حسن عبد الجبار.. “شيخ” الهندسة الأول في القطيف وُلد قبل توحيد المملكة.. وعاصر سنة "المطاقة".. واحترف إعداد خرائط البناء

[من أوراقي]

بستان السيحة وسمر في الذاكرة

الحلقة (21)

حسن بن الحاج أحمد آل عبد الجبار

(1343هـ، 1925هـ – 14/8/1434هـ، 23/6/2013م)

قَومٌ وِلادَتُهُم مَجدٌ يُنالُ بِها

مِن مَعشَرٍ ذُكِروا في مَجدِ مَن وَلَدوا

الأحوص الأنصاري

مِنْ مَعْشَرٍ قَدْ سَموْا وَقَدْ كَرُمُوا

فِعْلاً وَطابُوا أَصْلاً إِذَا انْتَسبُوا

مَا إِنْ سَعَوْا في مَحامِدٍ رَفَعُوا

 لَها بِناءً فَعاقَهُمْ نَصَبُ

الشاب الظريف

مِن مَعشَرٍ أَخَذوا الفُضلٰى فَما تَرَكوا

مِنها لِمَن يَطلُبُ العَلياءَ مُتَّرَكٰا

الشريف الرضي

يَسقُطُ الطَيرُ حَيثُ يَنتَثِرُ الحَـ

 ـبُّ وَتُغشى مَنازِلُ الكُرَماءِ

بشار بن برد

عدنان السيد محمد العوامي

أتحسبني بالغت..؟، نعم, هو ذاك عند من لا يعلم سالف الأسرة التي أنجبت سميرَنا في هذه الحلقة، أما المحيطُ بها خُبرًا فيعلم أن الرجلَ:

سَمحٌ خَلائِقُهُ جَزلٌ مَواهِبُهُ

وافي الذِمامِ إِذا ما الأوفيا ذكروا

الخنساء

 

ومن أسرة نبيلة ذات شرفٍ تليد، ومجد باذخ. وإنما جنى عليها تواضعُها وزهدُها في الشهرة والظهور، فأخفى ذكرها، ومن هذه الأسرة ورث سميرُنا سجية التواضع هذه، فلم يسطع وهجه في الأوائل من ذوي المواهب.

اقرأ سيرة جدها الكبير الشيخ محمد بن عبد الجبار: (… العالم الفاضل الزاهد العابد، رفيع المقدار الشيخ محمد بن  عبد الجبار الكبير، وآل عبد الجبار بيت في القطيف عظيم، خرج منهم علماء فضلاء كثيرون، أصحاب مصنفات وفتاوي، وأصلهم من البحرين، من قرية سار، وسكنوا بلاد القطيف قديمًا، وهذا الشيخ معروف بالزهد والعلم، إلا أنَّا لم نقف له على ترجمة كغيره من علماء هذه البلاد، فلذا عميت علينا أخبارهم، وانقطعت أكثر آثارهم، وينقل تلميذُه وابن أخته العلامة الأوحد الشيخ محمد بن الشيخ عبد علي بن عبد الجبار “الآتي ذكره” كثيرًا من الفتاوى: كحجية الإجماع المنقول، وغيره، ولم أسمع بشيء من المصنفات ولا تاريخ للوفاة)([1]).

وقول الشيخ البلادي “رحمه الله”: (عميت علينا أخبارهم) ينبغي أن يوضع في سياق قوله: (وانقطعت أكثر آثارهم)، لأنه – بعد الترجمة الآنفة – أورد أربع ترجمات لعلماء، وعلماء شعراء من هذا البيت، بعضها مطوَّل، وبعضها ضمَّنه بعض أشعارهم، وآخرُ من ترجم له منهم الشيخ سليمان بن الشيخ سليمان آل عبد الجبار، وهذا اسمه مواطئ اسمَ أبيه، سكن مدينة ميناب([2]) من توابع العجم، ولم تفته الإشارة إلى مؤلفاته التي رآها([3]).

