الضحية في القطيف والنصّاب في مكة.. 50 ألف ريال “طارت” من حساب “السيد” انتظر رسالة تحويل قرض اجتماعي.. فتلقى رسائل سحب

القطيف: ليلى العوامي

تحت ضغط الحاجة، والبحث خلف أي حل، وقع محمد علوي بن أحمد كاظم، ضحية عملية نصب واحتيال، دبرها مسؤول مكتب خدمات عامة بذكاء شديد، بعدما أوهمه بقدرته على تأمين قرض له بقيمة 60 ألف ريال من بنك التنمية الاجتماعية.

البحث المستمر من محمد، الذي يسكن الجارودية، عن وسيلة من هنا أو هناك، للحصول على القرض في أسرع وقت، جعله لا يتخذ الاحتياطات في تعامله مع الشخص المحتال، ومنحه الثقة الكاملة، ومعها بياناته الشخصية، التي استغلها المحتال الذي يعيش في مكة، في السطو على حسابه البنكي، وتهكير جواله، ومن ثم سلبه 50 ألف ريال، بخلاف مبالغ أخرى حولها “الضحية” بإرادته الكاملة، وكل هذا كشفت عنه رسائل الواتس المتبادلة بين الضحية والمكتب.

ويعمل محمد في شركة خاصة، ويتقاضى راتب 9900 ريال، وسبق أن اقترض من البنك العقاري لبناء منزل جديد، ولكنه احتاج إلى زيادة مبلغ القرض، حتى يتمكن من استكمال عمليات التشييد.

طلب محمد من البنك قرضاً إضافياً، إلا أن الأخير رفض ذلك، فراتبه لا يحتمل القرض الجديد، في هذه الأثناء، وجد محمد من ينصحه باللجوء إلى مكاتب خدمات عامة، توفر له القرض المطلوب، على أن يقوم بسداد أقساطه شهرياً.

ولأنه لا يعلم شيئاً عن طبيعة عمل هذه المكاتب أو عناوينها، بحث محمد في مواقع التواصل الاجتماعي عنها، ولفت نظره إعلان عن مكتب مشهور في مكة المكرمة.

قصة النصب

ويقول محمد “تفاصيل قصة النصب والاحتيال، وقعت في شهر ديسمبر 2021، وكان أول اتصال لي مع المكتب، مساء الأربعاء 22 من الشهر ذاته، وتحدثت مع مسؤول المكتب، وحددت مطالبي بكل دقة، ووجدني أثق فيه نوعاً ما، بعدما أرسل لي بطاقة هويته، وبيانات عن القرض الذي أريده من موقع بنك التنمية الاجتماعية”.

ومع الثقة، بدأت قصة الاحتيال، التي استمرت أياماً، استثمر فيها المحتال آلية “العصا والجزرة” في تنفيذ مخططه كاملاً، وعلى نار هادئة. ويقر محمد بأن الثقة التي أبداها في مسؤول المكتب، دفعت الأخير إلى استغلالها إلى أقصى درجة.

فجر الخميس

ويقول محمد “أوهمني مسؤول المكتب بأنه بدأ في إجراءات استخراج القرض، وأخبرني بأنني سأحصل على مبلغ بقيمة 60 ألف ريال، وقيمة القسط الشهري لن تزيد على 1000 ريال شهرياً، وعلى الفور، وافقت، وتم الاتفاق بيننا فجر الخميس 23 ديسمبر على بدء التنفيذ”.

ولاستكمال الإجراءات، طلب المكتب من محمد في اليوم التالي إرسال الأوراق المطلوبة، وهي بطاقة الهوية الوطنية، وتعريف بالراتب، وبريد الكتروني، ورقم جوال المستفيد، وعنوان المستفيد الوطني، بالإضافة إلى الحساب البنكي الذي سيتم تحويل القرض عليه.

ريال واحد

ووسط الجدية التي أظهرها المكتب في تنفيذ رغبة الضحية، طلب المسؤول من محمد في عصر اليوم نفسه، تحويل قيمة الأتعاب، وهي 2200 ريال؛ بواقع 1200 ريال قبل تحويل القرض، والباقي بعد تحويله.

تردد محمد في تحويل مبلغ الأتعاب خوفاً من أي تلاعب، إلا أن مسؤول المكتب بادره برسالة طمأنة، قال فيها “بإذن الله لن يذهب لك ريال واحد، وإذا لم يُحول لك القرض، سأرد إليك مبلغ الأتعاب لك كاملاً”.

طلب محمد ضمانات بإعادة المبلغ له في حال عدم تحويل القرض، فأرسل له مسؤول المكتب صورة بطاقته الشخصية، وصورة تقديم القرض، وهو ما بعث مزيداً من الاطمئنان في نفس محمد، وحول مبلغ الـ1200 ريال إليه على حساب بنكي خاص بالمكتب.

