حافلة نساء تدشّن أول زيارة سياحية لـ “خور تويتريت” الغريافي رافق فريقيْ زيارة.. وكتب لـ "صُبرة" تقريراً عن الموقع البيئي

“خور تويريت” الذي ظهر في الإعلام المحلي فجأة، وتحوّل اسمه إلى محطّ تساؤل، خاصة بعد نشر قناة “الإخبارية” تقريراً عنه، ضمن استطلاع ميداني لبلدة الأوجام.

“خور تويريت” الذي هرع عليه فريق من المجلس البلدي بمحافظة القطيف لمعرفة ما فيه، وماذا يُمكن أن يُعمل فيه..!

“خور تويريت”.. الاسم الغريب، والموقع الغريب، وشكله الذي لا يختلف عن “بحيرة الأصفر” المعروفة في محافظة الأحساء..

“خور تويريت”.. يبدو أنه يصلح مكاناً للزيارة السياحية.. هذا بالفعل؛ ما حدث حين زارته مجموعة من النساء، من القطيف وخارجها، قبل أيام..

“خور تويريت”.. تفاصيل ما حدث، وما يمكن أن يحدث لو اهتمّت الجهات المعنية به.

الباحث عبدرب الرسول الغريافي رافق زيارتين سياحيتين للموقع، وكتب لـ “صُبرة” هذا التقرير المفصل، وألحقه باقتراحات مهمة.

أول ريادة سياحية في تاريخ “خور تويريت”

مصدر الماء الذي ساعد الآجام على زراعة “العيش” قديماً

عبدالرسول الغريافي

عبدرب الرسول الغريافي

لعل هذه البادرة هي أول الغيث في السياحة القطيفية نحو ما يُعرف بـ  “خَوْر تويريت” الشمالي في الآجام حين توجهت مجموعتان سياحيتان،خلال هذا الشهر، نحو الخور الشمالي بقصد التعرف إليه عن كثب، والاطلاع على بيئته والعناصر المحيطة به.

منذ منتصف الثمانينات وأنا أتابع ما يحدث في منطقة تويريت غرب الآجام، تلك المنطقة المليئة بالعيون والـ “كواكب”، بالإضافة إلى خوريها الشمالي والجنوبي في المنطقة التي تعرف أيضا بـ “الكويكب” لكثرة ما فيها من “كواكب”. وهذه الكلمة تعني عيوناً محفورة في الأرض تشبه كواكب عيون سيح واحة القطيف بشكل عام.

مربعة الشكل طول كل ضلع منها يتجاوز ثلاثة أمتار، والماء يغطيها حتى فوهتها ولكن مياهها ليست متدفقة كالعيون الجوفية المعروفة، وإنما يثبّت فوقها الفلاحون ما يُعرف بـ “المنطل” أو الدلو لجلب الماء منها إلى مزارعهم.

“تويريت” أو “الكويكب” منطقة زراعية واحده غنية بالمياه وقد اشتهرت ـ سابقاً ـ بزراعة “العيش الأحمر”، وهو الرزّ المعروف محلياً بالهندية، وكان آخر من زرعه فيها هو المرحوم محمد بن دخيل الناصر، وكانت مزرعته تطل على خور “تويريت” الشمالي مباشرة.

الخور عند أهل الخليج هو منخفض من الأرض بين مرتفعين، أو لسان من البحر يكون في البر، على شكل خليج صغير، وكذلك هو مصب من الماء، وقد ورد ذكر هذا التعريف في كل من “لسان العرب” و “تاج العروس” و “المحيط في اللغة” و “معجم اللغة العربية المعاصر” و “الرائد” وكذلك “المعجم الوسيط”.

كما يعرف في بعض المناطق بالـ “هور” وجمعها أهوار (كما في العراق) حيث يعرفها كل من “المعجم الغني” و “المعجم الوسيط” بأنها بحيرة تجري إليها المياه او بحيرة تندفع إليها المياه.