كذلك استدرك نجله الشيخ حسين بتعليق في الهامش قال فيه: (ومنهم “قده” العالم الكامل الشيخ عبد الجبار بن محمد بن أحمد بن علي بن عبد الجبار الخطي البحراني “ره”، تلميذ الفاضل الشيخ خلف ابن الحاج عسكر الحائري، قدس الله أرواحهم جميعًا). فأضاف جدين للشيخ محمد، وعن هذه الأسرة تحدث الشيخ علي ابن الشيخ منصور المرهون (رحمه الله) في كتابه شعراء القطيف، في ترجمته لأحد أعلامها وهو علي ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ حسين آل عبد الجبار المتوفّى سنة (1278هـ، فقال: (هو العلّامة المفضال، الشيخ علي ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ حسين آل عبد الجبار. كان هذا العالم التقي أحد أعلام بلادنا القطيف، ومفخرة من مفاخرها. ذكره صاحب (الأنوار) بما نصه:

«ومنهم العالم العامل الأمجد، الشيخ علي آل عبد الجبار. كان “رحمه الله” عالمًا فاضلاً حكيمًا فيلسوفًا شاعرًا أديبًا محققًا متتبعًا، له ديوان شعر كبير في مراثي الحسين، ومدائح أهل البيت “عليهم السلام”، وكان جيد الشعر، وله مناظيم كثيرة في الأُصول والتوحيد والتجويد وأحكام القرآن وسوره. وله مؤلّفات كثيرة، منها “ثمرات لب الألباب في الرد على أهل الكتاب”، فهو في آل عبد الجبار عين القلادة، مع العلم أن منهم الصلحاء الأبرار، والأتقياء الأخيار، وحتى اليوم يوجد منهم رجال أماثل لهم مكانتهم المرموقة في التقى والورع”. توفّي المترجم “رحمه الله” بالتاريخ المذكور تاركًا وراءه تلك الأيادي البيضاء، والآثار القيّمة، ومن بينها ديوان شعره)([4]). ليست هذه خاتمة المطاف، فعدة من تعرف إليهم الأستاذ نزار عبد الجبار خلال تتبعه للوثائق والمخطوطات من أعلام هذه الأسرة ستة وعشرون علمًا([5]).

شيخ في الهندسة

وسميرنا في هذه الحلقة الحاج حسن بن أحمد آل عبد الجبار (رحمه الله)، أحد شيوخ هذه الأسرة العريقة، لكن ليس بالمعنى الشائع لمعاني الشيوخ، أي علماء الدين، أو رؤساء القبائل، أو كبار السن، وإنما أردت شيخَ المهندسين المعماريين، والمدنيين، ورسامي الخرائط في القطيف، وشيخ هنا – أيضًا – ليس بالمصطلح المتداول بين علماء الدين بمعنى الأستاذ أو المعلم، وإنما من معنى: الأول، والأقدم، والأسبق، فهو أول مهندس معماري، ومدني، ورسام خرائط سعودي في القطيف. هذا ما عنيته (بشيخ المهندسين).

صورة زيتية لوالده الحاج أحمد آل عبدالجبار

صلتي به صلتان؛ صلة نسب، وصلة سبب، فأما صلة النسب فلها رباطان؛ الأول: زواج عمي السيد علي (رحمه الله) من ابنة أخت أبيه غير الشقيقة، والثاني زواج عمي السيد حسن (رحمه الله) من إحدى كريمات أسرته القريبات، وزواجي أنا من كبرى بناتهما.

هذا هو رباط النسب، وأما رباط السبب فإن مصاهرة عمي لوالده الحاج أحمد (رحمه الله)، وثَّقت الصلة بينهما، فكان يعرِّج على بيتنا في قرية التوبي؛ لكي يصطحبه معه إلى نخل له في قرية (الآجام) كلما أراد الذهاب إليه للنزهة أو غيرها، ذلك النخل يسمى (قُوَّة) يقع في الطرف الشرقي من قرية (الآجام)، ولتعلقي الشديد بعمي أتاح لي امتطاء عاتقيهما كلما أزمعا الرحلة إلى ذلك المتنزَّه.

