المواطن عبدالواحد إسماعيل: لم أحصل من حق ابنتي المتوفاة إلا على “رقم معاملة” شكوى الخطأ الطبي صامتة منذ 26 سبتمبر 2021.. لا اتصال.. لا مكالمة.. لا رسالة
القطيف: أمل سعيد
513 يوماً مرت على رحيل الشابة زينب عبدالواحد آل إسماعيل، رحمها الله، عن عالمنا، مخلفة دهشة وألماً في نفوس أحبتها من طريقة فقدانها، لا يقلان عن مقدار الألم والحسرة التي تركتهما في قلوبهم.
الشابة التي كانت تمتلىء بالحياة وتمتلىء الحياة بها انسربت من الحياة فجأة، وتركت وراءها طفلين لم يكمل أكبرهما عامه الخامس.
وبحسب والد المرحومة المواطن عبدالواحد آل إسماعيل فإن كل المؤشرات سواء قبل إجراء العملية لزينب أو بعدها تشير إلى حدوث خطأ ما أدى إلى فقدان ابنته حياتها. ومنذ وفاتها في مستشفى القطيف المركزي؛ طالب الأب بتحقيق في ملابسات ما حدث لابنته. كما رفع زوجها شكوى للتجمع الصحي في المنطقة الشرقية، وذلك بتاريخ 27/5/2021.
ويقول آل إسماعيل “رفع زوج ابنتي خطاباً للتجمع الصحي، ومضت الأيام ولم نتلقّ أي رد منهم، إلى أن تواصلت “صُبرة” معهم ووعدونا خيراً. حيث قال المتحدث باسم التجمع الصحي آنذاك محمد المقيبل “توفيت المريضة بتاريخ 11-5-2021، الموافق 29-9-1442هـ، في قسم العناية المركزة، بعد إجراء عملية استكشاف للبطن، في نفس اليوم مساءً، وبالوقوف على ما حصل خلال رحلتها العلاجية في المستشفى، ومن خلال مراجعة الملف الطبي ومقابلة المعنيين بتاريخ 18-5-2021، وتم الإبلاغ عن الحالة كحالة وفاة غير متوقعة (Sentinel Event) ورُفع بها إلى الجهات المعنية”.
وأضاف المقيبل “شُكلت لجنة للتحقيق حول الحالة، وعند ثبوت وجود خطأ طبي، سيتم إحالة المتسببين للتحقيق، وموافاتكم بالنتائج”، و “بعد هذا الوعد الذي كنا نأمل معه أن تتسارع الإجراءات، بقينا ننتظر إلى أن تواصل معنا التجمع الصحي بتاريخ 26/9/2021، وأفادونا بأن المعاملة أحيلت إلى الهيئة الشرعية”.
ويكمل آل إسماعيل بكلمات مشحونة أسى “قبل أيام أكملت القضية سنة كاملة منذ إحالتها للهيئة الشرعية، وحتى الآن لم يُبتَّ فيها، أو لا نعلم إن كان بُتَّ فيها أم لا، فلا اتصال وصلنا منهم، ولا حتى رسالة تفيد بأن ملف ابنتي قد نُظر أو تحدد موعد للنظر فيه”.
يضيف “حتى عندما ندخل برقم المعاملة في الخدمات الإلكترونية لدى مستشفى القطيف المركزي، قسم إدارة الشؤون القانونية فإننا لا نجد غير جملتين: تم حفظ المعاملة، تم الانتهاء من إجراءات المعاملة”.
وبمرارة الفقد يختم آل إسماعيل “ولم يبق من ملف زينب غير رقم معاملة وإحالة فقط”.
ماذا حدث لزينب؟
لم تكن المرحومة زينب آل إسماعيل تشكو من مرض خطير أو آلام مزمنة؛ بل كانت تتمتع بصحة جيدة، وذات يوم شعرت بارتفاع في حرارتها، مما اضطرها إلى مراجعة مستشفى خاص، وهناك لم ير الطبيب في حالتها ما يقلق، فوصف لها بعض الأدوية وقفلت راجعة إلى بيتها.
تسارعت الأحداث في قصة زينب إلى أن وافاها الأجل، فما أفل شهر رمضان إلا وغاب شخص زينب قبله.
وبصوت يملؤه الألم والحسرة روي عبدالواحد آل إسماعيل تفاصيل ما حدث لابنته من تاريخ 1/5/2021 والذي يوافق الـ 19 من شهر رمضان إلى 11/5/2021
وقال آل إسماعيل “كادت الحرارة تهد قواها، فذهبت إلى مستشفى القطيف المركزي في 4/5، بعد أن شعرت أن علاج المستشفى الخاص لم يُجد نفعاً، ولأن ارتفاع الحرارة مؤشر على احتمال إصابتها بكوفيد 19 فقد تم حجزها في قسم العزل الخاص بمرضى كورونا، وبقيت هناك يومين حتى ظهرت نتيجة المسحة PCR سلبية، وفي إثر ذلك تم نقلها إلى قسم أمراض الباطنية”.
