من «مضيف الحداد» و «الباچا».. إلى حكاية الـ1457 مطعماً وبوفيه في القطيف بدأت بـ«الصالونة» والسمك والكبدة وأصبحت تقدم أطباق العالم
إلى 945 مطعماً
القطيف: ليلى العوامي
مع حلول شهر رمضان الكريم تتحول المطاعم إلى قبلة لكثير من السعوديين، وسكان محافظة القطيف ضمنها. خاصة أولئك الذين لا يسعفهم الوقت للطبخ في المنازل، أو الباحثين عن وجبة شعبية اشتهرت بها بعض المطاعم، مثل الهريس، لإضافتها إلى وجبة الإفطار.
أقل من 700 مطعم بقليل ستشرع أبوابها في هذا الشهر الفضيل في محافظة القطيف، وفقاً لبلدية المحافظة التي كشفت عن وجود 692 مطعماً.
منها 218 مطعماً تتبع بلدية محافظة القطيف، و160 لبلدية سيهات، و173 لبلدية تاروت، و23 لبلدية عنك، و102 لبلدية صفوى، و16 مطعماً تتبع لبلدية القديح.
ويُضاف إلى هذه المطاعم 765 بوفيه، و157 مقهى، موزعة على البلديات الست، غالبيتها في القطيف وصفوى وسيهات.
ولكن؛ ما هو أول مطعم اُفتتح في القطيف؟
لم تعرف القطيف المطاعم الا قبل أقل من قرن. ولم يجزم أحد ممن تحدثت إليهم «صُبرة»، بمن هو أول من افتتح مطعماً في المدينة.
بدأت المطاعم تدخل إلى القطيف في أربعينيات وربما خمسينيات القرن الميلادي الماضي، مع تصاعد نشاط شركة الزيت العربية المحدودة («أرامكو» لاحقاً)، التي أحدثت تغييرات بنيوية كبيرة في مجتمع المملكة، والقطيف تحديداً، باعتبارها الحاضرة الأقرب جغرافياً إلى مركز نشاط الشركة. وكان لافتاً أن غالبية من أسسوا هذه المطاعم عملوا في الشركة قبل ذلك.
بداية المطاعم في القطيف كانت بسيطة، كانت تقدم وجبات شعبية، مثل الشاي بالحليب، والخبز العربي صباحاً، ووجبة الرز والسمك ظهراً. ولم تقدم المأكولات الأخرى إلا في أواخر الخمسينيات أو بداية الستينيات.
طبخ العرس هو الشكل السائد في الطعام المأكول من خارج المنزل
مضيف طه الحداد
قبل المطاعم؛ عرفت القطيف المضايف، أو المقاهي، والأخيرة كانت أكثر شيوعاً من المطاعم. أشهر المضايف أسسته عائلة الحداد والمعروف بـ«مضيف طه الحداد»، الذي تعدت شهرته القطيف، ووصلت إلى البحرين.
وذكر أحد أفراد أسرة الحاج طه الحداد، الذي كان وكيل سيارات «مرسيدس» في المملكة، أنه فتح «خاناً»، أو فندقاً، يقدم الطعام ويستضيف من لا يملك مكاناً للنوم، ومنهم العمال الأجانب. ويأكل الجائع من مطبخه الذي يعمل فيه طباخون من القطيف نفسها، وفي ذات الوقت يقوم هؤلاء الطباخون بحمل الغداء من المضيف إلى بيوتهم.
هذا المضيف كان يفذ إليه المسافرون القادمون من البحرين، ليناموا ويأكلوا فيه، فقد كان مفتوحاً للقاصي والداني. ويقع في قرية الشريعة، مقابل بيت الحداد في قرية مياس، مواجهاً لسوق سكة القطيف (القيصرية).
صالونة وسمك
يتذكر الحاج عبداللطيف أبو السعود، مطعم أبو عبدالكريم الخميس، الذي كان يقع في سوق مياس، حين كانت «مبانيَ من الخوص»، يقول «كان يقدم الطعام نهاراً فقط، بسبب عدم وجود الكهرباء ليلاً. واشتهر بتقديم وجبات الغداء، ومنها الصالونة والسمك بأنواعه».
هناك أيضاً مطعم الحاج مهدي آل ناس، وكان يقدم الفطور والغداء: الرز والصالونة والسمك فقط. ولا يقدم وجبة العشاء، بسبب عدم وجود الكهرباء.
