تناسل حكايات “الفَنْيَهْ”.. الزور…!
حسن دعبل
لم يكن اسم الزُّور معروفاً قبل أن يقطنها أهل الماء، ومن توافدوا إليها من الأسياف المجاورة.
اسمها القديم هو “الفَنْيَه”، وقد أشار لوريمر في دليله إلى الموقع ذاته وعرّفه بـ “الفنية”، تماماً كما نطقها أهل المكان. والفنية كانت سكن أهل السنابس الأوائل، قبل أن يشدّوا بيوتهم “المزفونة” من الجريد، وهم يسايفون مُدبّرين بـ “خشبهم” ـ سفنهم ـ قريباً حيث السنابس الحالية.
تحديداً، لا يُعرف متى سُميت بالزور، ومن أسماها، وهل هناك هجرة معاكسة؟ شمالية كانت أم جنوبية..!
لكن هناك من سكن الزور، وبعدها ظعن إلى الكويت. هكذا تتناسل الحكايات بين ساكنيها الأوائل. لكنّ الاسم ظل يمشي قرب أسياف الجون البحري: راس الزور، والزور في الكويت.
لوريمر تلقّف الاسم من أفواه ناطقيها، فكتب معلوماته عن الفنية. وهو ما يشير إلى ثنية البحر ولسانه الممتد إلى اليابسة، وهي إشارة الى المَيل قبل النسخ في معنى الاسم ومرادفاته..!
والزور في تعريفها اللغوي، هو الثنية أو مقدمة الصدر بين الكتفين، وربما قاربت في المعنى صدر البعير في اعوجاجه، لسكانها بعد الظعن، وهجرتهم ومسيرتهم، منوخة إبلهم ومطاياهم قبل “خشبهم” وطي أشرعتها، بصدى صوت حاديهم:
حوفروهم يوم نوّواْ بِلْمْسّير
وصبّحوا غرب لِيْبيل امدرهمات
ربما من تلك الصرخة وصداها، وإناخة الإبل وطي الأشرعة، أسموها الزور، كما لاحت لهم ببياض سيفها ولسانها الممتد إلى داخل خورها البحري وقراحه، وهم يبنون مساكنهم الأولى ومحط رحالهم.
هذا ما تشير إليه الوثائق عن هجرة فرع من البو فلاسة عن قبيلتهم الأم بني ياس، ليأخذ المكان صبغتهم ولسانهم، مشيدة ببيوتهم. وربما الذاكرة الشفهية، وهي تروي مسيرة هذا الظعن، وهجرتها المعاكسة تتيه بين ما دون في الوثائق، وما حفظته السيرة في الصدور، وما تناقلته بالزيادة والنقصان.
نحن هنا أمام ذاكرتين، ذاكرة شفهية منقولة بين أفراد البوفلاسة، بها بعض الشتات، وبها من الزيادة والنقصان، والنسيان، وذاكرة أخرى، هي ما دونته الأرشيفات، وبروات شيخ القبيلة.
اقرأ ايضاً
آخر شُهود قرية الزَّوْر: 132 سنة لقصة وُلدت قبل الحكم السعودي بـ 8 سنوات