يا بارح العَودْ سرّعْ بالمزوّي…!
سالم الأصيل
نسوة تتوسطن المحوّطة الناحية من العيون (عين القلب من عين الصّدّين)، غَمَرْنَ جوعهُنّ في عذوبة الماء، أملاً والأمل معقودٌ عُقَدَ جدائلهنّ يومًا بعد يوم، عزمًا مفتولاً لا يفلّه إلا(الزعازيع*)، ضفائر نسوة تُغرز فيها الأظفار، ظَفَرُها ذلك الهبوب الشماليّ وإن حمل في طياته الأغبرة، إذ (اللي يبغى السح ما يقول أح).
زعازيع، غير أن روحها تُنفَخُ من قَطْر ومَطَر، أول الغيث قطرة، وأول الرُّطب ريح.
ها هن جميعًا في غمرة الماء، بلل الماء يسكت بلبلة الأمعاء، حتى إذا ما رأين (البوارح*) مُقبِلات، اشرأبت أعناق ذوات الشُّعور السُّود سواد الليالي الطويلة من السّغب نحو رؤوس الباسقات الناشرات من أعاليهن العذوق الخُضْرَ والحُمْرَ مُبشِّراتٍ متهدّلاتٍ تهزهنّ الريح كما هزّ الشوق الأوليات مغنّياتٍ مُصفّقاتٍ مُرحّباتٍ مُستعجلاتٍ الريحَ استعجال (عرائس) تنشر خصلاتهن وتفتل عذوقهن:
“يا بارح العَود سرّع بالمزوّي
والمزوّي سرّع بالرّطب”
من سيرة نون النسوة في أرض جارود في زمان طوينه سغبًا!
——-
* عين الصّدّين: عين معروفة تقع في بلدة الجارودية جوارها المسجد الذي سمي نسبة إليها (مسجد العين)، مشهورة بعذوبة مائها في أنحاء كثيرة.
** الزعازيع: موسم تشتد فيه الريح الشديدة أول الصيف مثير للأتربة، يسبق موسم الرُّطب. والاسم كما هو ظاهر مشتقٌّ من المعنى وما تفعله الريح.
*البوارح: رياح شمالية غربية جافة، تثير الغبار والاتربة.
** المزوّي: بعض البسر من صنفي الماجي والبكيرات خاصة وهما أول أصناف النخيل نضوجًا في القطيف، المزوّي يكون يابسًا فيُشمَّسُ ويُدَقُّ فيُرطّب.
اخي سالم
شوقتني لترتيل زعازيعك في صدين المزوي وقد حملني قلمك الى مصنفات الاولين في بوارح الرطب حيث انشدوا :
يا بارح العود سرع بالمزوي
خلص امتاعي ولا ادري ويش اسوي
شكرا لقلمك المعطاء