عبيدوش، كان مطعماً كبيراً، مقر كان في زاوية القلعة من الخارج، من الجهة الجنوبية الغربية، ويُطل على سوق شمال (ستيشن تاروت – العوامية).
مطعم مبارك شعبان، كان يقع بالقرب من مقر هاتف القطيف قديماً، وكان يُطل على البحر. اشتراه أحد رجالات القطيف المقتدرين، وسمي حينها «الكازينو»، وكان يحوي جهاز تلفزيون، ويتميز به، إضافة إلى الأطعمة التي يقدمها.
مطعم عبود سليم
رباب الحمام تحدثت عن مطعم خالها الحاج عبود سليم، قالت «إن مطعم عبدالله سليم المبارك آل سالمين، المشهور بـ«عبود سليم»، يقع في منطقة الشريعة، في مدخلها الشمالي تحديداً. كان يقدم الكثير من الأطعمة الشعبية المشهورة في ذلك الوقت، وكان يعمل معه المرحوم عبدالوهاب الصفار، الذي توفي في حادثة مرورية».
كبدة الضو
يشير الحاج مهدي الضو، إلى مطعم والده المرحوم عبدالله حسن إبراهيم الضو، الذي كان يعمل طباخاً في مطعم صغير يُسمى «القهوة». في الفترة الصباحية يخرج إلى العمل قبل شروق الشمس، ويرجع في الظهر.
اشتهر مطعم الضو بتقديم الكبدة: كبدة صافي، كبدة مشكل، وكبدة مع الكلاوي والقلوب. وكان يقدم كل صنف من هذه الأصناف أما كبدة سادة، أو كبدة بالطماطم. كما كان يقدم الحليب والشاي.
يقول الضو عن والده «كانت له طريقة في عمل الكبدة، فكان يغسلها كاملة قبل التقطيع، ثم يقطع لكل زبون بما يناسب طلبيته (صحن صغير أو كبير)، ويضعها على النار بعد أن يقطع البصل، ويضع عليها قليلاً من دهن البقر، ويقلبها في المقلاة، ومن يرغب في الطماطم؛ يضعه بعدما تنضج الكبدة، ويقلبها معها دقيقتين أو ثلاث، ويضعها على صحن من الصين، ثم يضع الصحن على «تيبسي»، ويضع معه الليمون والخبز العربي، ويقدمه إلى الزبون. فيما الفلفل والملح موجودان على الطاولة».
وكان يغسل الصحون بعد «التعزيل». وعمل معه كثير من المساعدين، الذين يحملون الطعام إلى الزبائن، ويرجعون «التيبسي» بعد الانتهاء.
يضيف مهدي الضو «أنا وأخي الأكبر عملنا مع أبي لفترات قصيرة في الإجازات، وكان يعطينا بعد انتهاء العمل الفطور وراتباً. ولكننا كنا نفضل الذهاب إلى بيت جدي، للعب مع أخوالنا. وكان ذلك يحزنه، لكن لم يطلب منا ولا مرة أن نعمل معه».
«الشيف» إدريس القصاب
من المطاعم القديمة في القطيف، التي ما زالت تعمل إلى اليوم؛ مطعم إدريس، الذي تأسس عام 1958، بالقرب من سوق السمك والخضار في القطيف، وأسسه الحاج إدريس القصاب، الذي كان يعمل في الدرويشية عند منطقة القلعة، بالقرب من حي الإمارة في القطيف، ثم عمل طباخاً في «أرامكو».
في الإجازة الأسبوعية كان يصنع طبقاً اسمه «العسلية»، ويبيعه في السوق. فقال له عمه علي مهدي القصاب: «لماذا لا تفتح لك مطعماً؟»، فكان هذا الاقتراح بادرة خير على الحاج إدريس القصاب لفتح مطعمه، الذي أصبح مقصداً لبائعي الخضار ومرتادي سوق السمك حينها.
يتذكر ولده محمد بعض من كانوا يرتادون المطعم: الحاج مهدي سليس أبو سعيد، والحاج حسن كفير، والحاج منصور فريج. يقول «كان المطعم يقدم الباجة، الكبدة، أنواع البيض، والهات كيك، الذي تعلم الوالد طريقة إعداده من عمله في مطابخ «أرامكو»، إضافة إلى وجبة الهريس الشعبية».