تتأفف متبرِّما، كأنك تقول: لقد شرقت وغربت، حتى أسرفت في سرد أمجاد هذه الأسرة الكريمة، فلم تنس حتى نزهاتها فأين هو السمير متسنِّم العنوان؟

أقول مهلاً، فالإجمال – في الأعم الأغلب –  سبيله القفز على الزمن، والقفز على الزمن نتيجته تجاوزٌ لما زخر به ذلك الزمن من ثراء علمي، وغنىً أدبي وثقافي، طمست آثاره، وعفِّيت رسومه. وفي ذلك ما فيه من طمرٍ وتغييب لتاريخ بلد بكامله وحضارته وأدبه وعلومه، ومثل هذه الإلماعات – في رأيي القاصر – مطلوبة؛ إذ ربما شجعت من لديه شيءٌ منها على أن يبرزه، وما أظنك تخالفني في أن تدوين السير يصبح ترفًا ثقافيًّا تافهً ولغوًا سمجًا إذا لم يهتم بالميزات والخصائص والمواهب، فأنت نفسك لن تقبل أن أضيع وقت الثمين في الحديث عن شخص كل مواهبه أناقة مظهر، وغلاء ملبس. وفخامة مركبة، فلك الحق في مطالبتي بما لدى السمير منها، وإني مبينها لك بإذن الله.

سيرته

حين هممت بعرض سيرة هذا السمير الجليل انتصبت قبالتي بيئة الحقبة التي نشأ فيها، فميلاده كان سنة  1343هـ 1925هـ، هذا يعني أنه في سنة 1348هـ 1929م، قد بلغ الخامسة من عمره، فهو شاهد صدق على ثلاثة أحداث كبرى مرت بها المملكة، أولها “سنة الجهاد” المثني، وثانيها سنة المطاﮔة (البطاقة)، وثالثها  “الانقلاب الكبير” وهو تفجر البترول. هذه الأحداث يحتاج جيل اليوم لمعرفة تفاصيلها. 

أولا – سنة الجهاد المثني

لعوام الأجداد وعنهم أخذ الآباء الطريقة القديمة في التأريخ للأحداث بأن يعطوا الحدث اسمًا يتخذونه تاريخًا له؛ مثل حرب البسوس، وداحس والغبراء، وليلة الهرير، إلخ، فجعلوا (سنة الرحمة) تأريخًا لوباء الهيضة (الكوليرا) الذي اجتاح البلدان الخليج([6])، و(سنة الطبعة) تأريخًا لإعصار ضرب الخليج فأغرق العديد من السفن([7])، فمن هذا الباب تأريخهم سنة 1348هـ بـ (سنة الجهاد المثني)([8])، ويبدو أن هذه الطريقة في التاريخ عالمية، وليست محلية، فعالميًّا أرخت تلك السنة باسم حادثة انهيار بورصة وولستريت The Wall Street Crash of 1929 في يوم الثلاثاء ٢9 أكتوبر عام ١٩٢٩م، الموافق 19 شوال ١٣٤٨هـ، وهو ما عرف بالثلاثاء الأسود (Black Tuesday)، أو انهيار بورصة The Wall Street Crash of 1929، وهو التاريخ العالمي لهذا الحدث الكبير الذي وقع في تلك السنة، وأسموا السنة باسمه، فهي – إذن – أزمة اقتصادية عالمية شملت العالم كله.

