الدكتور فتح الله يُهدي روح الفلاح موسى آل شيف بحثاً لغوياً في النخلة تأثر بتقرير "صُبرة"، ومنحها جزءاً من بحث لساني يعمل عليه

كان للتقرير الذي نشرته “صُبرة”، مساء البارحة، عن وفاة الفلاح موسى آل شيف أثره في نفس الباحث اللساني الدكتور أحمد فتح الله، وتحت هذا الأثر كتب هذه المراجعة اللغوية، إهداءً لروحه. وبدوره تقدّر “صُبرة” هذا الجهد النافع، وربطه بروح الراحل الذي عاش حياته كلها خادماً للأرض وللنخلة.

[فيديو] موسى آل شيف.. كُتب له عمر جديد ليواصل إعمار الأرض

النخلة في اللغة والقرآن

الدكتور أحمد فتح الله

النخلة في المعاجم
⁃ معجم العين (الخليل الفراهيدي)
النخلة: شجرة التمر، والجماعة نخل و نخيل، وثلاث نخلات. ونخيلة: موضع بالبادية. والنخل: تنخيل الثلج والودق. وانتخلت ليلتنا الثلج أو مطرا غير جود. وإذا نخلت أشياء لتستقصى أفضلها قلت: نخلت وانتخلت. فالنخل: التصفية. والانتخال: الإختيار لنفسك أفضله وهو التنخّل أيضا.

⁃ معجم مقاييس اللغة (أحمد بن فارس)
نخل: كلمة تدلّ على انتقاء الشي‌ء واختياره. وانتخلته: استقصيت حتّى أخذت أفضله. وعندنا أنّ النخل سمّى به لأنّه أشرف كلّ شجر ذى ساق، الواحدة نخلة. والنخل: نخلك الدقيق بالمنخل، وما سقط منه فهو نخالة.
⁃ معجم المصباح المنير (أحمد الفيومي)
النخل: اسم جمع، الواحدة نخلة، وكلّ جمع بينه و بين واحده الهاء: فأهل الحجاز يؤنّثون أكثره فيقولون هي التمر و هي البرّ وهي النخل وهي البقر، وأهل نجد وتميم يذكّرون فيقولون: نخل كريم وكريمة وكرائم وفي التنزيل- نخل منقعر، ونخل خاوية. وأمّا النخيل بالياء: فمؤنّثة. ونخلت الدقيق‌ من باب قتل، والنخالة: قشر الحبّ ولا يأكله الآدمىّ. والمنخل بضمّ الميم:
ما ينخل به، وهو من النوادر، والقياس الكسر لأنّه اسم آلة. وتنخّلت كلامه:
تخيّرت أجوده، وانتخلت الشي‌ء: أخذت أفضله. والنخّال: الّذى ينخل التراب في الأزقّة لطلب ما سقط من الناس.

⁃ فرهنگ تطبيقى- سرياني- نخل غربال كردن. «- سرياني- مخولتا غربال.

