّ مدينته التي كانت شوارعها ملأى بتصاميمه، وبالذات في عقد الثمانينيات..!

أما اللمسة الأخرى فقد ظهرت وتكرّست في دور الأب “الروحي” لأجيال من التشكيليين السعوديين في مسقط رأسه، محافظة القطيف.

إنه وجه في صورة التشكيل المحلي، ووجه في صورة مجتمع التشكيل، لازمت الفرشاة يديه، بين الضوء والظل وتباين الألوان، راهناً وقته وتركيزه وجهده لاشتغال واحتراف. وما انفك يحول شغفه إلى (فلاشات) حية، وتحف تعيد اكتشاف الواقع ممزوجاً بالخيال.

استطاع الشاب خريج دبلوم معهد التربية الفنية بالرياض من أن يوظف موروث بيئة القطيف ويوائم بين الأصالة والحداثة في لوحاته، ليكوّن لنفسه بصمة استثنائية عُرف بها، وأصبحت تشير إليه وإن لم يكن حاضراً معها.

وبين الخامة واللون تنوعت التقنيات وتفرد الأسلوب، ومن أولى مشاركاته على مستوى المملكة في معرض معهد التربية الفنية بالرياض انطلقت حتى وصلت إلى أكثر من ٤٠٠ مشاركة محلية ودولية.

وبعد غياب عن المعارض والدورات طاول 15 عاماً، يؤكد أصدقاء الفنان ومحبوه دعوتهم له للعودة إلى الضوء، ومشاركتهم التفاعل والانفعال مع الساحة الفنية ومستجداتها.

في السطور التالية تترك “صُبرة” مفاتيح الإخبار لنخبة ممن زاملوا الصفار شاباً وتتلمذوا على يديه كهلاً، لنعيد اكتشاف الرجل في عيون التشكيليين.

عبدالرحمن السليمان*:

فنان جاد من الرعيل الأول

علي الصفار فنان جاد، منطلقاته الفنية المبكرة عبرت عن أصالة موهبته واقتداره الفني. يميل منذ بداياته إلى مكانه والى البحر وحياة البحارة ويومياتهم، وإلى الريف وحياة الناس، فكانت أعماله تعبيراً صادقاً عن مجتمعه ومحيطه بشخصياته وأماكنه وعاداته. رسم مراكب الصيادين وجلسات البحارة ورسم الأسواق الشعبية في مدينته، لذا كان نموذجا للفنان الذي حمل صورة محيطه وبيئته ومجتمعه ووثقها بطريقته الفنية وبأدوات وتقنيات يميل إليها وتسهم في تحقيق فكرته.

درس عبدالعلي الصفار، وهو اسمه الحقيقي، في معهد التربية الفنية بالرياض بعد المرحلة المتوسطة وتخرج منه أواخر السبعينيات الميلادية ليعمل معلماً للتربية الفنية في القطيف، ثم يواصل دراسته في الكلية المتوسطة بالرياض ويتخرج منها عام 1987 ويعود لتدريس التربية الفنية حتى تقاعده.

كان تعليمه جاداً ومخلصا تجاوز ذلك المدرسة إلى بعض الهواة والموهوبين الذين كان له فضل في توجيههم من خلال مراكز ومؤسسات كجماعة الفنون التشكيلية بالقطيف، أو بعض الأندية الرياضية التي اهتمت بالفنون مبكرا.

في معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالرياض ومكتبها في المنطقة الشرقية كان الصفار حاضراً فمنحته الرئاسة بعض الجوائز المتقدمة، أهمها في معرض من وحي البيئة الذي كانت لوحته تغطي دليل المعرض، هذا المعرض السبعيني توقف بعد دورة واحدة ، ركز المعرض على الأعمال التي تستوحي أو تتناول البيئة المحلية وفيه مُنح الصفار جائزته الأولى، وقد توجه الصفار إلى تسمية بعض أعماله (من وحي البيئة) كما سمى به بعض معارضه الشخصية.

 وكان انتاج تلك الفترة أكثر ميلا إلى طريقة بعض الانطباعيين وتأثير اللون وضربات الفرشاة تعبيراً عن مشهد أو لقطة محلية مباشرة قريبة وواضحة، وعناصره جلية وقريبة، وكان يسمي أعماله بالتأثيرية.