وقد سبق لي أن ألممت بهذه الأزمة في أكثر من مناسبة، فكتبت: (كانت الحكومة تتقاضى ضريبةً تعرف بالجهاد، مقابل الإعفاء من الخدمة في الجيش، إلى جانب الضرائب الأخرى المعتادة كالزكاة والمكوس، وضرائب البلدية: رسوم إنارة وأرضية، وباج، ورفتية([9])، وغيرها، وازدادت الحال شدة بوقوع الأزمة الاقتصادية العالمية بانهيار بورصة (وول ستريت) في يوم 24 أكتوبر عام 1929م، 1348هـ، ولم تكن المملكة استثناءً من بقية الدول، فنضبت مواردها المالية، فلجأ الملك إلى مضاعفة ضريبة الجهاد بما عُرف بـ (الجهاد المثني)، أي المضاعف؛ لتوفير الأموال اللازمة لنفقات الدولة.

 كان أمير القطيف – آنذاك – محمد بن عبد الرحمن بن سويلم، وكان بين الموظفين العاملين لديه أخوان هما عبد المجيد وعمر آل مرجان، فأشار عليه أحدهما بأن يحتجز أشرعة السفن وسُكُنَها لمنعها من السفر، فاضطر الأهالي للجوء إلى مهاجمة المرافئ والاستيلاء على الأشرعة المحجوزة، فقوبلوا من حرس المرافئ بالرصاص، فاضطروا لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم، وهكذا انقدحت نار الفتنة)([10]).

تدخل عقلاء البلد – وفي مقدمتهم علماء الدين ومراجع التقليد – بمفاوضة حملة السلاح، وإقناعهم بالتهدئة وعدم التصعيد، ومن جانبه قام الشيخ علي بن حسن علي الخنيزي أبو عبد الكريم بانتداب شخصيتين من خواصه هما الشيخ محمد علي الجشي، والزعيم الوطني علي بن حسن أبو السعود، وزودهما برسالة إلى الملك عبد العزيز “رحمه الله”، وبما عرف عنه من حنكة وروية، أسقط الضرائب كلها بما فيها ضريبة الجهاد، وأمن الفارين إلى خارج البلاد([11])، وبذلك أطفأ الحريق وأخمد الفتنة.

ثانيًا: سنة المطاﮔـة (البطاقة)

 كان سميرنا قد بلغ السادسة عشرة في السنة المؤرخة بـ(سنة البطاقة)،  فمن المتيقن  أنه أدرك الحرب العالمية الثانية التي نشبت بين الحلفاء ودول المحور عام 1939م، 1358هـ، إبان هذه الحرب، وبالدقة عصر الجمعة، السابع عشر من رمضان، 1359هـ، 18 أكتوبر 1940م، أقلعت من جزيرة (رودس) في البحر الأبيض المتوسط، أربع طائرات محمَّلةً بالقنابل، وهدفها تدمير مصافي البترول في بلدة المعامير بجزيرة سترة في البحرين، وفي فجر 18رمضان 19 أكتوبر – تشرين الثاني، اجتازت تلك الطائرات سماء القطيف متَّجهة إلى البحرين، فبلغت ثلاثٌ منها هدفها ودمَّرت مِصفاة النفط فيه، أما الرابعة فضلَّت الطريق، وانفصلت عن السرب، وعبرت أجواء الظهران، وحين شاهد قائدها الأضواء ظنَّها منشآت نفط فألقى عليها ما تحمل طائرته من قنابل، لكنها سقطت في البر. أدت هذه الحادثة إلى اعتبار الخليج منطقةَ حرب، فأحجمت السفن التجارية عن دخوله، ولأن ما تنتجه القطيف آنذاك من الرز والحنطة لا يسدُّ حاجة السكان، اضطرت الحكومة إلى تقنين الأغذية، فأعطت الأسر بطاقات تموين تحدد ما تستحقه الأسرة من الرز والسكر، فأرخوا تلك الحادثة بسنة البطاقة، واستعاض الناس بالجريش، إذ إن رز الهندية الذي كان يزرع في القطيف آنذاك لم يعد يكفي، فسموها (سنة الجريش)([12]).

