قيمة العمامة
علي آل سيف
منذ صدر الإسلام، بل وقبل ذلك؛ كانت العمامة من الملابس التي عُرف العرب بارتدائها، ولربما تميزوا بها حتى قل ذلك في نهايات القرن الثامن عشر الميلادي. ولعل التعّمم منذ ذلك الحين صار مقتصراً على وجوه العلم وأربابه وحملته من مختلف البقاع والأمصار.
وأود الحديث فعلاً عن قيمة العمامة في الوسط الإسلامي، سيما مع ورود أحاديث مختلفة عن العمامة من قبيل أن العمائم تيجان العرب، وكالنهي عن ارتداء عِمة إبليس الشيطان الرجيم المسماة في الأحاديث بـ “الطابقية”. وقد توهم بعضهم لزوم التحنك بُعداً عن وصف العمامة بـ “الطابقية” وذلك حديث موكول إلى محله.
وهنا لا بد من توضيح أمرين مهمين:
الأمر الأول
أنه لا يوجد سقف دراسي زمني لارتداء العمامة، فقد يلبسها طالب “الآجرومية” المبتديء، وقد لا يلبسها أستاذ حلقة فقه أو أصول. وهذا واقع مشهود لكل ذي اطلاع لا يحتاج إلى كلفة إقامة أدلة ولا إلى عناء نصب براهين، بل ليس لارتدائها في عصرنا ضوابط حاكمة ولا قواعد مهيمنة.
وأين خصوصية العالم إذا تصدر الكل كراسي البحث والتدريس، ومنابر التعزية والخطابة، وأمسى لأي أن يعظ وينصح.
وهنا أستذكر كلمة صوت العقلانية رمز الاعتدال الإسلامي المصلح الدكتور الشيخ أحمد الوائلي، أستاذ الخطباء، رضوان الله عليه، حيث نُقل عنه أن هذه تجارة مع الله فليحسن الخطيب البيع وليحسن المستمع الشراء.
الأمر الثاني
لا تدل العمامة على مستوى العلم كيفاً وكماً، فلا ربط بين هذا وذاك، وكما قيل لا يعكس المظهر الجوهر، وشأن العمامة في ذلك شأن اللحية والمسبحة وما شاكل ذلك.
فيظهر مما سبق أن قيمة العمامة حقيقة إنما تُعرف بالقيمة الفعلية لصاحبها، فعلمه وفضله وعطاؤه يحدده شخصه حصراً لا غير، فلا تحدده عمامته سوداء كانت أو بيضاء، صغيرة أو كبيرة، فصاحبها هو من يعطي القيمة لعمامته ولا عكس ومسك الختام أن يقال: نعم عالم يزين عمامته، وبئس عمامة تزين صاحبها.
أحسنت وبارك الله فيك.
مشكلة العالم ككل، ولا يقتصر الأمر على المسلمين فقط، أنهم شكليون. فعندما تذهب للقبائل البدائية، تجدهم يهتمون للشكل، ليميزوا بين قيمة وعلم الشخص. بل حتى عندما تذهب لأرقى الجامعات، تجدهم يلبسون أثناء التخرج ملابس تدلل على رتبة الشخص، وهذا ما يحدث أيضا في العسكرية، وسواها.
قيمة الإنسان ليس في لبسه أو لقبه. قيمته في محتواه وأفكاره وعطائه.