أمسية مظلومة في منتدى الثلاثاء.. موضوع كبير وحضور قليل آل درويش يضع إصبعه على أهم معوّقات إنتاج التمور في القطيف

المشكلة تبدأ في "اختيار الصنف" وتنتهي في "التسويق" و "الدعم"

كتب: حبيب محمود

ما كان لعالم نخيل بوزن الاختصاصي الزراعي ضياء آل درويش أن يحظى بحضور قليل في أمسية مهمة تتناول تحديات زراعة النخيل وإنتاج التمور في القطيف. ولكن يبدو أن واقع النخيل في المحافظة انعكس على واقع محاضرته التي حضرها عددٌ قليل، وقيل فيها كلامٌ كبيرٌ.

لا أحد يهتمّ بالنخيل في القطيف، الناس غير مهتمّين، الجهات المعنية غير مهتمّة، ثقافة النخيل في تراجع متسارع، وقبلها هناك تراجع اقتصاد النخيل ذاته. النخلة تكلف أكثر مما تُنتج، كما قال آل درويش قبيل نهاية محاضرته. والعناية بالنخلة تتطلب جهوداً كثيرة. وآل درويش؛ جلس في منصفة منتدى الثلاثاء الثقافي، مساء البارحة، ليشرح أموراً أساسية في العناية بالنخلة، بدءًا من اختيار “الفسيلة”، وصولاً إلى جني المحصول، ثم التعامل معه.

قاعدة بيانات

لدى السيد آل درويش نشاطٌ قديم في العناية بالنخيل، وقد تطوّر ـ وظيفياً ـ حتى وصل إلى مدير مركز المكافحة الحيوية في المحافظة. يؤدي المركز وظيفة “مركز أبحاث”. وفيه ثلاثة حقول بحثية تُكوّن بنكاً حيوياً لسلسلة من أصناف النخيل. أصناف محلية من القطيف، وأصناف أخرى من خارج بيئة القطيف، وأصناف ذكورية. يُجري المركز أبحاثاً على كلّ شيء يخص هذه الأشجار المباركة. من الجذر إلى الثمرة. وعلى مدى سنواتٍ طويلة، كوّن المركز قاعدة بيانات هائلة، وتوصّل إلى قائمة من النتائج البحثية المفيدة جداً لتحسين زراعة النخيل في القطيف.

خلاصة أبحاث

وعشية أمس؛ جلس آل درويش على منصّة منتدى الثلاثاء ليضع بعض خلاصات أبحاث المركز. كان الحضور نخبوياً تقريباً، ضمن الحضور أصحاب مشاريع نخيل طرحوا أسئلة وقدموا مداخلات. ومنذ البداية أكّد آل درويش ما يعنيه اقتصاد النخيل في المملكة. هناك اهتمام كبير على مستوى العمل الحكومي. لكن أعداد النخيل في القطيف أخذت في التناقص خلال العقود الأخيرة. كان في القطيف مليون نخلة، الآن هناك فقط 400 ألف. تاروت من أكثر مناطق القطيف خسارة لهذه الثروة، ليس فيها إلا قرابة 17 ألف نخلة. انخفاض في  تعداد النخيل بلغ حالياً 65 %.

وقال “معظم المزارع عبارة عن حيازات صغيرة المساحة، وكمية انتاج التمور في محافظة القطيف تشكل نسبة 14% من مجمل إنتاج المنطقة الشرقية”.

كلام آل درويش كبير، قياساً بما عُرفت عنه القطيف طيلة قرون طويلة. خارج كلام الدرويش؛ فإن ثروة النخيل في القطيف قُدّرت في عام 1951، والأحساء بـ مليون و 600 ألف نخلة، وواحة يبرين (أو جبرين)، بـ 200 ألف. ومجموع ذلك؛ مليونان و 800 ألف نخلة. ونصيب القطيف هو 35.7%.

رطب ورطب

وقال آل درويش “نخيل القطيف أغلب إنتاجها يستهلك في مرحلة الرطب”. هذه ميزة، لكنها مشكلة أيضاً. الإنتاج يجب أن يُباع في هذه المرحلة، والسوق تغرق بسرعة منذ بداية الموسم. تنهار الأسعار. قديماً كان استهلاك الرطب جزءاً يسيراً جداً. الغالبية تمرٌ وسلوق يُصدّران إلى الخارج.

هذا يعني ـ حسب تلميحات آل درويش لا تصريحاته ـ أن تحديات إنتاج التمور في القطيف يجب أن تستوعب الواقع والمتطلبات. الرطب غير مُجدٍ تجارياً للمزارعين. إذن يجب أن تتطور صناعة التمور. تمور القطيف تعاني مشكلات كثيرة. ومن خبرته قال آل درويش إنها تخضع لفحوصات صارمة في مصانع تمور الأحساء.. وكثيرٌ منها لا ينجح في الوصول إلى المعايير القياسية.. يُعاد إلى أصحابه، ليتحوّل ـ في النهاية ـ إلى علف..!

