صيدلية المهنّا.. إرث عائلي طورته أربعة أجيال في أسرة أبو السعود افتتاح كُبرى الفروع الليلة بحضور اجتماعي حاشد
القطيف: أمل سعيد
في الأول من شهر جمادى الثانية من سنة 1371، الموافق 26 فبراير 1952؛ حصل عبدالكريم محمد مهنّا أبو السعود على أول ترخيص لأول صيدلية في القطيف. كانت دكاناً صغيراً أطلق عليه صاحبه اسم جده مُعرَّفاً “المهنّا”.
وهذه الليلة؛ وقف أبناؤه الثلاثة: محمد، والصيدلي “عادل” وشقيقهما “علي” في حفل افتتاح كُبرى صيدليات المنطقة الشرقية في حيّ المشاري الجديد في القطيف.
الفارق 68 سنة، و 5 أشهر، و 14 يوماً بالتمام والكمال. لكن اسم “المهنّا” بقي ثابتاً كما أراده “أبو عادل” منذ فتح “دكانه الأول” في سوق “الصكّة”، وبعدما نقله إلى الزاوية الواقعة في تقاطع شارع الإمام علي وشارع الخليفة عمر. كان مشروعاً صغيراً في خمسينيات القرن الماضي، ولكن المشروع العائلي المتخصص نما على أيدي الأبناء، حجراً حجراً، فرعاً فرعاً، إلى أن وصل عدد فروع الصيدلية إلى 12، وهذه الليلة؛ كان حفل افتتاح “صيدلية المهنّا” التي أصبح اسمها جزءاً من الريادة في محافظة القطيف.
حضور التاريخ
الليلة، وحين تسلم الإعلامي وعضو الشورى السابق محمد رضا نصر الله زمام الحديث مفتتحاً الحفل؛ كان تاريخ “المهنّا” حاضراً. وجوهٌ كثيرة حضرت الحفل، لفيفٌ من رجال الأعمال، وعائلة أبو السعود، والخنيزي والسنان والمسلم وغيرهم، ورئيس المجلس البلدي، ومثقفون، وصحافيون، وعائلات، ووجوه كثيرة. وظهر حفل الافتتاح عفويّاً، وكأن الناس ليسوا في مشروع تجاري، بل في حدثٍ مرتبطٍ باحترام الناس لابني أول صيدلي قطاع خاص في القطيف.. إنه جزءٌ من التاريخ له أثرٌ في النفوس.
من الجد إلى الحفيد
بين قصة الأب الذي بدأ عطّاراً وانتهى صيدلياً وبين قصة الأبناء الذين حافظوا على الإرث فوارق كثيرة. تلك هي طبيعة الماضي والحاضر. وإلى هذا لمّح نصر الله ربما. والقصة تعود إلى طبيب عربي معروف بخبرته في التداوي التقليدي.. الشيخ مهنّا أبو السعود الذي ورث ـ بدوره ـ الخبرة عن عائلته، وأوصلها إلى ذريته. ولأن ابنه “محمد” تُوفّي قبله؛ رعا الجد حفيده “عبدالكريم”.
وأدخله معلّم البُرَيكيين الشيخ محمد صالح والشيخ ميرزا حسين، ليتعلم القراءة والكتابة. ثم أظهر نباهةً فدرس اللغة الإنجليزية على يد محمد عبدالله الفارس. وبعد وفاة جده، ثم وفاة عمّه “علي”؛ خاض غمار العطارة برفقة صديقٍ قديم هو إبراهيم الفارس.
زمن يتغير
نمّى “عبدالكريم” خبرته في العطارة، وفي الأدوية الطبيعية، والاستطباب بها. لكنّه كان يرى الزمن وهو يتغيّر ويتطوّر. الأدوية الحديثة بدأت تأخذ دورها في الاستطباب. العطّار التقليدي عليه أن يتطوّر أيضاً. هكذا بدأ يجلب بضائع من الأدوية المستوردة من البحرين، ومن الرياض، ويعرضها في محله الصغير في سوق “الصكّة”. كان ذلك عام 1370هـ. وفي العام التالي؛ حصل على رخصة بيع الأدوية بالمفرّق من وزارة الصحة.
أول ترخيص
صار “عبدالكريم” بائع أدوية رسمياً. ذلك تقدُّم كبير جداً، قياساً بعقد الخمسينيات في القطيف. ما زال الناس يتعاطون الأدوية العشبية، ويتهيبون من “أدوية الدخاتر”. لكن الشاب الذي لم يُناهز الثلاثين بعد؛ نجح في مشروعه الصغير، وتوسّع أكثر، فصار يستورد الأعشاب بكميات كبيرة من دول شرق آسيا ويوزعها على تجار المملكة. ثم نقل مشروعه إلى موقع آخر. وأصرّ على أن يستعين بصديقه السيد سعيد العوامي الذي درس الصيدلة، وبذل له النصح والإرشاد، لتتبلور فكرة مشروع “صيدلية المهنأ”.
جيل متعلم
وطّد عبدالكريم علاقته بالمهنة، لتكون امتداداً لصنعةٍ برعت فيها العائلة. ومن أجل المزيد أقنع ابنه “عادل” بتولّي مسؤولية تحديث الصنعة. إنها انتقالة من “الطب الشعبي” إلى “الصيدلة الحديثة”. والفكرة هي أن يدرس الابن عادل الصيدلية.. منذ طفولته كان “عادل” يساعد والده في “المستودع”. وحصل على ترخيص مثل والده وهو في المرحلة المتوسطة.
بداية توسع
ثم توفي الوالد في شهر ربيع الأول 1397هـ، ليواصل الابن الأوسط “عادل” دراسته والاهتمام بالصيدلية الوحيدة التي تملكها العائلة. تخرج عام 1401، وعاد إلى القطيف وتفرّغ لإدارة العمل في الصيدلية. لكن الشاب وأخوانه لديهم طموحٌ في التوسع. وهكذا افتتحوا ثاني فروع الصيدلية في تاروت بعد تخرج “عادل” مباشرة..
بعدها بأربع سنوات افتتحوا “صيدلية الحسين” في شارع أحد.. ثم شارع القدس، ثم الدخل المحدود، وحي المشاري.. ثم توالت الفروع، لتتوزع على مدن القطيف وقراها.. إلى أن وصل عددها إلى 12 فرعاً. والفرع الذي افتُتح مساء الليلة هو الفرع التاسع، طبقاً لكلام الصيدلي عادل أبو السعود.
أربعة أجيال
مثلما كان الشيخ مهنّا يقدّم طبه بالأعشاب، قدّم بعض أبنائه وحفيده “عبدالكريم” الطب ببعض التحديث، وبيع الأدوية المستوردة. ثم جاء جيل جديد، والتقط التغيُّرات وعايش السوق، وعرف طرق التوسع، وحرّك تجارة الأدوية عبر تفكير حديث في التسويق.. هكذا انتقلت الصنعة عبر أربعة أجيال من أسرة “أبو السعود”، لتثبّت موقعاً ريادياً مشهوداً له في القطيف الجديدة.
للمزيد من التقدم والتوسع لخدمة المجتمع
كل الشكر والتقدير للمحترمة والراقية صبرة …
حبذا لو يلقى الضوء على سوء حال هذا الشارع التجاري الحساس..
فبعد أحد المشاريع التي أنجزت فيه؛ لم يبقى فيه متر مربع مستوٍ.
وأصبح من المعاناة الشديدة استخدامه.
كحال الكثير من شوارعنا التي يتركها مقاولوا المشاريع