شاهد من زمن “حمير المَرَسْ”: دَخَل “الحَمّار” سابقاً يعادل راتب “مدير” في زماننا قطاع شحن حيوي خدم التجارة والاقتصاد قبل مجيء السيارات

القطيف: صُبرة

صحيحٌ إن الناس يُقلّلون من شأن “الحمّار”، وربما يرون في هذه المهنة مسبّة.. إلا أن هذه المهنة في زمنها؛ كانت قطاعاً حيويّاً جداً، وجزءاً أساسياً لا يمكن فصله عن حركة التجارة والاقتصاد المحلي.

ولذلك؛ كان العاملون فيها يجنون دخولاً عالية تفوق ـ بكثير ـ دخول الفلاحين والبحّارة والحرفيين الآخرين..!

وحين يتقدّم شابٌّ “حمّار” لخطبة فتاة؛ فإن الناصحات يشجّعنها على الموافقة.. “خذيه.. هذا كدّاد.. غني.. عنده بيزات”..

على العكس من الفلاح الذي لا يصل دخله إلى مثل دخل الشاب الذي يعمل في “حَمير المَرَسْ”..!

حمير المرَس..!

اصطلاح مهنيٌّ منقرض بانقراض المهنة نفسها. ويخصُّ الحمير التي يتم تشغيلها وتأجيرها في النقل والشحن، ولا يشمل الاصطلاح الحمير التي يقتنيها الناس ويستخدمونها في منافعهم الشخصية وعملهم الخاص.

إنها ـ باصطلاح عصرنا ـ آلاتٌ في قطاع خِدميٌّ لنقل البضائع والسلع وشحنها.

حمير المرس.. دواب يتم تشغيلها ضمن قطاع الشحن

ويقول مكي وهيب، وهو واحد من شهود عصر العمل في هذه المهنة؛ إن حمار المرس هو حمار عادي بلا عربة “قاري”، ويتمّ التحميل عليه، ضمن مجموعة من الحمير يملكها فريق عمل منظم، ويتولى أحدهم قيادة الفريق، الذي يُقاول التجار والفلاحين والعملاء الآخرين في نقل ما يحتاجون إلى نقله من سلع وبضائع.

فريق الحمّارة

يتولّى الرئيس التعامل مع العملاء، وتوزيع عمل الفريق، ويشاركهم أيضاً. ويتفاوت عدد كل فريق بحسب الشراكة. إذ يكون لكل فرد في الفريق حمار واحدٌ، يتمّ تشغيله. ويتمّ تقسيم العمل بحيث يتولى واحدٌ من الفريق قيادة الرحلة ذهاباً وإياباً، فيما يساعده الآخرون في “تبريز الدرب”، أي تحميل البضاعة على الدواب.

وتتعدد مهام الشحن، فهناك قلات التمر من النخيل إلى سوق الجبلة، وهناك جذوع النخيل، وهناك السعف، وهناك الحجر البحري، وهناك الرمال، والسماد، وغيرها.

هذا حمار للاستخدام الشخصي والعمل الخاص

الحمار القِعْدي

لكل حمار طاقته، وعادة ما يبدأ تشغيله في سن الثالثة، لكنّه لن يكون قويّاً بما يكفي إلا حين بلوغه الخامسة. في هذا السن يستطيع نقل 5 قلات تمر، أي ما يعادل 160 كيلوغرام في الرحلة الواحدة، كما يستطيع نقل 200 سعفة.

بما أن للرئيس حماراً ضمن المجموعة؛ وبما أنه قد ينشغل بـ “تسويق” عمل الفريق للعملاء؛ فإنه غالباً ما يترك حماره يعمل مع الفريق، دون أن يكون هو موجوداً بينهم، وفي هذا الحالة يُوصف حمار الرئيس بـ “قِعْدي”، ومعناه أن الحمار يعمل وصاحبه غير موجود.

ورچِيّهْ..!

عادة ما تقوم علاقة الفريق على التساوي في الشراكة، فهم يعملون طيلة الأسبوع، وفي ليلة الخميس؛ يجتمعون ويتحاسبون قبل أن يتقاسموا المال. هذه الشراكة المتساوية تُوضف بـ “الورچيّة”، وهم يتفقون عليها برضاهم جميعاً.

لكنهم قد يختلفون في يوم عمل، ويعترض بعضهم على بعض.. فيقولون “الشغل اليوم مو ورچِيّهْ”.. أي كل فرد يعمل لحسابه فقط.

يتفاوت دخل الفرد في الفريق بين 6 ريالات و15 ريالاً في اليوم الواحد. هذا الرقم في ستينيات القرن الماضي؛ كان يعني الكثير، ويساعد الشاب على الإنفاق على أسرته براحة ودون قلق.

يتم تحميل جميع الحمير، ويقودهم فرد واحد من الفريق فقط

شاهد الفيديو

 

 

تعليق واحد

  1. شكراً لصحيفة صبرا على تسليط الضوء على مهنة الأجداد والتي تعد الآن تراثاً من الجيد إن يتعرف عليه الأجيال ( مهنة الحمّارة) والتي قد تبدو غير معتادة لهم لكن هذا كان واقعنا في الماضي الذي عايشناه حيث كان الحمار وسيلة النقل الأساسية للبشر والبضائع.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×