في القرآن الكريم
⁃ تحقيق المصطفوي (أنظر المصدر أدناه)
أنّ الأصل الواحد في المادّة: هو شجرة التمر. والنخل اسم جنس كالتمر، وإذا أريد الواحد زيدت التاء في آخره.
والحقّ أنّ الجمع يدلّ على الأفراد بالدلالة الأوّليّة، وهو يبنى من المفرد سالما أو مكسّرا. وهذا بخلاف اسم الجنس فانّه يدلّ على مطلق مفهوم من جنس ابتداء ثمّ يصدق هذا المفهوم على المصاديق، ويبنى منه بعد مفرد و جمع، فيقال: تمر و تمرة و تمرات، فيراد المصاديق.
وأمّا مفهوم الغربلة والانتقاء: فمأخوذ من اللغة السريانيّة، مضافا الى وجود تناسب بين الانتقاء و شجرة النخل، فانّها منتقاة من بين الأشجار بسبب خصوصيّات فيها ممتازة من غيرها، ولا سيّما في أراضى الحجاز و العراق من بلاد العرب.
وبهذا يظهر أنّ النخل بضمّ الميم مأخوذ من مخولتا سريانيّا بمعنى الغربال وليس جاريا على ضوابط العربّية في اسم الآلة حتّى يعدّ من النوادر.
. فَأَنْبَتْنٰا فِيهٰا حَبًّا وَ عِنَباً وَ قَضْباً وَ زَيْتُوناً وَ نَخْلًا- ٨٠/ ٢٩. فِيهِمٰا فٰاكِهَةٌ وَ نَخْلٌ وَ رُمّٰانٌ- ٥٥/ ٦٨. وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ- ٢٠/ ٧١ يراد شجر التمر، وتدلّ الآية الأخيرة على وجود النخل في مصر، زمان‌ فرعون و موسى حين أسلم السحرة.
. وَ مِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهٰا قِنْوٰانٌ دٰانِيَةٌ- ٦/ ٩٩. تَنْزِعُ النّٰاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجٰازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ- ٥٤/ ٢٠. فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهٰا صَرْعىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجٰازُ نَخْلٍ خٰاوِيَةٍ- ٦٩/ ٧. وَ زُرُوعٍ وَ نَخْلٍ طَلْعُهٰا هَضِيمٌ- ٢٦/ ١٤٨ استعملت الكلمة مذكّرا ومؤنّثا: ففي الآية الاولى والثالثة والرابعة، لوحظ التأنيث، وهذا بمناسبة القنوان والصرعى و الزروع. وفي الثانية لوحظ التذكير، وهذا بمناسبة- الناس كأنّهم.
والضابطة الكلّيّة: أنّ النظر في اسم الجنس إذا كان معطوفا الى المصاديق والأفراد، يستعمل اللفظ مؤنّثا. وإذا كان النظر الى مفهوم الجنس من حيث هو، يستعمل مذكّرا.
مضافا الى مناسبات أخرى تقتضي اختيار أحد الوجهين.
. فَأَجٰاءَهَا الْمَخٰاضُ إِلىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ …. وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ- ٢٣/ ١٩ التاء للوحدة من الجنس.
. أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنٰابٍ- ٢/ ٢٦٦. وَ مِنْ ثَمَرٰاتِ النَّخِيلِ وَ الْأَعْنٰابِ- ١٦/ ٦٧. أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ- ١٧/ ٩١ النخيل جمع نخل كالعبد و العبيد، وفي هذه الصيغة دلالة على انخفاض و تجمّع باعتبار الكسرة والياء، وهذا يناسب ارتفاع قامة النخل، وصيرورتها تحت سلطة العبد.
والتعبير في الآية الثالثة بالعنب مفردا، وفي الباقي بصيغة الجمع: فانّ النظر فيها الى مطلق وجود العنب في مقام إظهار القدرة ودعوى الرسالة، بخلاف سائر الآيات الواردة: فانّ النظر فيه الى بسط وسعة ووجود مصاديق كثيرة من‌ النخل والعنب.
وأمّا الجمع في النخل: فانّ الجنّة يحتاج تحقّقها الى تظليل وتغطية، والنخيل لها تأثير في هذا الأمر، بخلاف الأعناب.
وأمّا النخل بمعنى أخذ الأفضل سريانيّا: فتستعمل في مورده كلمات الاختيار والانتخاب والغربلة والتصفية والانتقاء.
وأمّا خصوصيّات من شجر التمر: قال في:
احياء التذكرة ص ١٦٥- النخيل معروف في مصر من عهد قدماء المصريّين، وينتشر النخيل في جميع جهات القطر المصري القابلة للزراعة، وهو ينمو نموّا غزيرا من سواحل البحر الأبيض المتوسّط، وتنمو في أىّ نوع من أنواع التربة. ويتحمّل النخيل الكبير الأملاح بدرجة كبيرة، و كذلك يتحمّل العطش لدرجة لا يتحمّلها أى نبات فاكهة آخر. والنخلة من أهمّ النباتات فائدة للإنسان، وثمارها من أعظم الثمار في القيمة الغذائيّة، فانّها تكاد تكون غذاء كاملا، وفضلا عن ذلك فهي سهلة الهضم. والبلح (التمر قبل النضج) من خير الفواكه من الناحية الصحيّة، فهو غنىّ بما يحتويه من الحديد وما يولده في الجسم من الحرارة، والرطل الواحد منه ذو قيمة غذائيّة تضارع ضعف ما لأنواع اللحوم، كما أنّه يعادل ثلاثة أمثال ما للسمك من القيمة الغذائيّة.

المصدر: التحقيق في كلمات القرآن الكريم، الشيخ حسن المصطفوي، ج12، ص63-65، مادة (نخل).
_______
* إهداء لروح الفقيد محب النخلة وخادمها موسى آل شيف (رحمه الله)، وإلى محب القرآن وخادمه الشيخ حسن المصطفوي (رحمه الله).

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×