ثالثًا: ظهور النفط

المعروف أن أغنى مناطق الساحل الشرقي لجزيرة العرب هي الأحساء والقطيف والبحرين، بما وهبها الله من نعم وفرتها لها خصوبة أرض ووفرة مياه، إلى موقع جغرافي متميز، فكان السكان يحيون حياة هانئة، هادئة مستقرة، أقرب إلى السكون، وبالرغم مما يكتنف الحياة في تلك الفترة من مشاق، إلا أنَّ تلك المشاق كانت سببًا أساسيًّا في الاعتماد على الذات، فكانوا يأكلون مما يزرعون، وأما اللباس فبعضٌ يصنعون، وبعضٌ يخيطون، وكان منهم النجار، والقلاف، والحداد، والخياط، والصفار، والحائك، ومن أدرك السوق المعروفة بسكة الحرية فهو يتذكر كم من الصنائع كانت تمارس في دكاكينها، حتى المسامير بأنواعها كانت تصنع فيها وأما الحاكة فلهم حارتهم المعروفة بـ(فريق الحاكة)، بين بلدتي الكويكب والشويكة.

وحين تفجر البترول وبدأ تصديره من ميناء رأس تنورة سنة 1356هـ، 1937م لم تكن في البلد معاهد تعلم الصناعة، لكن حين استقدم أمير القطيف محمد بن عبد الرحمن بن سويلم سيارة سنة 1348هـ، 1929م، لم يعدم من أحسن قيادتها وإصلاحها، وحين استورد أحمد بن حسين السنان الراديو، (فيلبس يعمل ببطارية السيارة) ([13]) كان في القطيف، من يشحن بطاريته، ويصلحه إذا خرب، وقبل ذلك كان الأغنياء والوجهاء يمتلكون أنواع الساعات الجدارية وساعات الجيب (راس كوب)، فوجد من يصلحها علي بن سعود أبو السعود، الملا باقر المدن.

كانت سيارات الركاب في تلك الفترة ترد هيكلاً فقط، ليس فيها إلا الإطارات والساشي، والمكينة والزجاجة الأمامية، ويتم صناعة مقصورة الركاب في القطيف، وباتساع استخدام السيارة، ظهرت الحاجة قامت في القطيف صناعة مقاصير  الركاب في السيارة بأيد قطيفية، توفي معظمهم، وبعضهم ما زال حيًّا أطال الله عمره وممن عمل في هذه الصنعة الحاج أحمد عاشور، والسيد حيدر الأخضر، والحاج حسن بن حسن الدهان (رحمه الله) وأخوه الحاج علي أطال الله عمره، ربما غيرهم، لا أذكر الآن، في منجرات هؤلاء كانت تصنع مقاصير الركاب لشركة الخط الأزرق، التي أسسها الحاج عبد المنعم السنان وأخوه عبد الرسول، وشريكهما الحاج سعود أبو السعود، وعملت ردحًا من الزمن بين الطهران والخبر والدمام والقطيف، وكذلك نقل عمال شركة أرامكو من مقر عملهم في الظهران إلى القطيف، إلى أن تولت الشركة نفسها نقل عمالها، فأسندت هذه المهمة للمقاول با خشب. فتوقفت السيارة القطيفية عن نقل العمال، لكنها استمرت في أداء عملها الاعتيادي.

سيرة سميرنا الذاتية

بدأ حياته العملية مع والده الحاج أحمد حسن العبد الجبار (رحمه الله) في تجارة الأقمشة، وما لبث أن استهواه الظهران فترك العمل التجاري وانتقل للعمل في شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) أسوة بغيره من الزنود القوية التي قام عليها صرح هذه الشركة العملاقة: أبناء  (القطيف والأحساء)، وغيرهم من شباب المملكة، وإخوانهم من أبناء البلاد العربية.

