حوراء الهميلي بين أستاذنا الحرز والتغيرات السوسيوثقافية
زكريا العباد
في حين بدا المشهد الاجتماعي والثقافي الأحسائي متحمسا للشاعرة الصاعدة حوراء الهميلي في مشاركتها في برنامج أمير الشعراء لفت نظري أستاذنا الناقد والشاعر محمد الحرز في مقاله الأخير (الجوائز الأدبية وشعراء المرحلة) الذي بدا فيه كمن يغرد خارج السرب أو من يعيش الغربة في مجتمع متغير من شتى النواحي ويستشعر غياب مكانة أصبح يستعصي عليه الوصول إليها بفعل تغيرات متلاحقة ومتسارعة قللت من وهج النخبوية الثقافية، فقد دخل لاعبون كثر إلى الساحة الثقافية وتغير شكلها ولم يعد زمن (النخبة) و (القامات) كما هو، فقد تغير تغيرا كبيرا بعد أن شهد تغيرات دراماتيكية.
آثرت في هذا المقال أن أتناول الموضوع من ناحية نفس/اجتماعية، أما الجوائز الأدبية وهي نقطة انطلاق الأستاذ الحرز في مقاله فلن أطيل الحديث عنها، إلا أني أؤكد على أنها كانت ولا تزال حافزا للعطاء والتمايز والفحص منذ مباريات عكاظ إلى آخر المباريات في يومنا بالرغم مما يمكن أن ينالها من انتقادات تناول جانبا منها مقال أستاذنا الحرز.
ربما لم أرد التركيز على المسابقات الأدبية وأثرها على المنتج الشعري، وآثرت التركيز على زاوية أخرى، وهذا حق مشروع، فهكذا تختلف زوايا النظر لتزيد المشهد ثراءً، وكذلك الأستاذ الحرز لم يشتغل في مقاله على لب موضوعه (الشعرية) التي انشغل بها المشهد الثقافي الأحسائي، أو على تقييم مستوى(مكامن الشاعرية) على حد تعبيره بل اشتغل على هامش الموضوع حين تناول الجوائز كدافع من خارج الحالة الشعرية، فهذا حديث عن الدافع والحافز وليس عن واقع الحالة الشعرية نفسها ومدى حضورها في المنتج الأحسائي، وسؤالي هو: هل هناك تعارض بين التكريم والمنافسة من جهة وبين أصل وجود الموهبة الشعرية من جهة أخرى، أم أن هذا التعارض مصطنع وموهوم؟!، هل ناقش المقال أصل وجود الموهبة الشعرية؟!.
وبمثل ما صنع أستاذنا الحرز أو على ذات المنوال، يمكننا أن نتناول موضوع الإبداع الشعري وعلاقته بالمسابقات ورأي النقاد الذين يرون فيها رأي أستاذنا الحرز، لا من زاوية تقييم مستوى الإبداع نفسه كما هو في الواقع، ولا من زاوية تقييم أثر المسابقات على مستوى الإبداع، ولكن من زاوية سوسيوثقافية مختلفة، وبالعود إلى التغيرات الاجتماعية التي ألمحت إليها في بداية المقال يمكن القول أن ثلاثة عوامل ساهمت في تضاؤل المكانة الاجتماعية وصورة (النخبة) في المجتمع الثقافي الأحسائي، فمن جهة تغيّر مفهوم الثقافةِ رسميا ليصبح أقرب إلى الفنون والاستثمار الفني وتكاد الأندية الأدبية تتوارى عن الساحة الثقافية لا سيما في المنطقة الشرقية، ومن جهة ثانية أصبحت ساحات التواصل الاجتماعية عاملا مهما في الحراك الثقافي والتفاعل الاجتماعي معه، ومن جهة ثالثة دخلت على الخط بعض الملتقيات الأدبية بما لديها من إمكانات وتنظيم جيد، وقد خدم العاملان الأخيران بالخصوص هذا الحراك الاجتماعي والتداعي لدعم الشاعرة حوراء الهميلي.
