[4] تأمّلات في جماليات سورة “الإنسان” هدْي السبيل.. والشكر والكفر

مدينة أحمد البوري
آية اليوم الرابع: 
﷽ 
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}
• ما هو السبيل ؟ 
بعد أن اوضحت الآية السابقة كيف خلق الله الإنسان و انعم عليه بالسمع و الابصار وجعلهما أداتين و نافذتين على العالم ، و لم يتركه هكذا عبثاً بل هداه وبيّن له السبيل و الطريق المؤدي الى الغاية التي من أجلها خلقه و ترك له حرية الإختيار بالإعتماد على ما يسمعه و يبصر من عظمة الله سبحانه و تعالى و المحصلة النهائية تعتمد عليه و على اختياره ، فأما الشكر و أما الكفر  ، لذا عليه ان يتخذ الى ربه سبيلاً . 
_(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ)
• في اصول الكافي بإسناده الى حمران بن اعين قال سألت ابا عبدالله ع عن قوله عز وجل (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) قال اما آخذ فهو شاكر واما تارك فهو كافر. 
إِنَّا هَدَيْنَاهُ
•لماذا ناء الفاعلين؟
لتبين إن الطريق الصحيح للهداية هو من عند الله و لا يستطيعه غي الله ، فهو من خلق و رزق و هو اعلم بالمصالح . 
•مالمقصود بهديناه ؟ 
المقصود بالهداية هو إراءه الشئ الطريق الموصل الى مطلوبه و قد يكون الإيصال الى المطلوب اليه بنفسه او الى طريقه الموصل إليه ، و لكن الهداية هنا هي اراءه الطريق دون الايصال الى المطلوب و ذلك حتى يكون للإنسان الخيار
•لماذا لم يقل فهديناه بل قال بتأكيد انا هديناه؟
ان الله سبحانه و تعالى اعطى للإنسان منذ خلقه هدايات تكوينية و الهامية وحسية ثم انعم عليه بنعمة الهداية العقلية و اسبغ عليه بحاستي السمع والبصر ولم يتبقى له الا نعمة الهداية الشرعية  و عليه إن يختار السبيل ، لان الله جل جلاله لم يتركه لحظه بدون هداية
•السَّبِيلَ
مامعنى السبيل؟
السبيل بحقيقة معنى الكلمة ، هو المؤدي الى الغاية المطلوبة و هو سبيل الله ، فنستطيع القول ان الله سبحانه و تعالى خلق الإنسان و وهبه الادوات التي تساعده على معرفه الحقيقة و الإيمان ، بل واصل معه فوضعه على بداية طريق الهداية و الإيمان فالهداية الفطرية والالهامية من الله تدله على الإعتقاد السليم و العمل الصالح و التي لم يستثنى منها انسان فهي لازمة الخلقة الإنسانية فالإنسان يولد على الفطرة فأبواه يهودانه او يمجسانه او ينصرانه عندها اما يسير ثابت الخطى على الطريق المستقيم ، و الإ لانحرف لطريق الضلال . 
•لماذا قال السبيل و ليس الطريق؟
الطريق تدل على موضع يسير عليه الناس و قد يكون واضحاً وقد يكون لا ، و قد يكون واسعاً و قد يكون لا ، اما السبيل فهو الطريق الواسع الواضح . 
•إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا
الشكر  و الكفر واقعان في مستقر اختيار الانسان . و الإنسان مهدي في كلتا الحالتين و السبيل المهدي إليه الإنسان اختياري كما سبق و من غير اكراه و دليل ذلك اخر السورة (فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلً) و السبيل هنا اما الشكر و اما الكفر
•لماذا قدم الشاكر على الكفور ؟؟ 
 قدم الشكر ما يستدعي الشكر من الخلقة من العدم و الهداية و النعم التي ستتابع الآيات ذكرها . 
• كيف يكون الانسان شاكراً و يكون كفوراً ؟
يكون شاكراً لنعم الله عليه بالايمان والهداية و الطاعة فهو السبيل الحق الذي شرعه
و يكون كفوراً بجحود الحق و نعم الله و الضلال و الإنحراف عن سبيل الله . 
•ماذا يعني شاكرا وكفورا؟
شاكر  : على وزن فاعل ، و التي تعني ثبوت نعمك الهداية فأستوجب الشكر عليه من نعمة من الله
و كفور  : على وزن فعول، و هذا الجحود للحق و نِعم الله 
•لماذا قال شاكراً و لم يقل شكور؟؟
“لو كان عند الله عبادة تعبد بها عبادة المخلصين افضل من الشكر على كل حال لأطلق لفظه فيهم من جميع الخلق بها ، فلما لم يكن افضل منها خصها من بين العبادات ، وخص اربابها فقال:(وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)”. وعليه ليس كل شاكر شكور .
و ايضاً روي عن امير المؤمنين ع قال:( إن قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، و إن قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، و إن قوما 
ًعبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار)
يتضح إن حالة الشكر ما هي الإ تعبير صادق و إرادي و إختياري للإنسان عن مدى الإمتنان للخالق
•لماذا قال كفوراً ولم يقل كافر؟
اولاً : دلالة على المبالغة في الكفر الذي ليس بعده مزيد من الكفر ، فكل كافر كفور بالنسبة الى نعم الله عليه . 
ثانياً : ان لفظه كافر لا تقابل شاكر ، إنما لفظه كافر تقابل مؤمن (فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ) لذا لا تصح المقابلة
ثالثاً : صيغة الكفور استخدمها القرآن لإمرين ، للكافر المبالغ في كفره (إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ) و لجاحد النعمة غير الشاكر (إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) 
•اذن
(لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) 
•في المناجاة
(فكيف لي بتحصيل الشكر ، و شكري إياك يفتقر الى شكر)

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×