هذه رواية ولده الأستاذ زكي، لكن المهندس زكي الحاج عباس الخنيزي يتذكر: (قبل أن يعمل حسن عبد الجبار في أرامكو جلب ماكنة منشار كهربائي، وفتح ورشة بالقرب من محل المصور الكبير عبد الصاحب أبو السعود، وبدأ العمل في أعمال النجارة، وكان يساعده شاب من حي الزريب اسمه حبيب الآي، ولعل هذه واحدة من خصائصه، ما لم يتبين من جلب المنشار  كهربائيًّ قبله.

كان عمله في الشركة في ورشة للنجارة، وكان هذا القسم يتفق مع ميوله الهندسية: رسم وتخطيط وتنفيذ ما تحتاجه الشركة من أثاث لمكاتب الموظفين.

– قام (رحمه الله) بجهد ذاتي، بتطوير ملكة الرسم الهندسي لديه، مستفيدا من مجال عمله بالشركة الذي يتطلب تنفيذ ما يطلب منه في ورشة النجارة، إلى الرسم الهندسي لعمل خرائط ومخططات البيوت الحديثة (المسلحة).

– بعد أن تمكن من معرفة أسرار عمل خرائط البيوت، أفرد غرفة من غرف المنزل واستعملها مكتبًا لعمل خرائط البيوت، كعمل إضافي يقوم به بعد أن يرجع من عمله الرسمي بشركة أرامكو بالظهران.

– ولأنه (رحمه الله) لا يملك شهادةً رسمية تسمح له بمزاولة العمل الهندسي، كان يلجأ إلى مكتب هندسي بالدمام (مكتب عمر بوشناق الهندسي) لمراجعة ووضع ختم المكتب على المخططات والخرائط التي يرسمها لتصبح مقبولةً نظامًا لدى البلديات والإدارات الحكومية الأخرى.

– بعد سنين طويلة من العمل في شركة أرامكو، وبعد انقطاع عن العمل لأسباب خاصة، انتقل للعمل في شركة بترومين.

–  مع بداية الطفرة الاقتصادية في المملكة استقال من بترومين واشتغل في مقاولات بناء البيوت وأسس له مؤسسة مقاولات تحت اسم (مؤسسة حسن العبد الجبار للمقاولات العامة).

– كانت له بعض الأنشطة الاجتماعية المحدودة للغاية، منها مساهمته ومشاركته في مشروع، شركة نقل أهلية لنقل الموظفين من القطيف إلى مقرات أعمالهم بمدينة الظهران، و أتذكر ان احد اجتماعات شركة النقل الأهلية، تعقد في منزله في حي السطر، كما أتذكر انه كان يقود حافلة من حافلات شركة النقل الأهلية ، لفترة محدودة بسبب النقص الذي حدث في عدد السائقين في بدايات المشروع ..   

-استمر بالعمل في المقاولات إلى أن تقدم به العمر وشعر بأنه بحاجة للتقاعد عن العمل. فأخلد إلى الراحة في منزل ولده زكي بحي الدوحة إلى أن اختار الله وديعته في 14/8/1434هـ، 23/6/2013م. تغمده الله بواسع رحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جنانه.

مع شقيقه الحاج علي

مع شقيقه عبدالمحسن

أمام أحد المنازل التي بناها في القطيف

مع احفاده أيمن ونايف وسمه ومدى

يتناول غداءه بعد عودته من العمل مباشرة

في ليلة زفاف كُبرى كريماته “هدى” إلى عبدالرزاق البيش

مع ابن اخته عبد العزيز عبد الله الزاير

مع زوج حفيدته الدكتورة رحاب” الدكتور محمد حمزة الخباز في ليلة زفافهما

مع ابنه زكي و حفيديه محمد وهادي وحفيدته نداء ابنة المرحوم ابنه عبد الرؤوف،في حفل زواج ابنته آمال و فتحي الجامد.

