شيعة وسنة.. الإسلام السياسي ليس من الوطنية في شيء..!

حبيب محمود

نعم؛ أتفق مع طرح الزميل حسن المصطفى في تقريره أن “وصف “الحركات الوطنية”، لا يمكن أن يُسبغ على “حركات الإسلام السياسي”، بشقيه السني أو الشيعي، لأن أي تنظيم ذي نشأة عصبوية، طائفية، هو بالضرورة مناقض لمفهوم “الدولة الوطنية”، كونه يجعل أساس تكوينه وخطابه الصفاء العقدي، وليس العقد السياسي الاجتماعي، الذي هو أساس العلاقة بين الشعب والقيادة السياسية في الفكر الحديث”.

صحيفة النهار اللبنانية، اليوم الخميس.

ومن صلب التجربة الواقعية؛ يقترب طرح الزميل المصطفى كثيراً من الحقيقة، إن لم قد أصاب كبدها. فعلى امتداد عالمنا العربي؛ لم تُفرز حركة سياسية متأسلمة واحدة نتاجاً ذا بالٍ؛ وطنياً. اللهمّ إلا في حالات تلوّنها السياسي أحياناً، والحقوقي أحياناً أخرى، وهذه حالات مخادَعة أو “نوم” يكشف عن انتهازيته في النُّهزة السانحة.

المتأسلم السياسي يرى الله ـ جلّ جلاله ـ سوطاً على الآخر المختلف، ونعيماً للذات المؤدلجة. يعامل الآخر على أنه عبءٌ يتطلّب التعامل معه إمضاء سياسة إقصاء فاضحة، إقصاء لا تُدركه حتى مروءة الجيرة، ولا حقّ المواطنة. وحيث تغلبُ القوة تغلب الأيديولوجيا.

والأخطر من حنَق الأيديولوجيا؛ هو خطر الارتهان إلى قوى تغرير سياسي خارجي، والتواطؤ على أفكار وممارسات مكشوفة الأوراق. لو درسنا حالة الإسلام السياسي في تنظيم “الإخوان المسلمين”؛ فإننا لن نعثر لديه على مشروع وطني لأي قطرٍ نشأ فيه.

الأخوان المسلمون وأمثالهم ـ من الشيعة والسنة ـ شبكات وتنظيمات تتوالد منها تنظيمات متشنجة؛ وصلت مآلات أكثرها اللاحقة إلى عنف وإرهاب وتدمير في الداخل الوطني، وضدّ شركاء الوطن، لا فرق ـ عندهم ـ بين شيعيّ ولا سني، ولا مسيحي.

حتى المتأسلمون المهاجرون إلى دول “الكفّار” ـ حسب توصيفاتهم السائدة ـ تنكّر اللؤمُ فيهم للأوطان البديلة التي آوتهم وخلعت عليهم جنسياتها وحقوق المواطنة فيها.

حتى الآن؛ لم تقدّم أي حركة سياسية متأسلمة إثباتاً صامداً لوطنيتها في أي بلاد نشأت فيه. ومثلما سقطت الحركات اليسارية والقومية في وحل التواطؤ الخارجي؛ سقطت الحركات الإسلامية أيضاً. بل إن استعراضاتها الوطنية لم تخرج عن التكتيك المرحليّ الذي سرعان ما يفضح نفسه بنفسه في الفُسح العابرة.

أيّاً كان مذهب الحركة السياسية؛ فإن واقع نماذجها يُشير إلى هذيان “شعاراتي” وقتيٍّ لعب على العواطف الدينية والمذهبية وعبث بمقدرات الأوطان، ومنح سياسات أخرى حقّ التدخل والمناورة والضغط السياسي. وها نحن شهودٌ على سقوط هذه المشاريع، الواحد تلو الآخر، وعودة المغرَّرين والمخدوعين إلى أوطانهم، وانكشاف حقيقة المانحين الخارجيين..!

الوطن في حاجة الجميع، وكلّ مكوّن فيه؛ إنما مصدر ثراء وتنوّع، ورافد مستقبلي يبني، ولا يهدم. الوطن لنا ولأبنائنا ولأحفادنا، ولذرياتنا، وليس لمذهب أو فئة أو عصبة أو تنظيم أو حركة.

تعليق واحد

  1. سؤال: نريد دليلا واحدا على تقديم الوطنية بالمفهوم المعاصر على ما يطلبه الإسلام من سياسة عالمية.
    بدون هذا يكون طلب الوطنية طلبا مخالفا للدين.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×