تفكير اقتصادي

وحسب تلميحات آل درويش أيضاً؛ فإن المشكلة ـ والحل ـ يبدآن في المزرعة أولاً. يبدآن في التفكير الاقتصادي لدى صاحب النخيل قبل كلّ شيء. هناك أصناف تجارية، وأخرى غير تجارية. التفكير يجب أن يركّز على الأصناف التجارية ذات القيمة الاقتصادية العالية. بعد ذلك هناك العناية السليمة، بدءاً من اختيار “الفسيلة”، وطريقة غرسها، وطرق العناية بها.. وصولاً إلى جنْي ثمارها في مرحلة الإتمار، وتجفيفه بطرق سليمة تحميه من الحشرات والشوائب.. ثم تخزينه، تمهيداً لتسويقه.

ومحاضرة آل درويش؛ حرصت على استعراض هذه العمليات “الفنية” استنتاجاً لخلاصات بحثية طويلة، مدعومةً بخبرة الفلاحين المحليين.

ضمان جودة الثمر مشروطٌ بمتطلبات كثيرة. النماذج الناجحة في القصيم ـ مثلاً ـ لا تمارس الزراعة المختلطة.. نخيل وأشجار لوز وتين وبمبر وحشائش.. هذا الخلط فيه تعارض في الري والتسميد والتصريف وغير ذلك. ثم تأتي نتائج أقل من المأمول.

يدخل في السلسلة طريقة العناية، بما في ذلك التفاصيل الصغيرة، مثل قص الشوك بآلة حادة.. فهذا قد يسبب فطريات في النخلة.. إنه جرحٌ..!

انخفاض الجودة

وقال “انخفاض جودة المحصول يعود إلى تعرضه للعديد من ضغوط عناصر البيئة المختلفة أثناء اكتمال نضجه، وأهمها ارتفاع نسبة الرطوبة الجوية خلال فترة الإنضاج إلى 66% ومتوسط درجة الحرارة 41.8، إضافة إلى ذلك فقد ينتج أحيانا تساقط الثمار على الأرض والتعرض للإصابة بالآفات ومهاجمة الطيور وإصابات فطرية وأضرار فسيولوجية”. ثم تأتي مشكلة “طرق التجفيف التقليدية المعروفة محلياً بـ “الفدا”، وهي طريقة نشر التمر في الهواء الطلق.

هذه الطريقة تسبب مشاكل كثيرة، والطريقة المثالية هي “تجفيف التمور باستخدام البيوت المحمية المعدّة لذلك”. ثم تأتي “عملية التعبئة” التي تواجه مشكلاتٍ أيضاً.

الطرق التقليدية

كان آل درويش يريد أن يقول إن تحديات زراعة النخيل وإنتاج التمور كثيرة. لم تعد الطرق التقليدية مُجدية اقتصادياً، لأن مشكلات فنية وإنتاجية تنعكس على الجودة في النهاية. وعرض آل درويش خدمات المركز للمزارعين. الطرق التقليدية يجب أن تُستبدل بطرق أفضل، لضمان جودة الإنتاج، وبالتالي نجاح التسويق، وهو ما يرفع من القيمة الاقتصادية لتمور القطيف.

استعرض آل درويش تجربة المركز في “اليوم الحقلي”، وهو مناسبة سنوية يدعو إليها بعض المزارعين، ويشرح لهم الطريقة المثالية في تجفيف التمور. إنها طريقة تختصر مدة التجفيف من 10 إلى 3 أيام. فوق ذلك؛ تضمن عدم تلوثها بالغبار والشوائب الحيوية، وتحافظ على قوام الثمر والتصاق قشره به. باختصار؛ هي طريقة نظيفة وآمنة.

مداخلات

حين جاء دور المداخلات؛ تركّزت الملاحظات على مشكلة فحص التمور في مصنع الأحساء على لسان عبد الله آل زريع.  وتحدث فتحي آل عاشور عن مشكلة المصارف الزراعية وأثره في ارتفاع ملوحة التربة، وتحدث منصور آل مدن عن التسويق والدعاية لصناعة التمور. وبدوره أكد عضو مجلس المنطقة الشرقية محمد الدعلوج ضرورة العمل والتنسيق لإقامة مصنع لإنتاج التمور في المحافظة تتبناه وزارة الزراعة بمشاركة رجال الأعمال وبدعم من مجلس المنطقة.

في حين تساءل عبد الله شهاب عن طبيعة أرض “قرية العليا” وزراعة النخيل فيها. وتناول حبيب محمود الدور المفقود لأمانة المنطقة الشرقية وبلدية محافظة القطيف في تبني مشاريع تدعم التمور كما هو الحال في مناطق أخرى كالقصيم والأحساء، وحاجة المزارعين هي في المساعدة والدعم في تسويق منتجاتهم.

في الأمسية

  • معرض فوتوغرافي للمصور مجدي النصر.
  • فيلم قصير عن الزراعة في المملكة.
  • تكريم بطل كمال الأجسام العالمي منير آل جساس الذي مثل المملكة 18 مرة خلال 12 عاماً.
  • عُرضت أصناف من منتجات التمور، بينها أصناف “خواجي”، المحلي، و “مجهول”، و “عنبرة” وغيرها. إضافة إلى مخلّل الخلال. وتناول الحضور بعضاً منها.

الصور من إدارة منتدى الثلاثاء

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×