“لمدة 3 أيام ظلت حرارتها مرتفعة، وفي اليوم الرابع انخفضت بل تلاشت تماما، ولكن ظهرت شكوى أخرى، آلام في البطن، بالإضافة إلى القيء، لذا بدأ شيء من القلق يتسلل إلى نفوسنا؛ غير أن الأطباء قالوا إن حالتها عادية جداً، ولا داعي للقلق أبداً”.
مغادرة المستشفى
وبحسب الأب فقد سارت الأمور على ما يرام في الأيام اللاحقة “تقرر خروج ابنتي من المستشفى قبل العيد بيومين، وبدت عليها الصحة والعافية، وفي اليوم الأخير لها وقبل مغادرتها أجروا فحصاً بالأشعة المقطعية؛ وبناء عليه تقرر إجراء عملية جراحية بصورة عاجلة، وأفادوا بأن حالتها لا تحتمل التأجيل”.
وعن سبب حاجتها للعملية قال آل إسماعيل وهو يستعيد مشاعر الدهشة من كل ما قيل لهم “قال الطبيب إنها تعاني من انسداد في جزء من الأمعاء الغليظة، وأيضا احتمال وجود جزء ميت من الأمعاء؛ لذا فلا بد من استئصال ذلك الجزء وفتح الانسداد الحاصل، وإلا قد تحدث وفاة خلال الـ 6 ساعات المقبلة، وبالفعل دخلت ابنتي غرفة العمليات وأجروا لها العملية”، وتتسابق الكلمات على شفتي آل إسماعيل “وفاة خلال 6 ساعات، كيف..؟ وقد قالوا لنا في اليوم السابق أنها بخير وستعود لبيتها؟، كيف وقد كانت كل أحوالها تقول أنها بصحة جيدة؟”.
بعد العملية
يتابع آل إسماعيل سرد القصة “بعد العملية مباشرة، تبدل الحال غير الحال، دخلت ابنتي غرفة العمليات وهي بصحة جيدة، أو هكذا كان ما نراه، وخرجت منها إلى غرفة العناية المركزة.
صُدمنا جميعاً بما حدث، وسألنا عن السبب، فأخبرونا أن مستوى الأوكسجين منخفض جداً، وقد تم عمل إنعاش قلبي لها عدة مرات ولكن دون فائدة، 4 ساعات قضتها زينب بعد خروجها من غرفة العمليات، ثم سلمت النفس لبارئها”.
ما الذي حدث؟
يأخذ الحزن بكلمات آل إسماعيل الذي يُبدي استغرابه، ويتساءل عما حدث داخل غرفة العمليات “لم يكن الأمر طبيعياً، كنا نريد أن نعرف تفاصيل ما حدث هناك.. في غرفة العمليات، لماذا تدهورت حالتها؟”، ولكن، لا جواب يعالج حسرة الفقد، ويكمل “بعد 4 أيام من وفاة ابنتي وردنا اتصال من طبيب، وطلب منا الحضور إلى المستشفى، فذهبت أنا وزوج ابنتي علي آل صويمل، وهناك جلسنا مع استشاري الجراحة واستشارية الباطنية، ومسؤول التخدير، وأيضاً رئيس قسم التخدير، ودار حديثهم حول أنهم فعلوا كل ما بإمكانهم فعله، وأن العملية كانت تسير بشكل جيد وأنها نجحت فعلا، لكن قدر الله ماض”،
ويستدرك آل إسماعيل “في هذه الجلسة ظننت أني سأسمع شيئاً يسكّن روحي، فقد كانت زينب شابة قوية، مقبلة على الحياة، لم تكمل الـ 36 من عمرها، وأم لطفلين صغيرين، كانت في بداية الطريق، فماذا حدث هناك، كنت أنتظر أن أسمع سببا لكل ما حدث، ولكن لا شيء من هذا”، ويكمل “وبعد يومين أيضاً طلبت منا الإدارة الطبية الحضور، فقابلنا المدير الطبي الذي شرح لنا ما حصل في العملية، ثم قال في نهاية حديثه، بمقدوركم تقديم خطاب للتجمع الصحي للتحقيق في الأمر إذا أردتم”.
اقرأ تفاصيل القصة أيضاً
“زينب” ماتت في “مركزي القطيف” قبل
57 يوماً.. و “التجمع الصحي” ما زال يحقق
“زينب” ماتت في “مركزي القطيف” قبل 57 يوماً.. و “التجمع الصحي” ما زال يحقق
التجمع الصحي عن وفاة زينب آل إسماعيل:
سنحيل المتسببين للتحقيق.. في حال ثبوت الخطأ
التجمع الصحي عن وفاة زينب آل إسماعيل: سنحيل المتسببين للتحقيق.. في حال ثبوت الخطأ