مظفر النواب.. “قطار الليل” يتوقف في الشارقة أشهر شاعر عربي استخدم "اللغة المكشوفة" للتعبير عن السياسة
القطيف: صُبرة
محمّلاً بمشاكل الشيخوخة والترحال المتواصل؛ غادر الشاعر العربي مظفر النواب عالمنا، ظهر اليوم الجمعة، في إحدى مستشفيات إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة. وانتشر خبر وفاته تواصليّاً وإعلامياً في المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، وشبكات التلفزة، كما نعته وزارة الثقافة العراقية، واصفة رحيله بأنه “خسارة كبيرة”.
الشاعر المثير لمضايقة الساسة، الهارب من ملاحقة أمن بلاده، مراراً وتكراراً، توقّف قطار حياته على سرير مستشفى في مدينة عربية، غير بغداد التي وُلد فيها ونشأ، وسُجن، وعانى الضغط من صانعي القرار فيها، مختتماً 88 سنة، أمضى أكثر من شطرها، على الأقلّ، بين أوطان أخرى.
الشاعر الموصوف بـ “الثوري”، و “المعارض السياسي”، القادم من أسرة ثرية، المنعطف إلى حياة اليسار العربي، في مواجهة البعث العربي، الساخط على الوضع العربي، المتأزم ـ حياتياً وشعرياً ـ من الوضع العربي، أغمض عينيه ناحلاً بالكاد يتحرك، ويتنقل على كرسي متحرك، في مستشفى، غريباً.
الشاعر العربي الأكثر استخداماً للغة المكشوفة، والمفردات الصادمة، في التعبير عن مواقفه السياسية.. صمت، تاركاً مدرسة من الشعر الخاص، الشعر الذي عُرف به مظفر النواب، فقط..!
تقول سيرته المنتشرة إلكترونياً؛ إنه ولد عام 1934 لعائلة أرستقراطية من أصل هندي، وينتمي بأصوله القديمة إلى عائلة النواب التي ينتهي نسبها إلى الإمام موسى الكاظم. وقد رحل أحد أجداده في الهند وأصبح حاكمًا لإحدى الولايات فيها. وقاوم الإنكليز لدى احتلالهم للهند فنفي أفراد العائلة، خارج الهند فاختاروا العراق.
ومنذ سن مبكرة بدأت موهبة “مظفر” في الشعر تظهر، وأكمل دراسته في جامعة بغداد وأصبح مدرسًا، لكنه طرد لأسباب سياسية عام 1955، وظل عاطلًا لثلاث سنوات، في وقت صعب على أسرته التي كانت تعاني من ضائقة مالية. وقد التحق بالحزب الشيوعي العراقي وهو لا يزال في الكلية، في المرحلة الملكية. وبعد الثورة العراقية عام 1958 التي أطاحت بالنظام الملكي، تم تعيينه مفتشًا في وزارة التربية والتعليم. في عام 1963، اضطر إلى مغادرة العراق إلى إيران المجاورة بعد اشتداد المنافسة بين القوميين والشيوعيين، وقد تعرض للملاحقة بوصفه شيوعياً، ولكن لم يسلم في إيران فاعتقله “السافاك”، في الأهواز.
كان في طريقه إلى روسيا الشيوعية، لكنه أُعيد إلى العراق قسراً، إلى الحكومة العراقية. وأصدرت محكمة عراقية حكمًا بالإعدام بحقه بسبب إحدى قصائده، وخفف فيما بعد إلى السجن المؤبد، في سجن “نقرة السلمان”، جنوب العراق، ثم نُقل إلى سجن مدينة “الحلة”.
إلا أنه هرب من السجن بحفر نفق، وتوارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفيًا فيها ثم سافر إلى جنوب العراق وسكن (الأهوار)، وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنة وانضم إلى فصيل شيوعي سعى إلى قلب نظام الحكم.
وفي عام 1969 صدر بيان العفو عن المعارضين فرجع إلى سلك التعليم مدرساً، ثم غادر بغداد إلى بيروت في البداية، وبعدها انتقل إلى دمشق، وظل يسافر بين العواصم العربية والأوروبية، واستقر بهِ المقام أخيرًا في دمشق ثم بيروت.
تقول سيرته أيضاً إنه نجا من محاولة اغتيال في اليونان في العام 1981.
من الناحية الشعرية؛ اشتهر بقصائده الثورية القوية والنداءات اللاذعة عربياً، وعاش في المنفى في العديد من البلدان، بما في ذلك سوريا ومصر ولبنان وإريتريا، حيث أقام مع المتمردين الإريتريين، قبل أن يعود إلى العراق في عام 2011.
وقبل عودته إلى العراق، كان عديم الجنسية ولم يكن قادرًا على السفر سوى بوثائق السفر الليبية، إذ رعاه معمر القذافي كشاعر كبير، وأقام في ليبيا لسنوات، واتخذ من جواز سفرها هوية رسمية.
صدرت أول طبعة كاملة باللغة العربية لأعماله في لندن عام 1996 عن دار قنبر. ويوصف شعره بأنه حافل بالرموز الثورية العربية والعالمية. واستخدم عمله في إثارة المشاعر العامة، بلغته الشعرية القاسية، وتستخدم الألفاظ النابية من حين لآخر. استخدمت كتاباته الأولى لهجة جنوب العراق لأنه كان يعتقد أن تلك المنطقة «أكثر ثورية».
من أشهر شعر مظفر النواب، العامي، أغنية “مرّينا بيكم حمد، واحنا بقطار الليل، التي غناها ياس خضر.
أحسنت