مصادفة أم مفارقة…؟!

حسين علي آل هويدي

صادف أن ذهبت مع ابنتي إلى مركزين في نفس اليوم، أحدهما يتعلق بالعروض الفنية والآخر ديني للاحتفال بالناصفة الشعبانية في الولايات المتحدة. لدى المركز الفني قسم خاص مجاني للأطفال يفتح يوميا من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الرابعة مساءً من أجل تنمية المواهب، مع وجود مشرفين من ذوي الخبرة والمؤهلات في التعامل مع الأطفال بكل احترافية حتى أنني كنت أتعلم من أسلوبهم عند الحديث مع الأطفال. كان أسلوب التعامل مع الأطفال مهذباً بطريقة تحفيزية واهتمام تعطي الطفل ثقة عالية في نفسه.

ليلاً، ذهبنا للمركز الإسلامي الذي أعلن عن جدول الاحتفال من الساعة السابعة والنصف وحتى التاسعة والنصف، وهو (الوقت) متأخر نسبيا للأطفال، حيث موعد نومهم بالعادة بين الساعة السابعة والنصف والثامنة والنصف مساءً، إلا أنهم كانوا متحمسين للغاية خصوصاً لفقرة الأطفال التي عادةً ما يتم فيها رمي الحلويات واستلام الهدايا، لكن للأسف لم يلتزم المركز بالموعد المذكور، ولم ينتهي المحاضر إلا عند الساعة الحادية والنصف بدلاً من الساعة التاسعة والنصف ثم أعقبه احتفال الأطفال.

عند دخولنا إلى المركز الإسلامي، تلقينا إرشادات من المستقبلين على الباب أنه من الأفضل لابنتي رغم صغر سنها أن تذهب إلى قسم السيدات، فاعترضَت وتمسكت بي، لكنها قررت أن تتنازل وتذهب بمفردها بعد أن قابلت صديقة للعائلة هناك مع أطفالها.

بعد حوالي ساعة من الوصول تفاجأت بمجيء ابنتي إليّ في قسم الرجال بحالة يرثى لها من خوف وارتباك أصابها، وألقت بنفسها في حضني. حاولت أن تشرح لي ما حدث بنوبة من البكاء مع كل كلمة تتفوه بها، حتى بدأت استيعاب كلامها، هناك سيدة مشرفة على المكان أمسكت يدها وشدتها بعنف، وأبعدتها عن أصدقائها من الأطفال، وهددتها بألّا تتكلم أثناء المحاضرة، ومنعتها حتى من الخروج من القاعة إلا بعد أن اضطرت للكذب عليها بحجة الحمام فتمكنت من الهرب حينها.

شرحتُ القصة للمسؤول في المركز، فاعتذر لابنتي بلباقة عما حدث، لكنه لم يتطرق إلى كيفية معالجته. بدلاً من ذلك، أخذ في نصحها بأنه لا ينبغي الحديث عندما يتكلم المحاضر، وبعدها قفز إلى أمور شكلية لا علاقة لها بالحدث.

لا يختلف اثنان أن الأطفال أمانة في أعناقنا لكننا قد نختلف في إطار نوعية البيئة التي يجب أن تُوفر للأطفال. المشكلة عندما تفتقر الكثير من هذه المراكز للأمور البديهية مثل احترام مواعيد نوم الأطفال وتواجد ناس مختصة في التعامل معهم، والأدهى في الأمر تهميش الأطفال بدلاً من استغلال طاقاتهم فيما ينفعهم مستقبلاً، فيصبح ويمسي المشهد متكرراً وبطيئاً ومملاً.  

مرتادي المراكز الإسلامية هم في الغالب عائلات، لذلك يجب أن تكون البيئة حاضنة ومناسبة للطفل من جميع النواحي سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو نفسية أو تربوية أو ترفيهية، وأن يعطوا الأولوية، لا أن نسايرهم لحساب إرضاء الكبار.

أعجبتني فكرة قيام أحد المراكز الإسلامية بتوفير مقهى داخل المركز كمكان لاحتضان الشباب دون إجبارهم على حضور المحاضرات، بل تدعم برامج خاصة بهم لها علاقة بالتطوع ومساعدة المحتاجين والإلقاء وتطوير الذات والكوميديا والتعارف وفن المفاوضات، وما إلى ذلك، كل هذا في المقهى. الأفكار في هذا الصدد لا حدود لها ولا تنحصر على هذا المثال فحسب، لكن إذا هُجر المكان لن ينفع الإصلاح.

 

 

تعليق واحد

  1. صدفة لان مو كل مركز فني تعاملهم لطيف ولا كل مركز ديني تعاملهم مو لطيف ولسالفة استحي حتى اقولها بين نفسي بالحمام مو بعد اكتبها

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×