 واصل هذا الاهتمام وإن تخلله بعض المحاولات التحديثية التي مال معها إلى شيء من التجريد بغية تحقيق أفكار أو نتائج مستحدثة ضمن تجربته الفنية الخاصة. تقنياته المائية كانت تعبيرا عن الشفافية والرهافة التي تحمل شخصيته وقد رسم العديد من المواضيع المحلية على مقاسات كبيرة من الورق للعمارة الشعبية بزخارفها وجمالياتها سواء من جانب توثيقي جمالي أو كتعبير فني للصورة التي يختارها، أو النتيجة التي تصل المتلقي مباشرة فيكون مشاركاً في حوارها.

 تتواصل اهتماماته في رصد وتوثيق المشهد، أو تعبير وبحث فني يرى فيه تسجيل مظهر أو تاريخ يخص محيطه ومن ذلك المناسبات الدينية أو الافراح والأعراس.

علي الصفار أحد فناني المنطقة الشرقية، ويعد من رعيلها الأول مع عبدالحميد البقشي ومحمد الصندل وأحمد السبت وكمال المعلم وعبدالله المرزوق وأحمد المغلوث وعلي حسن هويدي وميرزا الصالح وعلي الدوسري وكاتب السطور، ونشاطه الفردي وعروضه الشخصية امتدت خارج المنطقة الشرقية إلى جدة عندما عرض في قاعة روشان للفنون، أو الرياض ضمن نشاطات وعروض مشتركة.

 يسكن الفنان لوحته كما يسكنه الفن، فهو متعته اليومية وزاده عن كثير من البشر والمشاغل الأخرى، ذلك في مرسم هيأه لذلك، فأصبح محرابه ومستقره وكاتم أسراره.

بين فترة وأخرى يطل الفنان على متابعيه ومحبي فنه من خلال مشاركات متفرقة، وعروض مشتركة، وهو في هذا الإطار الذي وضع نفسه فيه إنما يعود إلى ما بعد معرض أقيم لجماعة الفنون التشكيلية في القطيف، أقيم المعرض بمناسبة مرور عشرة أعوام على قيامها والتي كان أول رؤسائها لعدة أعوام. كان الصفار فيها مثالا للعمل الجاد المخلص والتعاون، وخدمة جميع أعضاء الجماعة صغيرا وكبيرا مبتدئا أو محترفا، ولعل هذه الجماعة التي كان الصفار أحد مؤسسيها كانت منطلقا ولم تزل لعدد من الفنانين والفنانات والموهوبين في القطيف على وجه الخصوص.

* تشكيلي، رئيس جمعية التشكيليين السعوديين سابقاً، مؤرخ التشكيل السعودي الأول

—————–

 

محمد المنيف*:

كريمٌ في إبداعه.. كريم في علاقاته

لا يمكن التحدث عن فنون وثقافة المنطقة الشرقية دون المرور بالإبداعات المتنوعة في القطيف، وحينما تذكر القطيف بكل ما فيها من جمال طبيعة بين بحر ونخيل ومجتمع جل أهله مثقفين لا يمكن إلا أن نذكر الفنون التشكيلية من خلال أحد رموزها الفنان علي الصفار الذي غمس فرشات ألوانه في ماء عيون نخيل القطيف وبحرها ولونها بألوان الحياة فيها، الفنان الصفار مبدع يستثنى من بين بقية المبدعين في القطيف لأسباب منها عدم انحيازه للحداثة بشكل مطلق، وكذا علاقته بالحياة المجتمعية والطبيعة والتقاليد والعادات وفوق هذا كله كثافة إنتاجه الذي يتنوع دون الإخلال بشخصيته وروح ألوانه.

تخرج الفنان من معهد التربية الغنية عام ١٩٧٨م، لكنه صقل موهبته الى درجة الاحتراف بعد تخرجه، كان حضوره بارزا في مختلف المناسبات التشكيلية في المنطقة خاصة والمملكة عامة، شكل بإبداعه مدرسة تعلم منها العديد من المواهب في القطيف فاصطبغوا بصبغته اللونية مهما تعددت أساليبهم.