و في المقلب الآخر لا يبدو أن هذه العوامل الثلاثة تعمل لصالح جيل ينتمي إليه الحرز (المنظر النخبوي) حيث يبدو وكأنه ينتمي إلى حقبة أفل نجمها، في حين أن جاسم الصحيح (لو أخذناه كعنصر مقارنة باعتباره ينتمي إلى نفس جيل الحرز) يعمل بطريقة تساير هذه العوامل، أو هو على الأقل أقرب إلى عنصري التقنية الجماهيرية وساحات التواصل الاجتماعي والملتقيات الأهلية الفاعلة التي دعمت الشاعرة كما دعمها هو شخصيا، حيث يبدو كواجهة دعم للجميع وعلى علاقة طيبة مع الجميع، ليس داخل الحراك الأدبي وحسب بل أكثر من ذلك من خلال المناشط الاجتماعية الأخرى، وبصفر مشاكل مع الجميع تقريبا، وبالرغم من الإضاءات النقدية للحرز على بعض المواهب الأدبية في المنطقة، وبالرغم من أن الأستاذ الحرز ليس تصادميا فيما يختلف فيه مع الآخرين-وأنا هنا لا أحجز على حقه في الاختلاف- إلا أنني أظن أن بينه وبين مجمل الشرائح الاجتماعية والثقافية الصاعدة حاجزا من نخبوية مفرطة إذا جاز التعبير.
من ناحية نفسية واجتماعية يمكن تفسير مقال أستاذنا الحرز وهو يطل علينا من نافذة (اليوم) التي ترمز إلى بقايا زمن النخبوية الكلاسيكية، من هذه النافذة التي تنازع من أجل استنشاق جرعات أكسجين إضافية تمدها بالمزيد من لحظات الحياة، وأرى أن كلامه ينبع من خانة الخسران بدرجة مساوية للدافع الموضوعي الذي يدفعه للانتصار للشعر على ما يبدو من مقاله.
ومع ذلك لا أرى مداخلة الأستاذ الحرز في الموضوع أمراً مُدانا أو مستنكرا، ولا أريد مناقشة الأستاذ الحرز كناقد وأديب له مكانته المعروفة، هذه فقط قراءتي لهذا التفاعل الاجتماعي وهي أقرب إلى الجانب الاجتماعي منها إلى الجانب الأدبي المحض، ومن الطبيعي أن تحظى أي ظاهرة سوسيوثقافية بقراءات من زوايا مختلفة نتفق أو نختلف معها بدرجة أو أخرى، وجميل أن خلقت الشاعرة حوراء الهميلي ومعها المجتمع مثل هذا الحراك والتموجات، وكل الذين ساهموا في هذه الموجة يستحقون الشكر بما فيهم أستاذنا الحرز.
أحترم وجهة نظرك، ولكني لا أرى الشاعرة خارج مقال الأستاذ الحرز لكي أحشرها، هذه قراءتك للموضوع وهناك العديد من القرّاء رؤوا خلاف ذلك، وأنا أحترم جميع التفسيرات، وبالتأكيد إذا كانت الشاعرة في صميم مقال أستاذنا الحرز فإن مناقشة مقاله هو نوع من الدعم وهو ما طالبت به مشكورا.
الاخ العزيز زكريا العباد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرات مقالاتك واتضح لي بأن لديك تأويلات خارج النص واقحمت شاعرتنا المبدعة حوراء بالموضوع وهو لا يعنيها من بعيد او قريب وانما مواضيع الاستاذ العزيز “ابا فراس ” سلسلة يكتبها ويدونها لصالح الادب والادباء.
ويتضح من خلال اسلوبك في المقال إنك تريد ان تقطف ثمار ابداع الشاعرة المبدعة وفقها الله فهي فخر لكل الشعراء فكسرت بظهورها حصر شعر الرجال.
اتمنى ومن كل قلبي ان تبتعدوا عن تأويلاتكم التي هي دس السم في العسل. وسيبقى الاستاذ الحرز رمزا من رموز الادب والنقد على مستوى العالم العربي.
ودعائنا الى المولى العلي القدير ان يوفق شاعرتنا في تكملة المشوار بكفاءة كما ابتدأت فهي شامخة كنخلة بالأحساء. ونصيحتي بان تشجع وتدعم بعيدا عن قطف ثمر ليس لك فيه نصيب
تحياتي