لماذا غرب القطيف..؟

إن سبب تكوين هذه الأخوار بهذه الكثرة في قرى القطيف الغربية هو أن عيون قرى محافظة القطيف الغربية ـ بعد أن تسقي المزارع والبساتين ـ يتجه فاضل مياهها إلى الأراضي الغربية المنخفضة فيشكل تلك الأخوار، وهذا على عكس قرى القطيف الشرقية التي تقع شرق البدراني أو في وسطه؛ فإن مياهها تمر من خلال (السابات) والمصارف (السدود) متجهة إلى الشرق حيث تصب في النهاية في بحر الخليج.

منذ تلك الفترة المذكورة وأنا في سعي متواصل من أجل تعريف هذين الخورين، تارة بنشر الصور، وتارة بالكتابة عنهما، وتارة عن طريق التعليق عبر بث مقاطع الفيديو. وكان الهدف من ذلك أيضا محاولة منع تلويث هذا المعلم الطبيعي وإيقاف دفنه بالنفايات أو بأنقاض المباني الجائرة.

خور تويريت الشمالي يُعرف أحياناً بخور “أبو حوار”، وكذلك الساب الجنوبي الذي يصب فيه، ويعرف بنفس الاسم (ساب أبو حورا) ومعها الساب الشمالي، وفيها تعشّش الكثير من الطيور المهاجرة من المناطق الباردة شتاء، ومنها النورس واللوهة (الغار) والفناتير (الفلامينجو) والسنونو ودجاج الماء والبط الطيار والقمري، وغيرها جميعها معالم تستحق أن تولى بالعنايات الفائقة لأنها تستحق أن يستمرّ وجودها.

كانت لتلك المحاولات من أجل تعريف تلك الأخوار والدعوة إلى زياراتها أصداء، ولكنها وئيدة ضئيلة، فتارة تكون على شكل نزهة مع الأصدقاء، وتارة مع الفلاحين المجاورين للخورين من أجل الحصول على بعض المعلومات.

وذات مرة كانت برفقة مع هواة السياحة بالدراجات الهوائية وقد (دشنوا) قواربهم الهوائية وجابوا بها انحاء الخور بالتجديف.

بعد فترة وجيزة تعاقب بعض المهتمين بهذا الشأن بالتحدث عن “خور تويريت” الشمالي، عبر اليوتيوب، إلى أن توصل إليها إعلامنا السعودي الرسمي حين بثت قناة “الإخبارية” مقطعاً تتحدث فيه عن خور تويريت الشمالي بريف الآجام.

لعله على إثر بذل جميع تلك الجهود وانتشار الأخبار عن ذلك الخور، فقد أصبح معلوماً لدى الكثيرين من المهتمين بهذا الشأن. وقد اتصل البعض منهم من أجل إبداء رغباتهم في التنسيق للقيام بجولة سياحية حول خور تويريت.

تقدمت مجموعتان جاءتا من مختلف بقاع المنطقة الشرقية؛ من أنحاء القطيف ومن الدمام والخبر والأحساء، وقد كانت زياراتهم على دفعتين مكونتين من نساء ورجال كان لهم اهتمام بالسياحة والاكتشافات في انحاء الوطن. وكان حماسهم للوصول إليه كبيراً، وحرصهم شديداً على معرفة المزيد من المعلومات حول خور تويريت وما حوله من المزارع والعيون والكواكب.

وصلت المجموعة الأولى يوم الاثنين ٥ جمادى الثانية ١٤٤٢ الموافق ١٨ يناير ٢٠٢١، وتلتها مجموعة ثانية يوم الجمعة ٩ جمادى الثانيه ١٤٤٢ الموافق ٢٢ يناير ٢٠٢١.