كريم في كثافة إبداعه عبر مراحل مسيرته التشكيلية، وكريم في العلاقات مع زملائه في مناطق المملكة، منزله كان حضنا لزوار القطيف من التشكيليين، كنا ومن معنا يسعد بوجوده في مرسمه الذي يمتلىء بالأعمال.. 

يذكرني الفنان علي الصفار بفان جوخ أحد أساطير الفن في العالم؛ حيث  يقول جوخ إنه يحلم بالرسم، ثم يقوم برسم أحلامه.  كانت أحلام الفنان الصفار شفافة متفائلة كما هي لوحاته رغم ما تمنحه له الحياة من صدمات.

ما يقدمه من قوة التعبير في أعماله  نتيجة عمق معرفته العلمية والعملية بنظريات الضوء والظل، والقيم الإنسانية الراقية التي يستلهمها من تأملاته في الواقع الإنساني، ما جعله  يُحسب ضمن كبار أساتذة فن الرسم الخليجي.

* تشكيلي وناقد، رأس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية من 2012 إلى 2017، ورئيس قسم التشكيل في صحيفة الجزيرة سابقاً.

منير الحجي*:

ويش أذكر.. ويش أخلّي من صداقة 40 سنة..؟

علي الصفار..

رحلة الفن والجمال.

رحلة السعادة والضحك والجمال والطيب والأنس.

وأيضا رحلة التعب والعناء.

إنها رحلة الصبر.

رحلة بدأت بخطوة واستمرت آلاف الأميال ملؤها بحث وعمل وإبداع ومشاركات وأسفار ومعارض وتعاون، تقاسمنا التعب والراحة، النجاح والفشل، كان هدفنا واحد وطريقنا واحد وأملنا واحد.

 هاجسنا أن ننهض بالفن وكل ما هو إبداع لنصنع الجمال ونُبرز كل جوانبه المترامية هنا وهناك، حملنا على عاتقنا وسواعدنا سويا كل فرصة تحوي الجمال والفن لنظهرها للعلن وبكل حماس وعنفوان.

وكان أهم نشاط جمعنا هو إقامة معرض ثنائي بيننا بالألوان المائية  ١٤١٣، وبدأنا بالمحطة الأولى في القطيف، ثم البحرين والكويت والرياض وغيرها.

يطول الحديث عمق أربعين سنة وأكثر (ويش أذكر، ويش أخلي).

علي الصفار هو..

المعلم والأخ والصديق، هو السند والثقة، هو القائد.

تعلمت منه كل أبجديات الفن، لم يبخل بمعلومة، معطاء، سخي، كريم.

لا يتردد في مناولتك تجاربه حتى لو لم تظهر للعلن، بيته كان فصلاً دراسياً لكل الفنانين دون استثناء، نغرف منه بما اتسعت ايدينا بحب.

حتى لقاءاتنا نحن معشر الفنانين ومعلمو الفنية كان فيها بمثابة المعلم والمرشد والموجه لنا، لا نتقدم عليه برأي، ولا نبدأ قبله بفكرة أو عمل.

كان ديدنه الإخلاص والعطاء الأخوي والإيثار، يُقدمنا على نفسه في أكثر الأمور، وهذا ما جعلنا نستديم في (الروحات والجيات) وإقامة المعارض وغيرها.

كان الصديق الذي لا تمل رفقته ولا يمل من وجودنا معه، يفهمنا ونفهمه، يُدهشنا بشفافية روحه، ولا يُخفي علينا سراً، كنا نتشارك الضحكات، ولا نتردد في طرح أي فكرة مهما كانت جودتها أو سخافتها.

كان علي الصفار صديقاً وفياً بمعنى الكلمة، تربى على التضحية فكانت سمته الواضحة، يعطي بدون مقابل  حتى في السوالف البسيطة مثل الطلعات الجماعية والمشاريع المدرسية عند تجمعنا كان مبادراً بالدفع  والعزيمة.