رسوم حكومية

شعر محمد أن حلمه بالحصول على القرض يقترب أكثر وأكثر، ووجه سؤالاً إلى مسؤول المكتب عن موعد إيداع القرض، فأجاب الأخير “من 3 إلى 4 أيام”، قبل أن يؤكد له بأنه سيبدأ على الفور إجراءات القرض، وسيرسل له صوراً من هذه الإجراءات”.

وفي اليوم التالي، أرسل مسؤول المكتب إلى محمد صوراً من موقع البنك، تبين البدء الفعلي لإجراءات القرض، ويظهر فيها قيمة القرض. وفال محمد “أخبرني بأن الإيداع سيكون بعد يومين أو ثلاثة فقط، ولكنه اشترط تسديد الرسوم المترتبة على عملية التحويل، وهي بقيمة 1650 ريالاً”.

يُكمل محمد “تعجبت من المبلغ، وسألت المكتب عن سببه، فأكد لي المسؤول بأن الأمور تسير في مسارها الصحيح، أن القرض شبه جاهز، ويتوقف تحويله على سداد هذا المبلغ، فلم أجد أمامي سوى التحويل لإتمام المعاملة”.

وفي اليوم التالي، طلب مسؤول المكتب من محمد تحويل 100 ريال في صورة رسوم حكومية عن طريق رابط أرسله له، حتى يتم تحويل القرض مباشرة، فحول محمد المبلغ طمعاً في إنهاء المعاملة “. واتضح بعد ذلك أن  الرابط ما هو إلا مصيدة، استطاع من خلالها مسؤول المكتب الدخول إلى هاتف محمد، والتعرف على كل  الرسائل التي تصل إلى جواله، بما فيها رسائل دخول الحساب البنكي.

50 ألف ريال

وحتى تلك اللحظة، لم يشك محمد في أي تلاعب من طرف المكتب، وظل يراقب جواله، لعله يستقبل رسالة تفيد بتحويل القرض المنتظر، وبدلاً عن وصول رسالة القرض، وصلته رسالة أخرى تفيد بسحب مبالغ على دفعات، بقيمة 50 ألف ريال،  بدأت بـ3200 ريال، وانتهت بريال واحد، وهنا.. جُنّ جنونه.

ويقول “في هذه الأثناء، أدركت أنني وقعت في عملية نصب واحتيال محكمة من قبل مكتب الخدمات العامة، فيها الكثير من الذكاء والتدرج في تنفيذ المخطط بكل دقة، وبشكل سريع ومتتابع، قفزت إلى ذهني المطالب التي طلبها مني مسؤول المكتب، من رقم هوية وإيميل وتلفون، ورقم حساب بنكي، ثم بعد ذلك، عرفت أن نجح في تهكير جوالي، عن طريق الرابط الإلكتروني الذي أرسله لي، والدخول إلى حسابي البنكي، مستخدماً رقم الهوية الشخصية، والتعرف على رسالة الدخول إلى الحساب، التي تصل إلى جوالي”.

مطار الملك فهد

وقال محمد “على الفور، اتصلت بالمكتب، لكن لا أحد يجيب، وعندما أجاب شخص على اتصالاتي، وعرف أنني ضحية، أغلق السماعة في وجهي”.


ويُكمل “اتصلت بالبنك لإبلاغه بما حدث، ولا أحد يرد، فتوجهت إلى فرع البنك في مطار الملك فهد الدولي الذي يعمل على مدار الساعة، وأثناء الطريق، كانت تصلني رسائل بالسحب من حسابي، وحينما وصلت إلى المطار، أوقف موظف البنك خدمة “الأون لاين” على حسابي، وأعطاني أوراقاً وكشف حساب، وطلب مني الذهاب إلى الشرطة وتقديم بلاغ بما حدث معي”.

خدمة استرداد

اتصل محمد بمكتب الخدمات العامة مرة أخرى، وأبلغ المسؤول بنيته تقديم بلاغ بما حدث، فرد عليه المسؤول “وما هو دليلك؟”.


وعاد المسؤول واتصل بمحمد، وأبدى رغبته في إعادة المبلغ إليه كاملاً عبر خدمة “استرداد”، وأرسل إليه رابطاً إلكترونياً، وطلب منه الضغط عليه.
ويقول محمد “في هذه الأثناء، أدركت أنني سوف أتعرض للاحتيال من هذا الشخص مرة أخرى، فرفضت الضغط عليه، واكتفيت ببلاغ الشرطة، على أمل أن تعيد لي موالي المنهوبة، بسبب تسرعي وثقتي في شخص لا أعرف عنه شيئاً”. ووجه محمد نصيحة إلى الجميع، بألا يثقوا في أحد لا يعرفونه تمام المعرفة.

‫4 تعليقات

  1. للاسف رغم كثرة الرسائل النصية من البنوك للعملاء بعدم الثقة بأي شخص يطلب منك معلومات شخصية، الا هناك الكثير من ينصاع للمحتالين .
    الى متى الوعي !!! أرجو من الجميع توخي الحذر من أي شخص يدعي انه موظف بنك أو مؤسسة تمويليه .

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×