كلتا الرحلتين تمت بنجاح دون عقبات في السير، أما الانطباعات العامة فقد جاءت منهم “أنها تستحق الزيارة”. ولكن بقدر ما أدخلت مشاهد ذلك الخور على نفوس السائحين من سرور وبهجة، ظهرت على وجوههم آثار الدهشة والامتعاض بسبب إهمال مثل هذه المعالم وتركها مجهولة ومهمشة وعرضة للتلوث، بسبب ما يساء لها من قبل البعض.

كانت لهم وجهات نظر حكيمة وتصورات جميلة وآراء هادفة حول مستقبل هذا الخور، إذ كان بعضهم يقوم بإجراء مقارنات بين خور تويريت في آجام القطيف وبين بحيرة الأصفر في الأحساء من حيث كيفية تكوينهما، وهو توجه ما تبقى من مياه العيون والري إلى مناطق منخفضة محصورة شكلت مسطحات مائية.

 

مقترحات

لا يسعني في الأخير سوى أن اتقدم بمقترحاتي حول هذا الخور لما له من أهمية فأهيب -أولا- بالجهات المختصة من البلديات والجهات المسؤولة عن السياحة والمسؤولة عن الآثار بأن توجه اهتماماً يكفل لهذا الخور التواصل في مسيرة بقائه كما كان موجوداً في سالف الزمان، ومد يد العناية لإزالة النفايات وبقايا أنقاض المنازل الواقعة في أطرافه وتشوه شكله وتقلص مساحته وتحوله إلى مستنقع ينفر منه المارة.

ومن وجهة نظري أيضا اقترح إنشاء متنزه حوله ورصف الطريقين الترابيين المارين من جانبيه الشرقي والغربي، مع أنشاء مواقف للسيارات، ومنع الشاحنات من تقريف النفايات والأنقاض من حوله، ليصبح منتجعاً يقصده السائحون أسوة ببحيرة الأصفر في الأحساء.

كما ويُقترح تحسين واجهات الكواكب التي هي من حول خور تويريت ووضع حماية للسلامة حولها بحيث تتيح للسائح رؤيتها عن كثب كمعالم أثرية قديمة دون التعرض للسقوط فيها.

ومن وجهة نظري كذلك أتمنى المبادرة من اللجان التطوعية في القطيف التي كانت لها أياد بيضاء على تنظيف وتزيين كورنيش القطيف وكذلك التي اهتمت بأشجار القرم أو الشورى (المنجروف) وقامت مشكورة بتنظيف الجوانب الساحلية ردحاً من الزمن.. أقترح أن تواصل مسيرها للشروع في تنظيف وتزيين هذا الخور، وذلك بعد طلب الإذن من الجهات المختصة.

في الرحلتين السياحيتين لخور تويريت الشمالي هناك من الأحسائيين من كانوا يقارنونه ببحيرة الأصفر بالأحساء، بعضهم قال إنه بنفس حجمها، وبعضهم قرر أنه أكبر أو أصغر.. فلو أتيحت كل هذه الخدمات والعنايات لخور تويريت الشمالي على الأقل ليكون أسوة ببحيرة الأصفر في الأحساء؛ في يوم ما وكللت هذه المجهودات والمساعي بالنجاح ـ وكلنا أمل في ذلك- فحتما أنه سيكون أحد المعالم الإثرائية المهمة في عالم السياحة في هذه المنطقة.

 

اقرأ أيضاً

“خور تويريت” ملوّث.. وبلدي القطيف يبحث حلّ مشكلاته قبل استغلاله سياحياً

“بلدي القطيف” يناقش خدمات 29 مقبرة.. وتحويل “خور تويريت” لموقع استثماري

‫2 تعليقات

  1. كلمة شكر لا تفي بحقك أخي العزيز ابا محمد على اهتمامك الدائم والمنقطع النظير بالحفاظ على تاريخ وتراث بلدنا الحبيبة القطيف. ربي يحفظك ويطول عمرك في خير وصحة وعافية وان شاء الله اعمالك هذه لا تضيع عند الله، وتقبل مني خالص الشكر وصالح الدعاء ?❤️?

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×