كان قائداً وكنا من خلفه نتبع إرشاداته وتوجيهاته لثقتنا أنه يسير بنا في نهاية المشروع للنجاح، يبادر بالمشاريع الفنية الكبيرة.. وحتى التي نراها صعبة التحقيق يعمل معنا لتجميع كل ما يُسهل وصولنا، فيطرح الأفكار الأولية، ويقترح الطرق والسبل لإنجاحها.. ويطول الحديث …

تعرفت على الفنان علي الصفار في مدرسة الشاطي (أرامكو) بمنطقة البحر، كان هناك مركز صيفي في المساء يضم مجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية وحتى الموسيقية، كان ذلك تقريبا عام ١٣٩٠-١٣٩٣..لا أتذكر بالضبط.

وكان الصفار هو المشرف على القسم الفني، الرسم والأشغال اليدوية والرسم المباشر، حيث لفت نظره مستواي في رسم الطبيعة الصامتة ومن هنا بدأت الرحلة.

 ما قدمه الصفار من الصعب أن يحصى في عجالة، لكني أذكر بعضاً منها:

*مجسمات جمالية ملأت شوارع القطيف وميادينها.

*الأخذ بأيدي كثير من معلمي مادة الفنية في معظم مدارس القطيف.

*تكوين جماعة الفن التشكيلي بالقطيف.

*أول مرسم تشكيلي في القطيف.

*مدرسة في العطاء والتواضع.

*له عدة مؤلفات وبحوث في مجال الفن ومنها دفاتر التحضير المبتكرة.

*حقق المركز الأ ول((الدرع الذهبي)) في مسابقة الخطوط السعودية لإحدى دوراتها.

*إعداد وعمل معارض كثيرة، شخصية وجماعية وفنية.

*إعداد معارض مدرسية زاخرة بالأفكار على مستوى المنطقة الشرقية.

والكثير مما لا يحضرني.

دور الفنان الصفار باختصار هو مدرسة فنية متكاملة لجميع الأساليب الفنية، ولمعظم أنواع الاتجاهات في استخدام الألوان  المتنوعة.

فكنا نقلده في استخدام الالوان المائية، والباستيل، وفي اللوحات ذات الحجم الكبير، وفي الشكل الدائري وحتى المواضيع معظمنا كفنانين استقينا الفن من مدرسته، فكان انحيازنا لمواضيع البيئة القطيفية هي من أثاره علينا، ثم بدأنا بالتغيير شيئاً فشيئا.

* تشكيلي سعودي، ومعلم تربية فنية متقاعد.

غادة الحسن*:

فنان حقيقي ولوحاته مرآة لشخصيته وفكره

إذا كنا سنتحدث عن الأستاذ الفنان علي الصفار فإننا نتحدث عن قامة فنية رائدة لها مكانتها و مشوراها وتاريخها الحافل، كما لها بصماتها التي أثرّت في الحركة التشكيلية الفنية في القطيف وأثرتها وذلك من خلال الأدوار التي لعبها الفنان سواء من خلال تأسيس جماعة الفن التشكيلي بالقطيف ودعم التشكيلين من خلال المعارض والفعاليات والورش والندوات، أو داخل المجتمع في  محاولة لخلق ثقافة بصرية وذائقة جمالية ترفع من مستوى إدراكه ووعيه وثقافته.

علي الصفار (الإنسان الفنان، والفنان الإنسان)، من المحال الفصل بين شخصية الفنان وتجربته الفنية التي ليست سوى ترجمان ملموس لأفكار صاحبها وثقافته وتجربته وتاريخه.

علي الصفار فنان حقيقي وصادق ولم تكن لوحاته سوى مرآة لشخصيته وفكره.

الصفار فنان له تاريخه ومسيرته الحافلة والتي مرت بعدة محطات ومراحل كأي تجربة حية يسعى صاحبها جاهداً في بحثه الدؤوب  للوصول لهدفه.

من أبرزها وأهمها أعماله التوثيقية للتاريخ المحلي، سواء تصوير حياة الأسلاف الماضية ولباسهم ومناسباتهم أو تصوير الأبنية بما فيها من نوافذ وأبواب ذات جمال خلاب وفريد، بخامة الألوان المائية التي يستخلصها من المواد الطبيعية أو ألوان الباستيل.

