لستَ بحوزوي فطحل فلا تتكلم..!
علي آل سيف
هل مسألة ١ + ١ = ٢ نحتاج فيها الرجوع للعالم ؟!
لا شك أن الاعتقادات والأحكام الشرعية -باستثناء الضروري منهما- يُحتاج فيه إلى الرجوع للعالم، ولكن هناك أيضا جوانب كثيرة منهما ومن موضوعات الأحكام الشرعية فضلا عن بديهيات الحياة لا يُحتاج فيها إلى الرجوع للعالم.
لكن هذه الشنشنة أصبحت اليوم الشماعة المناسبة لكتم الأفواه، فإن لم تكن حوزويا فالزم الصمت وإن كنت لم تعجب أهل ناديك فاسكت أيضا ولا تتكلم، إلا أن تكون من الذين لم يهدِ الله سواهم بحسب زعمهم، حينها يحق لك أن تتكلم فتُسمع وإن كان كلامك خطأً، بل قد يجر الويلات على المسلمين فلك أن تتكلم بما تشاء لا رقيب حينئذ ولا هم يحزنون.
إن مما يؤثر عن النبي (ص): “استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك”، بالله عليكم لو تصدى شخص ما للفتيا وأفتى بلزوم قتل
كل من لا يوافقه وأتباعه في الرأي فهل نحتاج في الحكم بجنونه إلى رجوع لعالم ومختص؟!
الحكم في هذه القضايا لا يحتاج إلى عالم يشخصه، ولكنها حكايات فئة أحبت أن تستأثر بالرأي فتقبل ما شاءت وترد ما شاءت وتنسب ذلك للدين جهارا نهارا بلا دليل ولا برهان، وقد وجدت قطيعا يحب تعطيل العقل فقادتهم إلى الهلكة.
ويُراد من الجميع التسليم لما تراه هذه الفئة التي ابتليت بها الأمة والتي يلزم على من يواجهها ويجابهها ويخالفها أن يحمل خشبته على ظهره وينتظر مطرقة التسقيط والتوهين وهذا أكثر ما يبرعون به منذ سنين.
عليك أن توافقهم الرأي وتمشي وأنت مغمض العينين وإلا كنت مارقا من أهل الضلال وما أسهل ذلك عندهم.
كم من خلاف شرخ المجتمع وقطعه أوصالاً قد جرى بسببهم وكل ذلك باسم الدين والدين يستغيث منهم.
حين لا تجد هذه الفئة الغوغائية صدا اجتماعيا سيتمادون ولا أدري إلى أين سيصل بهم الطغيان، وهم لا يتوانون عن الحكم على (س) بالجنة وعلى (ص) بالنار وكأنهم ملكوا مفاتيحها ولا يُدرى أذلك بحيازة أو وراثة..!
وأكبر العتب ليس على هؤلاء بل على من يتبعهم ويقدسهم وكأنهم نبي مرسل أو ملك مقرب أو ولي من أولياء الله الصالحين!
ورؤوس هؤلاء القوم وعليتهم مرضى بحب الصدارة والاكتساح، فهم محبون لاستعباد المجتمعات فكريا، فلا يحبون أن يُسمع صوت مخالف لهم فرأيهم الواحد الفرد الذي لا مثيل له ولا شبيه ولا قرين..!
تجدهم لا يأنسون بكلمة (لا) كأنسهم بكلمة (نعم)، فينبغي عليك التسليم وإلا رموك بما هو فيهم أساسا، ولا عجب في ذلك فالحكماء كابرا عن كابر ومن دون الحاجة للدراسة بالحوزة قرونا متمادية قالوا: كلٌّ يرى الناس بعين طبعه.
إنها عقدة النقص التي تنتابهم كلما ظهر مشروع إصلاحي يحاول الحد من سيطرتهم على مقدّرات الأمة.
عسى أن نرى رجالا مصلحين يحملون الثقافة الدينية السليمة ويتّصفون ببُعد النظر حقا دون أن يدّعوا ذلك وهم لا يرون أبعد من أنوفهم كي لا تأخذهم العصبية، وأن لا يكونوا عميانا يقادون كما تحب الجماهير.
إلى هنا وقف اليراع والله المستعان.