منتدى الثلاثاء: الأخلاقيات تُهذب استخدام التكنولوجيا حتى لا تُصبح عدوةً للإنسان بلادنا مقبلة على مرحلة مهمة في علوم الفلسفة
القطيف: صُبرة
قال أستاذ المنطق وفلسفة العلوم في جامعة الكويت الدكتور محمد أحمد السيد إن علم الفلسفة لا يزال حديثاً في دول الخليج، ما عدا الكويت، مشيراً إلى أن “السعودية مقبلة على مرحلة مهمة في هذا المجال حيث تعد مناهج تعليمية جديدة ومتقدمة ستكون متميزة عالمياً في هذا المجال بعد فترة اتسمت بالحذر والتخوف من تعليم الفلسفة التي لها تأثيرات إيجابية كبيرة على فهم مختلف العلوم التي لا تنفصل عن الفلسفة”.
وشارك الثقافي أمس (الثلاثاء) في محاضرة بمنتدى الثلاثاء الثقافي ضمن ندوة علمية فلسفية تحت عنوان “فلسفة التكنولوجيا ومستقبل الانسان”، أدارها المهندس حسن الحاجي، الذي قدم المحاضر بأنه حاصل على شهادة الدكتوراه في المنطق وفلسفة العلوم من كلية بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، وسبق له ان عمل مديراً لبرنامج الدراسات العليا في جامعة الكويت، وهو عضو الجمعية الفلسفية الأمريكية، ولجنة فحص ومراجعة الكتب في المركز القومي للترجمة في القاهرة، ولجنة الفلسفة والأديان بمكتبة الإسكندرية، وصدرت له مجموعة من الكتب والدراسات العلمية.
القدرة على التنبؤ
وأضاف الثقافي أن التكنولوجيا (أي التطبيق) كانت في العصور القديمة منفصلة عن العلوم النظرية التي تهدف الى تفسير الأسباب والاجابة عن الأسئلة والكشف عن الظواهر والقدرة على التنبؤ، أما في العصور الحالية، فقد أصبحت التكنولوجيا مبنية على العلوم ومتصلة بها.
وواصل حديثه قائلا إن “فكرة الموضوعية والحياد في العلم تغيرت، وأصبحت هناك موجات من التغيير المتأثر بالعوامل السيكولوجية والسوسيولوجية، التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من النظرية العلمية، وأن التكنولوجيا ما هي إلا صورة من صور التطبيق للقاعدة العلمية”. وقال إن الحضارة اليونانية كانت مزدهرة في الجانب النظري، وليس التقني والتطبيقي وكانت لهم اسهامات نظرية كبيرة في مختلف مجالات العلوم، واعتبروا النواحي التطبيقية من أعمال العبيد، وليس العلماء، أما الحضارة العربية والإسلامية فقد كان لها إنجازات عملية وتطبيقية هائلة كالمراصد وغيرها، واستفادت منها الحضارة الأوروبية في مجالات عدة، وانطلقت النهضة العلمية في أوروبا لأنها جاءت كثورة شاملة في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية كالفنون والآداب والعلوم وغيرها”.
وتناول الثقافي الرؤى المختلفة حول دور التكنولوجيا وتأثيرها موضحا أن هناك “رؤيتين مختلفتين حول تأثير التكنولوجيا على الانسان: أنها الملاذ المخلص للإنسانية كمصدر لسعادة الانسان وحل كل مشاكله، والأخرى أنها سبب في مختلف أمراض العصر كالاكتئاب والامراض النفسية والجسدية التي ظهرت حديثا”، مضيفاً أن هناك “تصورات مستقبلية خطرة لدور التكنولوجيا في علاقتها بالإنسان كالعمل على تفريغ عقل الإنسان وإعادة تحميله وتأثير ذلك على الوعي وفض أسراره وذلك قد يؤدي إلى تطورات غير قابلة للسيطرة عليها”.
وأكد أن القوة الحقيقية للمجتمعات هي “امتلاك العلوم، وليس نقل التكنولوجيا لغرض فهم العلوم التي تقف خلفها وتطويرها، والهندسة العكسية التي كانت سائدة في السابق لم تعد ذات جدوى حالياً، والدليل أن جائزة نوبل تهتم بالعلوم الأساسية، وليس النقل”، مشيراً إلى أن “نجاح تجربة الصين جاءت من خلال القدرة على نقل العلوم عبر الابتعاث المتواصل لآلاف الطلبة لتلقي الدراسات العليا والتدريب في الغرب ثم اغرائهم للعودة ونقل العلوم لبلادهم، وحاجز اللغة فقط يقف امام سيادتهم العالم حاليا”.
وأنهى الثقافي حديثه قائلا إن “الاخلاقيات تلعب دوراً مهما في التوجيه السليم للتكنولوجيا، بحيث لا تصبح عدوة للإنسان، ومن بين الأمثلة تبديل أعضاء الانسان والقتل الرحيم ومحاربة الشيخوخة واطالة عمر الانسان باعتبار ذلك مرضا قابلا للعلاج”، موضحاً أن “كل الإنجازات العلمية تتأثر بالثقافة السائدة في المجتمع، وينتج عن ذلك أحياناً الاستخدام الخاطئ لمنتجات التكنولوجيا، وهناك حاجة مستمرة للتوعية والتنبيه من أجل الاستخدام الأمثل لهذه المنتجات، وينبغي وضع كوابح أخلاقية”.