الفنان علي الصفار والذي مُنح لقب (عميد الفنانين التشكيلين بالقطيف) عام ٢٠٠٤ في ختام معرضه الشخصي (مشوار حول الأسوار) تتويجا لمسيرة عطرة حافلة بالمنجزات، هو الأب الروحي، الأستاذ والمرشد والذي ترك تأثيره البارز على فناني وفنانات القطيف وعلى تجاربهم ووعيهم التشكيلي.

وبشكل شخصي،  كان الأستاذ متابعا لتجربتي التشكيلية منذ ظهوري الأول في الساحة التشكيلية ومسانداً بالنصيحة والتوجيه والدعم النفسي، ولن أنسى ذلك ما حييت مدينة له بفضله.

* تشكيلية

مهدية آل طالب*:

أبٌ روحي لنا جميعاً

من الفنانين الأوائل بل هو عميد الفن التشكيلي في المنطقة الشرقية، وبالخصوص في محافظة القطيف، وهو الداعم لكثير من فنانات وفناني الجيل الأول، ولا أنسى دوراته المتعددة التي يستضيف فيها الفنانات ومن بينهم أنا وخلود آل سالم وأميرة الموسى وأسماء كثيرة في مرسمه، فقد كان داعماً لنا.

ومما أذكره عن بداياتنا أنه قدم دورة في فن الجرافيك والألوان المائية والألوان الشعبية، التي ينتج لوحاته التراثية بها.

هو ليس فقط فنان بل هو إنسان جميل ومخلص، فكل ما ينتجه يقدمه بمنتهى الإخلاص، وحقيقةً؛ فإن الفنان علي الصفار مخلص في عمله مخلص في تعامله مع الآخرين، وهو أب روحي لنا جميعاً، نعتز به ونقدر له عطاءه، ونتمنى من القلب أن يعود للساحة الفنية كما كان سابقاً، الأكثر عطاءً.

وأظن أن الفنان لا يمكنه أن يتوقف عن فنه، وهذا عينه ما أظنه في الفنان الصفار لم ولن يتوقف عن الفن، فهو يرسم في مرسمه طوال وقته وينتج أعمال فنية غاية في الروعة والإبداع.

حضرت بعد انقطاعه عن المشاركة في الساحة الفنية، وشاهدت نشاطه الفني في مرسمه، وإنتاجه للكثير من الأعمال، فهو لم يتوقف كفنان، إنما هو مختف عن الساحة الفنية لا يعرض إلا القليل جداً، لذا أتمنى عودته فالساحة الفنية ينقصها وجوده، ينقصها الأعمال البديعة من فنان متمكن في مجال الفن، ونقول له تكفي السنوات التي مضت، ونود أن تشرق الشمس بنور حضورك.

ومن جميل ما يصنع أنه يعمل على سلسلة كبيرة من الكتب، يُعد فيها سيرة فنانات المنطقة الشرقية، وبالأخص في القطيف.

فجمع أعمال الفنانات ووضعه في كتاب محسوس صنعه بيده وكأنه تحفة فنية، وأعد عني شخصياً كتاباً يشمل أعمالي، وما كُتب عني بالإضافة إلى تحليله الشخصي بمنتهى الدقة.. فهنيئاً لنا بعميد الفن التشكيلي علي الصفار.

* تشكيلية متفرغة، وصاحبة غاليري مهد الفنون في الرياض.

رقية علي التاروتي*:

موجود دائماً وفي كل مكان

لم أعتد يوماً أن أكتب ما يُطلب مني، ولم أعتد أيضاً أن أشير بما أكتب لشخص بعينه، ليس لصعوبة الكتابة في هذا المجال؛ بل صعوبة وصف هذه الشخصية الجميلة خوفاً من أن أبخسها حقها في الوصف.

فبداية معرفتي بهذا الإنسان الفنان قديمة جداً ومنذ الصغر حيث كان يصلنا صيته الفني من خلال أبناء عمي (زملائه في مهنة التدريس) إلى حيث أسكن.