أما المهتم في التاريخ عبدالرسول الغريافي فيقول «كان إدريس القصاب متقاعداً من «أرامكو»، وكان يعمل في «الكانتين» (مجمع تجاري أسسته الشركة)، أو «الداينينغ روم» (المطعم)، وكان ضمن الطباخين، لذا كان حتى في مطعمه – لما افتتحه لاحقاً – يلبس البدلة البيضاء، وقبعة الشيف. وكان يحرص على النظافة حرصاً لافتاً. وكان يبيع الهريس و«الهات كيك» المشهور، والكبدة فقط».
يشير الغريافي، إلى أن مطعم إدريس مازال موجوداً إلى اليوم، بل مازال في نفس مكانه، وما تزال نفس الطبخات الرئيسة موجودة مع بعض التجديد، وإضافات كثيرة، ومنها الباجة وطبخات اللحوم والأسماك. وكذلك مايزال المطعم أيضاً يحمل اسم إدريس، رغم وفاته منذ سنوات. وهذا المطعم يقع في شارع بدر من جهة حي الكويكب، ويطل على سوق السمك من الضفة الغربية في حي الشريعة، وهو من أهالي الشريعة، وقد توفي في التسعينيات.
ويلفت الغريافي إلى وجود مطعم آخر لأبي عبدالشهيد التاروتي، أقدم من إدريس، ولكنه مخصص فقط للإفطار والعشاء، وفقط لبيع الباجة (الكراعين). وفيما بعد كان يُعد وجبات عشاء، فقط كباب ولحوم اسياخ.
في سبعينيات القرن الميلادي الماضي، ومع الطفرة الاقتصادية التي عاشتها المملكة، شهدت القطيف دخول مطاعم الجاليات: الشامية، الهندية، اليمنية، الأفغانية، المصرية وغيرها، وصولاً إلى المطاعم الكورية والصينية، إلى جانب الأوروبية.
مع دخول مطاعم الجاليات؛ عرف القطيفيون وجبات لم تألفها مطابخهم وبطونهم، ومنها: المندي، البخاري، الشاورما، المحاشي، الفلافل، المتبل، الحمص، التبولة، الفتوش، ورق العنب وغيرها من الوجبات.
شارع الملك عبدالعزيز
تركز وجود هذه المطاعم في شارع الملك عبدالعزيز، وكان يفد إليها العمال الأجانب، والموظفون في الدوائر الحكومية العاملة في القطيف، وقليل من أهلها، ممن تضطرهم ظروفهم للأكل خارج منازلهم.
ومع التطور العمراني؛ توالى افتتاح المطاعم في القطيف، وأصبحت مقصداً للجميع، خصوصاً مع دخول المرأة في سوق العمل، إذ أصبح الاعتماد على المطاعم أمراً أساسياً، إضافة إلى جانب الترفيه.
فأصبحت المطاعم جزءاً لا يتجزأ من التخطيط المكاني للمساكن، بعدما كانت متفرقة وموجودة في أماكن التكدس العمالي والسكاني فقط.
الصور الأرشيفية الواردة في هذه المادة تعود إلى وجبات إعداد الطعام في أعراس أو خلال شهر محرم، في القطيف، ولا تمت بصلة إلى المطاعم. وهي من أرشيف علي أبو الليرات، فله كل الشكر.
اقرأ أيضاً:
السيد عدنان العوامي يتناول المقاهي والمطاعم في القطيف:
https://www.sobranews.com/sobra/116214
من القهاوي القديمة في القطيف
قهوة حسن وصالح خزام حيث كانت تقدم وجبة الفطور الكبدة والبيض بأنواعه والعشاء فلافل وسموحة وكباجي والشوربة وكان فيها تلفزيون في الوقت اللي الناس ما كان عندهم تلفزيونات وكانوا يأتون الى القهوة في المساء لتناول العشاء ومشاهدة الأفلام المصرية القديمة وكان زمن الملك سعود رحمه الله كان الدوريات الليلية ويسمون الأخويه يأتون إلى القهوة ويتواصلون الشاي والقهوة وأيضا الوجبات التي تقدم في المساء هذا ما رواه لي والدي حسن خزام رحمه الله
تقرير جميل
و جهد رائع من الاستاذة ليلى.
موضوع جميل من عبق التاريخ. بالنسبة لمضيف المرحوم طه الحداد لا أتذكر أن سمعنا به فحبذا لو ذكرتم سنة توقف هذا الخان أو المضيف. وموقع مطعم المرحوم أدريس القصاب كان في البداية داخل الشريعة وليس جهة الكويكب وأكثر ما تميز به الهت كيك والهريس وكم اكلنا منه صغارا.
ومن الذين أبدعوا في طبخ الهريس المرحوم السيد حمزة الوزان في مطعم له.