مع ابنه فوزي وحفيده نايف وحفيدته لينا

مع حفيده فارس فتحي الجامد في ابن صُغرى بناته “آمال”

في سوق الخضار

مع إبنه عادل و حفيديه وضاح وفواز

في حفل أكبر احفاده، بشار سعيد حسن العبد الجبار

في رحلة إلى البحر يعد ” البارببكيو” مع ابنه زكي

———- هوامش

([1])أنوار البدرين، في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين، الشيخ علي بن الشيخ حشن البلادي، البحراني، مطبعة النعمان، النجف، 1380هـ، 1960م، ص: 316.

([2])مدينة على الساحل الشرقي من الخليج، إلى الشرق من بندر عباس، يبدو أن القطيف كانت من توابعها، بدلالة ختم حاكمها محمد شاه على وثيقة وقفية الحاج سنان بن الشيخ راشد لنخل زدادان في جزيرة تاروت سنة 937هـ. الوثيقة مرفقة بالمقالة.

([3])أنوار البدرين، في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين، سبق ذكره، ص: 326.

([4])شعراء القطيف، مطبعة النجف، النجف، الطبعة الأولى، 1385هـ، جـ1/116، وطبعة شركة المصطفى لإحياء التراث، جـ1/135.

([5])الشيخ محمد آل عبد الجبار القطيفي – توثيق ببليوغرافي بآثاره المخطوطة والمطبوعة، دار روافد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ودار أطياف للنشر والتوزيع، القطيف، الطبعة الأولى، 1440هـ، 2019م، ص: 24.

([6])عنوان المجد في تاريخ نجد، الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر، النجدي الحنبلي، حققه وعلق عليه عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ، مطبوعات دارة الملك عبد العزيز، الرياض، الطبعة الرابعة، 1402هـ، 1982م، جـ1/459.

([7])رجالٌ عاصرتهم، السيد علي السيد باقر العوامي، مجلة الواحة، بيروت، العدد، 21،  الربع الثاني، 2001م، ص: 89 -93، الرابط: https://chl.li/Fcn6B، وكتاب رجال عاصرتهم، للسيد علي نفسه، الطبعة الثانية، طبعة محلية محدودة، 1434هـ، 2012هـ، ص: 177.

([8])https://chl.li/OthF 4.

([9])المُكُوس، ضرائب تؤخذ على السلع في الجمرك، والباج فارسية: أصلها ضريبة يأخذها قطاع الطرق من التجار لسلامة بضائعهم، واستعملت في التركية بمعنى رسوم تؤخذ على المبيعات، والرسوم المدفوعة، والهدايا، والرفتية، رسوم تؤخذ على مرور البضائع الداخلية. (المعجم الذهبي، محمد التونجي)، والمعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية. د. سهيل صابان، ص: 50، ومحيط المحيط.

([10])قطوف وحروف، عدنان السيد محمد العوامي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1440هـ، 2018م، ص: 278 – 279.

([11])رجال عاصرتهم، السيد علي السيد باقر العوامي، مجلة الواحة. العدد 18 الربع الثالث. عام 2000 م، الرابط: https://chl.li/n1Bu9 ، وكتاب رجال عاصرتهم، طبعة خاصة، الطبعة الثانية: ص: 82، 85- 88، و رجال عاصرتهم، السيد علي السيد باقر العوامي، مجلة الواحة. العدد 20  الربع الأول عام 2001 م، الرابط: وكتاب رجال عاصرتهم، السيد علي السيد باقر العوامي ص: 119 –

([12])انظر: إيتوري ميوتي، أسطورة إيطاليا الفاشية، حمد عبد الله)، الناشر المؤلف،، البحرين،  الطبعة الأولى، 2010م.ص: 103 – 117.

([13])رجال عاصرتهم، السيد علي السيد باقر العوامي، طبعة خاصة، الطبعة الثانية، 1434هـ، 2012م، ص: 48، و110.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×