و يمضي بي العمر و تدور الدنيا بدوائرها وألتقي بهذه القامة بداية دخولي للمجتمع الفني، وكأنني أعرفه منذ سنوات عديدة لبساطته وحواراته الفنية وشرحه المبسط، فمن خلال تلك الحوارات  اكتشفت ما يتصف به هذا الفنان المعطاء دائماً من حب الفن وما يتعلق بالفن وحبه لأرضه المتجذرة داخله، وازددت معرفة به أكثر  من خلال زياراتي المتكررة لمرسمه برفقة بعض الضيوف أحياناً وأحياناً أخرى مع زميلات الفن، فقد كان يُعنى بنا نحن الفنانات في إسداء النصح لنا، ومحاولاته المستمرة في تسهيل أمور المعارض التي كنا نقوم بإعدادها والمشاركة بها وحثه الدائم بأن نسعى لتخطى العقبات لكي نضمن الاستمرار في طريقنا.

الفنان علي الصفار.. هذا الاسم الذي حُفِرَ في ذاكرتي ولن يبرحها أبداً، لا لكرمه فقط أو لإنسانيته التي قل نظيرها وسمعته الطيبة؛ بل لأنه حلّ محل الأب والأخ الكبير في مواقف كثيرة والتي مر بها الكثير غيري من فنانين وفنانات.

مسيرة حافلة بالفن والاستمرارية الدائمة كان ولايزال سنداً لمن لم يكن له سند، محب لفنه ومشجع لفنون الآخرين.

عندما اتخذ قرار العزلة الفنية لم أستغرب هذا القرار الذي اختاره بنفسه، حيث لم يختف تماماً فهو موجود دائماً وفي كل مكان، قريب حيث يسكن، وقريب من قلوب الآخرين، وهذا هو ديدن الفنان حيث يتخذ قراراً منفرداً، وينأى بنفسه عن ضوضاء المحيط لينغمس في عمل ما أحب ويحب.

* تشكيلية.

فهو لا يهدأ أبداً لا يكل ولا يمل من العمل، كريم بإنتاجه الغزير.

تحسبه أحياناً أنه بعيد عما يجري هنا وهناك فتكتشف بأنه يعلم كل صغيرة وكبيرة حيث تتفاجأ بابتسامته المعهودة وبسؤال يدل على أنه كان قريباً كل القرب ولم يبتعد أبداً.

في مرسمه الدافيء يجلس بين أعماله وفرشه وألوانه كأنه يجلس مرتاحاً في حديقة غناء مملوءة بكل أنواع الزهور متفرداً بإسلوبه الزخرفي وألوانه الفرحة دائماً، سخياً بهداياه الفنية لمن يزوره حيث يقطن، ومن حسن حظي أن جدران بيتي تتزين ببعض أعماله الثمينة، التي أعتز بها دائماً.

هكذا عرفته دائماً الفنان الإنسان، وسيظل هكذا لم ولن تغيره السنوات.

اعترف هنا أن الكتابة قد خانتني، ولن تفي هذا الفنان حقه أبداً مهما كتبت من صفحات، فذاكرتي تحمل تأريخاً طويلاً لا تخلو أيامه من ذكر الأستاذ علي الصفار خلالها.

مصدر الصور: أرشيف منير الحجي، صفحة الصفار في فيس بوك.

‫3 تعليقات

  1. الأستاد الموهوب الفنان علي الصفار ومنير الحجي وجميع الفنانين من مختلف الأنشطة لهم ديون كثيرةعلى المجتمع لذا لابد من تكريمهم بحفل يليق بهم

  2. الأستاذ والفنان القدير علي الصفار رائد وعميد الفن بالمنطقة الشرقية ومدرسة في الفنون التشكيلية والرسم كان ولازال معطاءً لجميع محبي وهواة الفنون المبتدئين والمحترفين مرسمه زاخر بأعماله التشكيلية والجدارية الأكثر من رائعة سيرته حافلة بالعطاء والإنجاز والعديد من المشاركات داخل وخارج المملكة
    كان لي شرف حضور إحدى ورشه في الألوان المائية والشعبية بمركز التنمية الإجتماعية التي كان يحرص هو مع جماعة الفن والتشكيل بالقطيف على إقامتها كل عام ..

  3. كان معلمي في مرحلة المتوسط ..بمدرسة حراء بصفوى رجل متواضع وفنان في إظهار مواهب الطلبه بالرسم والأعمال الفنية .. ويوجد دائما تحفيز لجميع الطلبه ❤️❤️ حفظك الله واطأل الله بعمرك ياأستاذ علي 🤲🏻❤️❤️

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×