بتول الملا.. القلب الصابر بين جدّتين ثاكلتين تستقبل تعازي النساء وشقيقاها يستقبلان الرجال
صفوى: شذى المرزوق، تصوير: أحمد حبيب
وسط حسينية “أم علي المرهون”، في حي “الرفاع” القديم، تقف بتول زهير علي الملا.. حاملة قامتها القصيرة نسبياً، أمام زحام المعزّيات الآتيات من صفوى وخارجها؛ لمواساة أسرة الملا وأسرة الدرويش في مصابهم الكبير.
وجه شابّة عشرينية يحملُ صبراً لا تحمله الجبال، بفقدها أبيها وأمّها وأختها الوحيدة وأخيها، في فاجعة الحريق. وبملامح وجه شبه صامت، تستقبل العزاء بترحاب وشكر وهدوء، مستمدّة شجاعتها من إيمانها بقضاء الله، ومن مؤازرة جدّتين وقفتا معها في الحسينية: جدتها لأمها الحاجة شريفة آل درويش، وجدّتها لأبيها الحاجة فاطمة الملا.
وكلتا الجدّتين فقدت فلذة كبدها، آل درويش فقدت ابنتها المرحومة صديقة آل درويش، والملا فقدت ابنها المرحوم زهير الملا، وكلتاهما فقدت الابنين اللذين قضيا في الحريق: محمد وعقيلة زهير الملا..!
حسينية أم علي المرهون في حي الرفاع. تصوير: أحمد حبيب
ألم الأمهات
وليس هنالك من ألم يضاهي ألم الأمهات الثكالى، فكيف بمن امتد بها العمر لتجد نفسها بجانب حفيدتها التي دار بها الزمن، فتصدرت مجلس عزاء والديها وأخوليها تستقبل المعزين بدموع عينيها، وترد بوهن الفاقد على من يُعظم الأجر لهم في مصابهم، فيما جدتها تبكي بجانبها لا تعلم حينها أيهما يُسند الآخر الجدة أم الحفيدة ؟
وبين والدة المرحوم الحاج” زهير الملا”، ووالدة المرحومة “صديقة آل درويش” بقيت حفيدتهما بتول الملا تصافح المعزين، تستقبلهن، وتستمع لتعازيهن المواسية لها ولجدتيها في مصابهم الجلل.
شقيقاها مؤيد ومهدي وأعمامهما في تعزية الرجل في مسجد الرسول الأعظم. تصوير: أحمد حبيب
موقف الشقيقين
وفي هذا الحدث وقفت بتول موقفاً مثل موقف شقيقيها مؤيد ومهدي الملا ـ في تلقي التعازي. فبينما تسلّم مؤيد ومهدي المهمة في جانب مجلس عزاء الرجال إلى جانب عميهما عزّت وفهمي الملا وقفت بتول وحدها ـ كابنة ـ في المهمة ذاتها على الجانب النسائي، بمؤازرة جدتيها وعماتها وخالاتها وأقاربها الأخرى.
ورغم ما يبدو على ملامح بتول الهادئة؛ كانت من الصبر والتجلد بما يكفي لترد بهدوء على من يسأل عن البقية من أخوتها وعائلتها مُطمئنةً الجميع أنهم بخير، كيف لا؟ وهي تحمد الله وتحتسب كل ما جرى عليهم عند الله…؟
وبحنان تلمسه بوضوح حين تتحدث عن فاطمة زوجة الأخ المتسبب في حادثة الحريق، وتقول “فاطمة -أعانها الله- تأتي إلى مجلس الفاتحة النسائي، للحظات ثم تعود إلى منزلها وطفليها “حسام ومريم”، وتقول إننا عائلة واحدة يساند بعضنا بعضاً و لا يمكن أن تغيرهم الظروف مهما قست.
وهذا ما أكده مؤيد الملا لـ “صُبرة” أيضاً حول الوضع الذي تعيشه العائلة بعد الحادثة، مبيناً أنهم يد وقلب واحد يشد كل واحد منهم بعضد الآخر، ولكنهم لايزالون في حالة من عدم الاستيعاب للأمر “كل يوم يمر نجد أنفسنا خلاله نعيش الأحداث من جديد، بنفس ألم، وصدمة، وغصة اليوم الأول” .
شقيقها المرحوم محمد زهير الملا
بطاقة شخصية
- بتول زهير الملا
- زوجة وأم لطفلين: عبد العزيز 6 سنوات، ومنار3 سنوات.
- موظفة في القطاع الخاص.
- بعد وفاة شقيقتها عقيلة بقيت بتول العمة الوحيدة في العائلة لابني أخيها مؤيد: الياس ونور)، وابني أخيها مهند: حسام ومريم.
- الجدة “والدة الأب” : شريفة آل درويش
- الجدة “والدة الأم”: فاطمة الملا.
المرحوم زهير الملا، والد بتول، وأحفاده
اقرأ أيضاً