البعيز: لستُ خائفاً من الإعلام على المجتمع.. بل من المجتمع على الإعلام عاشوراء يسرق جمهور منتدى الثلاثاء.. ويُخلي أغلب المقاعد في ثاني فعّاليته
القطيف: شذى المرزوق
لم يحالف الحظ منتدى الثلاثاء كثيراً، في ثاني فعّاليات موسمه الجديد، الـ 19. فعلى الرغم من أهمّية برنامجه المتوّج بمحاضرة لأستاذ الإعلام السابق الدكتور إبراهيم البعيز، وحضور لجنة تطوّعية هي “نساندكم”، وفيلم وثائقي عن حائل، ومعرض تشكيلي لهناء آل هلال.. على الرغم من كل هذه التوليفة؛ كان الحضور شحيحاً، والسبب هو تزامن المحاضرة مع ثاني ليالي أيام عاشوراء، حيث ينصرف الناس إلى محاضرات وفعّاليات أخرى..!
لم يتجاوز حضور مناسبة البارحة 25 من المهتمين بالإعلام، وبدأ البرنامج بتعريف للجنة النسائية التربية التعليمية في سيهات “نساندكم”، قدمها المشرف العام على اللجنة صلاح آل مطر الذي سرد ما أنجزته منذ تأسيسها عام ٢٠١٥، من ورش ومحاضرات وزيارات تعليمية، وقال إنها وصلت إلى ٨٤ فعّالية حضرها أكثر من 4 آلاف مستفيد. وبعد عرض فيلم “حائل”؛ جاء دور المحاضرة، الفقرة الرئيسة..!
بعد ديني
تسلّم الدكتور البعيز المنصّة، وقدمها المذيع محمد الحمادي، واستهل البعيز كلمته بلفت الانتباه إلى مصادفة المناسبة والذكرى الشهيرة، ١١ سبتمبر. إنه يوم تاريخي، وبحسب البعيز؛ فقد أثرت واقعة 2001؛ بشكل كبير على الصعيد الثقافي في المنطقة ككل وفي المجتمع السعودي بشكل خاص، كما لفت الانتباه إلى بداية السنة الجديدة.
البعيز؛ وضع أفكار أطروحته للدكتوراه التي درس فيها السياسة الإعلامية أو السياسة البرامجية في التلفزيون السعودي ما بين عامي ٧٦و٨٦، مستخلصاً جملة من النتائج خلال السنوات العشر. البعيز قال إن “التحذير من الغزو الفكري الثقافي كان مهيمناً في تلك الفترة”، خاصة أن “الإعلام السعودي نال حيزاً كبيراً من الاهتمام حتى خارج الدولة”. وذكر بعضاً من الأسباب، “من أبرزها لفت الانتباه للبعد الديني في تاريخ أغلب الأعمال الإعلامية في المملكة”. أضاف “أول دراسة دكتوراه تحدثت عن تاريخ التلفزيون السعودي قام بها دكتور أمريكي مهتم بدأت بعد سبع سنوات من تأسيس التلفزيون”.
وميّز السعودية “بكونها الدولة الوحيدة في العالم التي افتتحت مركز الإذاعة والتلفزيون، في غير عاصمتها السياسية، بل بدأت بمكة المكرمة وافتتحت الإذاعة يوم ٩ ذي الحجة، وهو يوم عرفة. وعند افتتاحها في الرياض تم اختيار مناسبة دينية فكانت ١ رمضان”.
ويرى البعيز أن “هذا البعد التاريخي الثقافي كان لافتاً للانتباه في الإعلام السعودي”.
محافظ وليبرالي
لكن هناك رؤية أخرى يرى الدكتور البعيز في عصر الإعلام المعاصر. فـ “عند بداية تزاوج القنوات الفضائية؛ كان اللافت هو التزاوج الحاصل بين أكبر مجتمع محافظ في المنطقة، وهو المجتمع السعودي، وبين أكثر مجتمع ليبرالي يحمل المهارات اللبنانية”. وهذا “مما أعطى مجالاً خصباً للدراسات الإعلامية وتطور النظريات في هذا المجال”.
وعند شرحه لمفهوم الاعلام وتأثيره في المجتمع قال “لست قلقًا من تأثير الإعلام في المجتمع، بقدر ما أخشى من تأثير المجتمع فيه”. وأوضح “الاعلام هو نتاج المجتمع، وهو شكل من أشكال الاتصال المتنوعة، سواء كان اتصالاً ذاتياً، أو شخصياً، أو جمعياً، أو اتصالاً تنظيمياً محددًا على وجه الخصوص، كما في الاتصال الجماهيري لكونه الاسم الأكاديمي للإعلام”.
نظام شامل
مرّ البعيز بعرض العناصر الأساسية في الاتصال: المرسل، الرسالة، الوسيلة، المستقبل. ورفض فكرة أن يكون المراسل الصحفي أو الإعلامي نفسه. “بل بيّن أن المراسل ليس إلا مؤسسة إعلامية لها أهدافها واعتباراتها”. كما وصف المستقبِل للاتصال الجماهيري بأنه “هو الجمهور المتباين غير المتجانس في الاهتمامات و التوجهات.. حتى في اختلاف العمر”. وهذا ـ حسب البعيز ـ “مما يؤثر في توجهات الإعلام نفسه”. لكنه ـ في الوقت نفسه ـ يعتبر الإعلام “مؤسسة مجتمعية من بين مؤسسات الدولة”..يضيف “الإعلام نظام شامل غير معزول عن المنظمات الأخرى”.
اختراق الحدود
وتطرق المحاضر إلى “تأثير الحدود السياسية والثقافية في الإعلام”.. ونبّه “الاختراقات بدأت تطال تلك الحدود، سواء كانت منافسة القنوات الفضائية أو بالضغوط الدولية في الأداء الإعلامي وتقييد حرية الرأي، وكذلك تأثير الإعلام البديل والسياسات الدولية المؤثرة”.
وتناول البعيز محاور أخرى في ندوته كان منها “أهمية الإعلام كسلطة رابعة، ومدى حرية الدول في هذا المجال، مستعرضا جدولاً بيانياً يوضح الحريات الإعلامية في العالم. وقال إمن لبنان والكويت من بين الدول العربية التي لها كامل الحرية الإعلامية”.
من أعمال التشكيلية هناء الهلال